منذ أكثر من عام والحكومة السورية تعمل على ضبط عمل وسائط النقل العامة، وقد كرّست لهذا الهدف العديد من كوادرها فضلا عن تشكيل اللجان للخروج بأفضل آلية تضمن تشغيل وسائل المواصلات، للتخفيف من حدّة الأزمة التي تعيشها المدن السورية وتفاقمت خلال السنوات القليلة الماضية.

آلية لمراقبة عمل السائقين عبر تركيب أجهزة على سيارات النقل هي أبرز ما توصلت إليه الجهات الحكومية لضبط وسائل النقل، حيث كانت الحكومة تسعى لضمان استمرارية عمل السائقين الذين يحصلون على المحروقات بأسعار مدعومة، من أجل تزويد آلياتهم وبالتالي أسعار المواصلات العامة تكون مدعومة من قِبل الحكومة.

بعض السائقين لجؤوا إلى الحصول على المحروقات وبيعها في السوق السوداء دون العمل على السيارة، الأمر الذي أفضى إلى إنشاء آلية تقوم على تركيب أجهزة على وسائط النقل من أجل مراقبة عمل السائقين، إلا أن تلك الآلية تعرضت للخرق، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول جدوى الآليات الحكومية في ظل إهدار الجهد والمال الحكومي فضلا عن استمرار أزمة المواصلات التي تؤثر على حياة السوريين.

آليات بلا جدوى؟

تهرّب بعض السائقين من الالتزام في العمل، وعدم وجود آلية ذات جدوى حقيقية، أدى إلى حدوث مواجهة بين الجهات الحكومية وبعض سائقي وسائط النقل، واليوم تصرّ الحكومة على متابعة آلياتها بشأن تركيب أجهزة مراقبة، وتتحدث عن تعديلات جديدة، فهل ستؤدي إلى ضبط عمل السائقين خلال الفترة القادمة.

عضو المكتب التنفيذي لقطاع التجارة الداخلية في دمشق محمد قيس رمضان، أوضح أن هناك مخالفات عديدة وفق الآلية الأخيرة المتّبعة في مراقبة وسائل النقل، أبرزها تركيب أكثر من جهاز على نفس المركبة، لإيهام الحكومة أن أكثر من آلية تعمل في حين أن الأجهزة مركبة على سيارة نقل واحدة.

حالات التلاعب هذه تأتي بهدف إظهار أن سيارات النقل تعمل، وبالتالي يحصل صاحب السيارة على كميات المحروقات المخصصة بأسعار مدعومة، وفي هذا السياق أشار رمضان في تصريحات نقلتها منصة “غلوبال نيوز” المحلية، أنه يعمل “من خلال استشاراتٍ لمهندسين مختصين على معالجة هذا الموضوع ومنع التلاعب بالجهاز، من خلال إضافة ميزة إلى الجهاز للتوقف عن العمل في حال فكّه أو التلاعب به ومنع نقله إلى مركبة أخرى”.

قد يهمك: “المونة بتفسد بلا تبريد“.. سوريون يروون تجاربهم مع تموين الغذاء في ظل غياب الكهرباء

رغم المخالفات المتعددة التي شهدها قطاع المواصلات، رمضان اعتبر أن الآلية الجديدة المعتمدة على مراقبة عمل السائقين من خلال أجهزة تحديد المواقع، ساهمت في ضبط الهدر في مادة المحروقات، حيث وفّرت ما يزيد من 30 بالمئة من الكميات المخصصة، وكانت الحل الأبرز لمشكلة المواصلات.

حديث رمضان حمل كذلك لغة تهديد، لكل من يُقدم على نزع الجهاز من سائقي وسائط النقل وتركيبه في مكان آخر، حيث أكد أن هذا الفعل يُعتبر “جرما جزائيا كبيرا، ويعرض صاحبه للحبس ما بين 5 إلى 7 سنوات”.

فشل آليات الحكومة

بعد عدة أشهر من تطبيق آليات مراقبة عمل السائقين على وسائط النقل العامة، تؤكد المصادر المحلية عدم وجود أي تحسّن ملحوظ في أزمة المواصلات في المدن السورية حتى الآن، وخصوصا في العاصمة دمشق، التي تشهد أزمة خانقة في قطاع المواصلات، خاصة بعد الارتفاع الأخير في أسعار المحروقات.

لجنة المخالفات في شركة “محروقات”، أعلنت قبل أيام بالتنسيق مع “مديرية التقانة ونظم المعلومات”، ضبط خمسة سرافيس نقل عام، تعمل وبداخلها عشرة أجهزة تتبّع “جي بي إس”، إضافة إلى العديد من وسائط النقل وقد عمد أصحابها إلى تركيب أجهزة زملائهم السائقين، وذلك من أجل تسجيل سياراتهم على الشبكة بدون اضطرارهم للعمل.

“وزارة النفط والثروة المعدنية”، أوضحت بحسب ما نقلت مصادر محلية، أن السرافيس التي تم ضبطها تقوم بالتلاعب بمنظومة نظام التّتبع من خلال تركيب أجهزة تعود لآليات أخرى، بهدف الاتجار بمادة المازوت المخصص للنقل بشكل غير مشروع، مشيرة إلى أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين.

سائقو وسائل النقل في سوريا، يضطرون للحصول على المواد النفطية عبر الحكومة، وذلك بأسعار مدعومة في محاولة من الحكومة خفض تكاليف التشغيل، لتقديم خدمات المواصلات بأقل سعر ممكن إلى المواطن، إلا أن أصحاب السيارات يؤكدون باستمرار أنهم لا يحصلون على كميات كافية لعملهم اليومي.

أزمة مستمرة

الحكومة السورية تبرّر إجبارها على تركيب هذه الاجهزة، بضرورة مراقبة عمل السائقين، وذلك بهدف عدم ذهاب المحروقات المدعومة لأشخاص لا يعملون على آلياتهم ويتجهون إلى ضخ المحروقات المدعومة في السوق السوداء، لكن الآلية المتّبعة لم تكن عملية بما يكفي لضبط وسائل المواصلات العامة.

سائقو وسائل النقل أكدوا أن تطبيق آلية التّتبع لم يساهم في حصولهم على كميات كافية من المحروقات، إذ يضطرون لشراء الكميات الباقية من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وبالتالي رفع التعرفة على المواطنين، الأمر الذي يُدخلهم باستمرار في مشادات كلامية مع الزبائن.

في جولة على الشوارع في العاصمة دمشق، ستجد الازدحام الشديد على وسائل النقل القليلة، في ظل امتناع شريحة واسعة من السائقين عن العمل، بدعوى عدم تلقيهم مخصصاتهم الكافية من المحروقات، ومحاولة الحكومة ملاحقتهم وفرض العقوبات، لتصبح المواصلات عبئا جديدا يُضاف إلى أعباء المواطن المعيشية والاقتصادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات