تفاقم الأزمة المعيشية في سوريا، وتغير الوضع الاجتماعي بالنسبة لمعظم العائلات السورية نتيجة الحرب منذ أكثر من 12 سنة، أفضت إلى تغير كبير في أجواء العطلة الأسبوعية، حيث اعتادت العوائل السورية إلى إضفاء أجواء خاصة في يوم العطلة ليس أبرزها “الفطور العائلي” الجماعي صباح يوم الجمعة من كل أسبوع.

العائلات السورية لم تعد قريبة من بعضها، فقد أدت الحرب إلى نزوح معظم السوريين حتى داخل سوريا، حتى أصبحت العائلة مفرّقة بين المحافظات فضلا عن هجرة العديد منهم خارج البلاد، كذلك فإن الظروف الاقتصادية أصبحت تفرض على السوري العمل حتى في أيام العطل والإجازات في محاولة لمجاراة الارتفاعات المستمرة في تكاليف المعيشة.

الفطور الجماعي هو طقس تعودت عليه معظم العائلات السورية، ويتميز باجتماع أكبر قدر من أفراد العائلة يوم العطلة الأسبوعية وهو يوم الجمعة في سوريا، ويُقدَّم خلال هذا الفطور وجبات متنوعة تبدأ من الفول والفلافل ولا تنتهي عند الجبنة والمكدوس وغيرها من الأكلات الشعبية والمنزلية.

الاجتماع العائلي المستحيل؟

مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأكلات الشعبية، فقد أصبح “الفطور الجماعي” الذي اعتادت العائلات السورية على تنظيمه يوم الجمعة من كل أسبوع، يشكل عبئا اقتصاديا على السوريين، حيث اتجهت معظم العائلات السورية إلى إلغائه أو على الأقل الاستغناء عن التنوع الذي كان يتمتع به هذا الفطور سابقا.

“فطور الجمعة صار قصة نحكيها للأطفال”، قال عدنان السعد وهو موظف حكومي وأب لثلاثة أطفال، مؤكدا أن ابتعاد الأهل وغلاء المعيشة وتغير أحوال العائلات، أفضى إلى إلغاء الاجتماع الأسبوعي للعائلة مع كل يوم جمعة في سوريا.

السعد أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “الكل مشغول بتأمين لقمة العيش لأولاده، أنا على سبيل المثال أعمل كسائق سيارة أجرة بعد انتهاء دوام وظيفتي، ويوم العطلة هو فرصة للعمل على السيارة منذ بداية اليوم، حتى مع عائلتي الصغيرة لأ أفطر إلا مرة أو مرتين خلال الشهر، معظم أخوتي وأخواتي يسكنون مسافة بعيدة عني والاجتماع على الفطور أصبح صعب جدا، فضلا عن التكلفة المرتفعة لهذا الاجتماع”.

قد يهمك: كيف تحولت الحكومة السورية إلى “شاهد زور” على معاناة المواطنين

بحسب تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، فإن أسعار المواد الغذائية قفزت بنسبة وصلت إلى الضعف خلال الأسبوع الماضي، مقارنة بالوضع الذي كانت عليه الأسواق السورية قبل عيد الأضحى الماضي، ذلك في وقت تشهد الأسواق حالة من الفوضى بالتسعير القائم على مزاج التجار، والتغير اللحظي في أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الليرة السورية.

ارتفاع شمل كل شيء

الارتفاع بالطبع لم يوفّر الأكلات الشعبية التي يلجأ إليها عادة السوريون من أجل الحصول على الغذاء بأقل تكاليف ممكنة، حيث ارتفع سعر قرص الفلافل ثلاثة أضعاف، وبحسب تقرير الصحيفة فإن تحضير وجبة من الفطور بأكلات شعبية خفيفة بات يكلّف نحو 50 ألف ليرة لشراء نصف كيلو فول ومثله مسبحة ونحو 30 قرص فلافل وكمية قليلة من المخلل وتضاف إليها تكلفة الخبز والشاي والسكر.

قرص الفلافل بلغ سعره في الأسواق السورية اليوم 200 ليرة سورية، في وقت أكدت فيه صحيفة “الوطن” أن هذا السعر مرشّح للارتفاع بحسب عدد من أصحاب المحال المختصة ببيع المأكولات الشعبية، وذلك كنتيجة طبيعية لارتفاع تكاليف إعداد المأكولات بأنواعها.

لم تعد خيارات السوريين في الغذاء مفتوحة، فالنزيف المستمر للرواتب والأجور أمام تكاليف الغذاء، أفضى إلى عدم قدرة النسبة العظمى من السوريين على تأمين الحدود الدنيا من الغذاء لعائلاتهم وأبنائهم.

أسعار الشاورما في سوريا على سبيل المثال شهدت خلال الأشهر الماضية سلسلة من الارتفاعات المتتالية، التي أثّرت بدورها على مختلف أسعار الوجبات الجاهزة التي تُعتبر الشاورما مكونا رئيسيا فيها إضافة لارتفاع أسعار السندويش، حيث يمكن أن يصل سعر السندويشة الواحدة إلى 20 ألف ليرة سورية.

موقع “أثر برس” المحلي، نقل عن أحد أصحاب محال “الشاورما” بالعاصمة السورية دمشق، قوله ”حركة الإقبال على أكلة الشاورما تراجعت كثيرا خلال الأسابيع الماضية”، مضيفا “سيخ الشاورما الذي كنا نطلبه كان يزن 120 كيلوغراما قبل دخول الشهر، اليوم وزن السيخ 50 كيلوغراما وبالكاد ينتهي، أحيانا نبقى لساعات منتصف الليل حتى ينتهي”.

سعر السندويشة التقليدية في العاصمة دمشق يبدأ من 10 آلاف ليرة سورية، وقد يصل إلى 22 ألف ليرة في محال  مشهورة في الشعلان، بينما تضع مطاعم أخرى عدة أسعار للسندويشات تبدأ من 12 ألف ليرة ثم 15 ألف ليرة ثم 18 ألف ليرة، ويمكنك طلب سندويشة بـ20 ألف ليرة حسب الرغبة.

كذلك تراوح سعر كيلو الشاورما بين 100 – 125 ألف ليرة تبعا للمطعم وموقعه، بينما بقي سعر الفروج البروستد أرخص من كيلو الشاورما بسعر 75 ألف ليرة سورية، كأقصى حدّ يمكن أن يصل إليه في دمشق، ما جعله خيارا أفضل للأُسر التي ترغب بتناول الطعام الجاهز.

ارتفاع أسعار الغاز كذلك كان له دورا في ارتفاع تكاليف إنتاج الشاورما، الأمر الذي يزيد من احتمالية توقف بعض المطاعم عن إنتاجها خلال الفترة القادمة، حيث ارتفع سعر أسطوانة الغاز من 150 إلى 170 ألف ليرة سورية خلال الأسابيع الماضية.

لذلك فإن حميمية العطلة ستبقى غائبة في سوريا، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها العائلات في البلاد، فمن النادر أن تجد سوري في الوقت الراهن يكون قادرا على تحمّل تكاليف إعداد فطور جماعي لعائلته في يوم العطلة أو في أي يوم عادي آخر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات