لا يكاد يمر أسبوع على الأسواق السورية منذ عدة أشهر، إلا وتسجل السلع والمواد الغذائية ارتفاعا في أسعارها، وسط غياب شبه كامل للدور الحكومي في ضبط الأسواق وأسعار السلع لتأمينها بشكل مناسب لذوي الدخل المحدود التائهين بين ارتفاع تكاليف المعيشة والوعود الحكومية.

منذ أشهر كان البعض يتحدث عن أن الراتب الحكومي لا يكفي لتغطية مصاريف عائلة لمدة أسبوع واحد، واليوم ومع الارتفاعات الجديدة في أسعار الصرف وأسعار السلع والمواد الغذائية، فإن الراتب الحكومي في سوريا فقد المزيد من قدرته الشرائية في الأسواق.

هذا الانحدار في مستوى المعيشة بسوريا، يأتي في ظل عجز شبه كامل للحكومة السورية عن التدخل لتحسين الواقع الاقتصادي، لتتحول الحكومة إلى “شاهد زور” على معاناة الأهالي، بحسب رأي مختصين ومطلعين على الوضع الاقتصادي في البلاد.

بورصة خاصة للأسعار

أسعار السلع والمواد الغذائية في سوريا، أصبحت مرتبطة ببورصة خاصة يتحكم بها التجار والمستوردون، حيث ان الحكومة لا تملك أي أدوات لتغيير الواقع السعري للسلع الأساسية، فهي تشاهد فقط وتطلق الوعود البيانات دون أي دور حقيقي على الأرض.

Pedestrians walk along a busy street in the Syrian capital Damascus on May 10, 2020. – Syria’s government banned cars with large engines from receiving subsidised petrol in the latest move to curb a hydrocarbon crisis in the war-torn country the government blames on sanctions. (Photo by LOUAI BESHARA / AFP)

تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية، أكد أن “الفريق الاقتصادي التابع للحكومة السورية، لم يعد له أي دور إيجابي في الأسواق، فحتى أسعار السكر والشاي والرز والمتة، يقتصر دور الحكومة في تحديد أسعارها على المشاهدة فقط”.

لكن التقرير تساءل عن الدور الحكومي، في تحديد  سعر البصل والثوم والبقدونس والنعنع والبطيخ بألوانه المختلفة، باعتبار أن إنتاج هذه المواد يتم بشكل محلي، ومع ذلك ترتفع بشكل متكرر وبنسب عالية وصلت في بعض الأحيان إلى مئة بالمئة.

“الحكومة حتى ولو أرادت هي لا تملك الأدوات” قال الخبير الاقتصادي حسن صباغ، مؤكدا أن تراكم السياسات الحكومية في التعامل ع الأزمات الاقتصادية المتعاقبة خلال السنوات الماضية، أفضى إلى إفراغ مؤسسات الحكومة من أية أدوات من شأنها المساهمة في التدخل  الإيجابي بالأسواق.

شلل حكومي

صباغ أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “حرفيا هناك فلتان غير مسبوق في الأسواق السورية، والحكومة السورية تحاول فقط إطلاق إبر مخدر عبر حديثها عن زيادة الراتب أو ضبط الأسواق، والحقيقة هي لا تملك الأدوات أبدا لتحقيق تدخل إيجابي، وزيادة الرواتب بنسبة خمسين أو سبعين بالمئة لن يكون لها تأثير واضح على معيشة السوريين المتدهورة، والحكومة لا تملك الجرأة على الاعتراف بالعجز لكنها الحقيقة، الحكومة تحولت فعلا إلى شاهد زور على معاناة المواطنين”.

بحسب آخر نشرة لـ”بنك سوريا المركزي”، فإن السعر الرسمي للدولار الأميركي 9900 ليرة سورية، في حين سجل سعر الدولار اليوم الخميس في السوق السوداء 12100 ليرة، في وقت فإن البنك المركزي يعترف ضمنيا بأن سعر السوق السوداء هو السعر الحقيقي للدولار ويتعامل على هذا الأساس.

قد يهمك: لماذا يمكن أن يخاصم السوريين الزيت والقهوة؟

التغير في أسعار الصرف في سوريا، يتسبب بفوضى كبيرة في الأسواق السورية أسعار مختلف السلع والخدمات، كذلك فإن الانهيار المتواصل في قيمة الأجور والرواتب للسوريين الناتج عن هذا التغير، يفاقم من الأزمة المعيشية التي يعيشها السوريون منذ سنوات.

وفقا لأرقام كشفها ”المكتب المركزي للإحصاء”، تجاوز معدل التضخم في سوريا 16 ألفا بالمئة خلال الفترة من عام 2011 إلى عام 2023. إذ إن معدل التضخم بلغ 3852.29 بالمئة بين عامي 2011 و2021.

البيانات الصادرة عن وزارة المالية، قدّرت معدلات التضخم لعام 2022 بنسبة 100.7 بالمئة، ولعام 2023 بنسبة 104.7 بالمئة، مما يجعل معدل التضخم بين عامي 2011 و 2023 يبلغ 16137.32 بالمئة.

الأسعار بدورها ارتفعت بمقدار 40 ضعفا بين عامي 2011 و 2021، وزادت بما يتجاوز 161 ضعفا في الفترة من عام 2011 إلى عام 2023، في حين أشارت الخبيرة رشا سيروب، إلى أن السلع الغذائية والمشروبات غير الكحولية، ونفقات السكن والكهرباء والمياه، تشهد أكبر ارتفاع في الأسعار، وتمثل حوالي 75 بالمئة من إنفاق الأُسر. مؤكدة في الوقت ذاته، أن دخل الموظف في سوريا ارتفع بمقدار 10 أضعاف منذ عام 2011، ولكنه لا يزال أقل بكثير مقارنة بارتفاع المستوى العام للأسعار.

زيادة رواتب؟

منذ أشهر والحكومة السورية تتحدث عن خطة وشيكة لزيادة الرواتب والاجور في سوريا، تزامنا مع استمرار نزيف متوسط الأجور في البلاد، أما تكاليف معيشة الأسرة السورية، والارتفاع المتواصل لأسعار مختلف السلع والخدمات.

منذ أيار/مايو الماضي، بدأ الحديث في أوساط المؤسسات الحكومية السورية عن قرار زيادة الرواتب الأجور، وكان سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء السورية نحو 7500، وفي شهر حزيران/يونيو تحدث عضو مجلس الشعب السوري محمد زهير تيناوي بشكل رسمي عن وجود خطة تتعلق بزيادة الأجور بنسبة لا تقل عن 70 بالمئة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات