خلال اليومين الماضيين، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بفيديو متداول يظهر وزير التربية والتعليم السوري دارم الطباع برفقة مغترب يدعى “الشيخ المغترب” محمد المثقال، وهم يوزعون الأموال على المعلمين بطريقة اعتبرها المتابعون “مهينة ومذلة”، ما فتح باب الجدل حول الموضوع.

هذا ويتراوح متوسط ​​رواتب المعلمين والعاملين في القطاع التعليمي بسوريا بين 100-180 ألف ليرة سورية، وهو ما لا يكفي لمدة يومين في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية، خاصة وأن الدولار الواحد وصل اليوم لأكثر من 10 آلاف ليرة سورية، وبالتالي تتجه نسبة كبيرة من المعلمين للعمل في وظائف إضافية، بحيث يمكنهم تأمين قوت يومهم المعيشي.

انتقادات لاذعة

نحو ذلك، نشرت الصفحة الرسمية لـ”وزارة التربية السورية”، منشورا قبل يومين على منصة “فيسبوك”، معتبرة هذه المنحة المالية تقديرا لجهودهم وتفانيهم في العمل، مضيفة “كرّم وزير التربية الدكتور دارم طباع ورئيس مؤسسة المثقال المغترب محمد المثقال اليوم ٣٠٠ موظف من العاملين على تدقيق وتنتيج امتحانات الشهادات العامة في الوزارة”.

منشور الوزارة أردف أن “الوزير شكر العاملين على جهودهم وعملهم مشيرا لأهمية مراعاة الدقة والالتزام، فيما بيّن الشيخ المثقال أن المؤسسة أرادت أن توجه الشكر للعاملين على تفانيهم ودورهم التربوي الهام”.

كما أن صفحة “مؤسسة المثقال” على منصة “فيسبوك”، نشرت الفيديو حيث يظهر فيه الوزير السوري برفقة الشيخ المغترب المقرب من الحكومة السورية، فضلا عن نشر فيديو آخر يظهر فيه أيضا المثقال ومسؤول عن مؤسسة حكومية يوزع فيه المثقال ظروفا فيها أموال على المعلمين في أحد مراكز التعليم بسوريا.

هذا الفيديو تم تداوله بكثرة على مواقع السوشيال ميديا، حيث انتقد الكثيرون منهم الوزارة السورية حول طبيعة التعامل مع الموظفين الحكوميين وبالطريقة التي تم توزيع المكافآت على المصحّحين، فكتب أحدهم “كيف هيك بوزعو الأموال على المدرسين وهنن قاعدين وكأنهم عم يشحدو ومافي بجيبتهم ليرة.. بهدلة رسمية وشيء مهين حقا بحق الحكومة والمواطن سوا”.

فيما قال آخرون “اكيد الوزير له حصه من المغترب، هي مسؤولين بيت الأسد حاليا من وزراء ومدراء ونواب وساسة.. يلي ما يستحي مكيف، شلون وزير تربية يسمح لمواطن يدخل مراكز التصحيح ويوزع فلوس للأساتذة.. التكريم بيكون أله أصول وضمن الدولة ومو رشوة.. قمة الاذلال”.

فيما انتقد آخرون بطريقة لاذعة وزير التربية والحكومة السورية معا قائلين “إذا الوزير اختصاص بيطري هذه هي النتيجة.. يا حيف. دولة أصبحت مواردها الشحادي وتتغنى بالصمود والتصدي حسبنا الله ونعم الوكيل.. من هو هذا المغترب.. لا أعتقد انه سوري يبدو من لباسه وشكله انه خليجي.. دولة وبحضور وزير، مغترب يدخل لمركز تصحيح ويوزع اكراميه وتصوير للعلن، وين هيبة الدولة وين ثروات البلد، وين واردات النفط من عام 1970 إلى اليوم، وين الفوسفات والقمح وو..”.

هذا وسبق أن وزّع محمد المثقال مكافآت مالية على جنود في قوات الجيش السوري عند أحد الحواجز في العاصمة دمشق. وأثار الفيديو حينها جدلا واسعا في الشارع السوري.

آنذاك اعتبره البعض إهانة بحق المواطنين السوريين، وأشاروا إلى تقاعس الحكومة تجاه أبنائها، وقالوا إنه إذا كان مستوى الرواتب جيدا لما وصل البلد لهذا الحال.

“كله واسطات”

في تقرير سابق لأحد المواقع المحلية، أكد وزير التربية السوري من خلاله أنه تم اتخاذ إجراءات وضوابط لمنع حالات الغش والتلاعب في الأوراق الامتحانية، وأن أي ورقة امتحانية يتم تصويرها داخل القاعة سيعرف من أي مركز من خلال ترميز الورقة ويتم مسك الطالب خلال 5 دقائق.

هذا التصريح أثار انتقاد العديد من المتابعين، حيث قال أحدهم “ما بدا غش القصة واسطة مرتبة وخلصنا خلي اجهزة المراقبة والمناقصات الوهمية تشتغل شغلا.. المخابرات عجزت عن هالتطور ماشالله، بدل ما تشددو ع الغش اعطو الطالب حقو بالوقت عايشين بباريس لأن”.

بينما قال آخر “حاج بآكد ويتخذ كل الشعب بيعرف انو ما فيهم غير بالحكي قال ترميز قال صوروا عمي وشوهوا الورقة من فوق وماحد رح يعرف شي وكل كلامهم حكي وَترهيب وماطالع معهم شي”.

أثناء الامتحانات في الشهر الماضي، اشتكى طلاب الشهادة الثانوية العامة “البكالوريا” من صعوبة أسئلة امتحان مادة الرياضيات، حيث لم يتمكنوا من حلّ جميع الأسئلة بسبب الوقت والأسئلة الصعبة والتي وصِفت بأنها “موضوعة للمتميزين”.

معظم الطلاب أنهوا امتحان المادة غير راضين من المراكز الامتحانية في دمشق وحلب وحمص واللاذقية لسببين الأول؛ إن عدد الأسئلة كثير، والاختيارية منها محدودة، وهي بمجملها تحتاج إلى تفكير أكثر، وعمليات حسابية أطول، وبالتالي فإن الزمن المحدد لا يكفي لحل جميع الأسئلة، التي تحتاج حسب ما يرى الطلاب إلى أربع ساعات في الحد الأدنى، وهذه الأسئلة وضعت للطلاب المتميزين ولا تناسب كل المستويات، وما تمت ملاحظته في مادة الرياضيات أن معظم الطلاب لم يخرجوا إلا بعد انتهاء الوقت تماما، على عكس باقي المواد الامتحانية الأخرى، وفق تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية مؤخرا.

هذا وكانت امتحانات الشهادة العامة قد بدأت في السابع من حزيران/يونيو الماضي، بفرعيها العلمي والأدبي، والثانوية المهنية بفروعها الصناعية والتجارية والنسوية، بمشاركة أكثر من ربع مليون طالب وطالبة، للفصل الثاني من العام الدراسي 2022- 2023، موزّعين على 1986 مركز، وانتهت الامتحانات الثانوية العامة بفرعها العلمي والمهنية في 26 من الشهر الماضي، بينما انتهت امتحانات الثانوية العامة بفرعها الأدبي في 24 من نفس الشهر.

ضعف التعليم بسوريا

وضع الجامعات السورية قبل الأزمة في سوريا لم يكن بأحسن الأحوال، إذ كانت الجامعات تعاني بشكل متكرر من مشاكل عدة، منها تظلّم الطلبة في الامتحانات بسبب الأسئلة الصعبة، إلى جانب الفساد والتجاوزات بحق البعض، سواء من قبل الكوادر التعليمية أو مسؤولي الجامعات، وبالطبع كل هذا عائدٌ إلى المنظومة التعليمية الفاسدة في البلاد.

رغم تدهور الأوضاع في سوريا، لا سيما الوضع الخدمي، بما في ذلك انقطاع الكهرباء وأزمة المواصلات، إلا أن مشاكل الجامعات ما زالت مستمرة، ولعل أبرزها معضلة ارتفاع معدلات الرسوب التي تتكرر في كل فصل دراسي، وقد ظهرت هذه المشكلة إلى الواجهة خلال الفترة الماضية من خلال راديو “المدينة إف إم” المحلية، من قبل مجموعة من طلاب كليات الهندسة المعمارية في سوريا، حيث طالبوا بإعادة تصحيح مادة التصميم في الامتحان الوطني وذلك لارتفاع معدلات الرسوب في المادة.

كل عام تتكرر هذه المشاكل والشكاوى من قبل الطلاب، لكن مديري الجامعات السورية لا يضعون حلولا لهذه المشاكل وغيرها المتكررة بين الطلاب، مما دفع الكثيرون لترك مقاعدهم الدراسية أو اللجوء لطرق أخرى للنجاح، مثل تقديم رشاوى وواسطات للقائمين على الأمر.

بعد 2011 آلت حال الجامعات السورية إلى تدهور ملحوظ وباتت في أدنى المستويات نتيجة لتزايد مستوى الفساد، وقلة الموارد وجمود المناهج التعليمية، وعسكرة الحرم الجامعي وهجرة الأدمغة، وبالتالي تدمير نظام التعليم العالي برمته، وفق ما أكده العديد من الباحثين في جامعات عالمية من بينها جامعة “كامبريدج”.

خلال السنوات الثلاثة الماضية انتشرت العديد من الفضائح حول الجامعات السورية، تدل على مدى انتشار الفساد في النظام التعليمي عامة، فالوضع التعليمي في المؤسسات التعليمية السورية تدهور بشكل كبير، إلى جانب سوء وضع الخدمات في الجامعات السورية.

على الرغم من أن الحكومة السورية تخصص للجامعات سنويا مليارات الليرات السورية، إلا أن الطلاب ما زالوا يعانون من أزمات جمّة، وبحسب أحد طلبة كلية العلوم التطبيقية، فإن “السكن الجامعي يفتقر إلى أبسط الضروريات الأساسية للمعيشة والتعليم، مثل عدم توفر الكهرباء والتدفئة المركزية في فصل الشتاء، بالإضافة إلى حشو أعداد كبيرة من الطلبة في الغرف السكنية، حيث لا تتسع الغرفة الواحدة لأكثر من 5 طلاب، بينما يضعون فيها أكثر من 10 طلاب.

إحدى القاعات الامتحانية في أحد الجامعات السورية- “إنترنت”

تقارير عدة أشارت إلى تراجع مستوى الجامعات بشكل كبيرة، وحسب تصنيف “ويبوميتريس” لـ 2023. وهو نظام تصنيف يعتمد على تواجد الجامعة على الويب، ووضوح الرؤية والوصول إلى الويب. يقيس نظام التصنيف هذا، مدى تواجد الجامعة على شبكة الإنترنت من خلال مجال الويب الخاص بها، والصفحات الفرعية، والملفات الغنية والمقالات العلمية وما إلى ذلك.

جامعة “دمشق” احتلت المرتبة 3504 عالميا، وجاءت جامعة “تشرين” في محافظة اللاذقية بالمرتبة 3369، أما جامعة “حلب” التي احتلت المرتبة 4283. أما جامعة “البعث” فقد جاءت في المرتبة 5012 عالميا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات