على الرغم من أن تصريح الجهات المعنية في الحكومة السورية تؤكد أن أسعار المطاعم والمأكولات الشعبية ستبقى على حالها دون أي تعديل، إلا أن أصحاب هذه المِهن رفعوا الأسعار دون الرجوع إلى التسعير الرسمي والالتزام بها، وهو ما يعني أن معظم قرارات التموين والتسعيرات الرسمية التي تصدر عنها ليست سوى حبر على ورق، ولا يُعتراف بها، نظرا لعدم إنصافها.

لم يعد ارتفاع الأسعار بشكل عام في سوريا أمرا يثير الدهشة بالنسبة للمواطنين السوريين، حيث أصبح ارتفاع الأسعار أمرا معتادا في المشهد العام للحياة اليومية في سوريا، بسبب انهيار الليرة بين فترة وأخرى، وارتفاع أسعار حوامل الطاقة من قبل الحكومة مما يساهم في ارتفاع الأسعار في كل مرة وهو ما يعني زيادة أعباء المواطنين الذين يعانون بالفعل من هذا الغلاء المستمر دون زيادة رواتبهم وأجورهم.

سعر “الفلافل والحمص”

في خضم ارتفاع الأسعار ولهيب الغلاء الذي لم يترك أي مادة من المواد في الأسواق، طمأن رئيس “الجمعية الحرفية للمطاعم الشعبية بدمشق” كمال نابلسي المواطنين بعدم زيادة أسعار المأكولات الشعبية، نافيا ما يتم تداوله من أخبار على صفحات التواصل الاجتماعي عن وجود دراسة لتعديل أسعار المأكولات، وفق تقرير لموقع “غلوبال نيوز” المحلي يوم أمس الثلاثاء.

قرص الفلافل بـ 200 ليرة سورية-“سناك سوري”

إلا أنه من المُلاحَظ أن هناك العديد من أصحاب المطاعم الشعبية التي تبيع مأكولات مثل الـ “فلافل، فول، حمص، فتة” لم يعودوا يلتزموا بالأسعار الرسمية، والتي تم تعديلها في غضون أسابيع قليلة، تحت مبررات ارتفاع تكاليف الإنتاج التي تأثرت بارتفاع أسعار الصرف.

إزاء عدم التزام أصحاب المطاعم بالتسعيرة الرسمية، اكتفى نابلسي بالقول إنه وعلى الرغم من تأثر بعض أسعار مواد المأكولات الشعبية بسعر الصرف، إلا أن التسعيرة الأخيرة والتي تم اقرارها منذ عدة أسابيع لاتزال لغاية الآن، وزعم أنها مناسبة جدا لأصحاب المطاعم، وتحقق هامش ربح جيد لمن يعمل بمجال المأكولات الشعبية ولا حاجة على الإطلاق لتعديلها.

لكن أصحاب المطاعم يرون خلاف ذلك، إذ يقولون إن الأسعار الرسمية غير منصِفة بحقهم ولا تترك هامش ربح لهم، ويشيرون إلى أن سعر كل شيء ارتفع بعد تدهور الليرة السورية ووصول الدولار الواحد لأكثر من 12 ألف ليرة، وبالتالي هذا يجبرهم على رفع أسعارهم تلقائيا لتلائم مداخيلهم مع المستوى المعيشي.

لا جدوى من الشكوى

في المقابل، يأمل نابلسي من أصحاب المطاعم الشعبية الالتزام بالتسعيرة المحددة، داعيا المواطنين إلى ضرورة الإبلاغ عن أصحاب المطاعم المخالفين وتقديم شكوى مباشرة إلى مديرية حماية المستهلك. إلا أن العديد من الشكاوى رُفعت للرقابة والتموين، ولكن لم تلقَ آذانا صاغية.

فيما يتعلق بأسعار الشاورما والبروستد، والتي على ما يبدو بأنها لا تتغير إلا صعودا حتى وإن انخفض سعر الفروج، أشار نابلسي إلى أن تسعيرة المأكولات ضمن هذه المطاعم ليست ثابتة كمطاعم الفول والفلافل، إذ تصدر حماية المستهلك تسعيرة مطاعم الشاورما والبروستد كل يوم، وذلك تبعا لتبدّل سعر الفروج.

تسعير الدجاج يعتمد على تكاليف الإنتاج، والأخيرة تعتمد على سعر الصرف، وبالتالي فإن تسعيرة الفروج يتم وفق تقلبات الليرة السورية، وهذا يقودنا إلى القول بأن أسعار منتجات المطاعم بشكل عام يتم تسعيرها حسب الزيادة في النقد الأجنبي، وهذا مؤشر خطير، فكيف يمكن للمواطن السوري أن يدبّر لقمة عيشه وراتبه بالليرة السورية وتنخفض قيمتها يوما بعد يوم.

في سياق الأسعار، فقد وصل سعر السندويشة الصغيرة للشاورما في العاصمة دمشق لأكثر من 10 آلاف ليرة سورية، بينما وصل سعر السندويشة الوسط إلى 12 آلاف ليرة، وهي أقل وزنا من التقليدية وتم تخفيض كميات اللحم فيها لخفض سعرها، في حين يبلغ سعر سندويشة الشاورما في المحلات ذات الجودة الجيدة الحاصلة على التصنيف السياحي إلى 20 ألف ليرة، وهذا ما دفع معظم محال الفروج والشاورما للحصول على تراخيص سياحية، وفقا لبعض أصحاب محال شاورما الشعبية.

كما وتراوح سعر كغ الشاورما ما بين 110 – 130 ألف ليرة سورية، تبعا لاسم المطعم ومكانه، واتجهت الكثير من المحال نتيجة انخفاض الإقبال على شراء السندويش إلى تقديم العروض، كتقديم عرض “مع كل سندويشتين شاورما واحدة مجانا”، حسبما أوردته صحيفة “البعث” المحلية يوم أمس الأربعاء.

أما في محلات الفروج والشاورما ثمة ضعف في الإقبال على هذه السلع، وفي هذا الصدد أكد أحد المواطنين وهو موظف حكومي، أنه في حال أراد شراء سندويش لأسرته المؤلفة من 5 أشخاص، فهو بحاجة إلى 60 ألف ليرة، علما أن هذه السندويشة غير “مُشبِعة” ويحتاج الشخص إلى سندويشتين حتما لتصبح الكلفة 120 ألف ليرة، عدا سعر البطاطا المقلية واللبن “العيران”.

الفروج المشوي قريبا بـ 130 ألف ليرة سورية- “فيسبوك”

بمعنى أن أي عائلة في سوريا تريد أن تأكل ساندويش الشاورما، فإن ذلك سيكلفها كامل راتب الموظف، وإذا أرادوا تناول وجبات الشاورما فسيكلّفهم الأمر أكثر من ذلك. وصول الأوضاع إلى هذه المستويات ينذر بنتائج سلبية في المستقبل المنظور، وهو عزوف الناس عن شراء الشاورما واتجاه محال الشاورما إلى إغلاق أبوابها مما سيؤثر على القوى العاملة.

في المقابل، أوضح صاحب محل شاورما في منطقة الميدان بدمشق أن زيادة ساعات تقنين الكهرباء وارتفاع أسعار حوامل الطاقة والغاز والمواد الأولية، وعلى رأسها أسعار الفروج وزيوت القلي وكلف صيانة المعدات انعكس سلبا على أسعار الفروج والشاورما والبطاطا والوجبات السريعة، وفق تقارير محلية مؤخرا.

كما ولفت إلى أن قلة المبيعات ترفع النفقات وتكلفة تحضير الطعام، وبالتالي يضطر أصحاب المطاعم إلى رفع أسعارهم لمواصلة العمل وعدم تكبد خسائر كبيرة. ولم يستبعد أن يصل سعر الفروج المشوي إلى 130 ألف، وهذا ليس لرغبة أصحاب المحلات برفع سعرها، وإنما لارتفاع سعر أسطوانة الغاز لأكثر من 30 بالمئة، نظرا لأن شوي الفروج يحتاج إلى جرتي غاز يوميا.

حلم المواطن قرص فلافل!

في ظل ارتفاع أسعار المأكولات الشعبية، من “حمّص، فلافل، فول، فتة”، الأمر الذي أدّى إلى تغير الوضع الاجتماعي بالنسبة لمعظم العائلات السورية، حيث أفضت إلى تغير كبير في أجواء العطلة الأسبوعية، نظرا لأن العوائل السورية اعتادوا على إضفاء أجواء خاصة في يوم العطلة ليس أبرزها “الفطور العائلي” الجماعي صباح يوم الجمعة من كل أسبوع.

بالتالي فإن الفطور الجماعي الذي هو طقس تعودت عليه معظم العائلات السورية، ويتميز باجتماع أكبر قدر من أفراد العائلة يوم العطلة الأسبوعية وهو يوم الجمعة، ويُقدَّم خلال هذا الفطور وجبات متنوعة تبدأ من الفول والفلافل ولا تنتهي عند الجبنة والمكدوس وغيرها من الأكلات الشعبية والمنزلية، يبدو أنه سيختفي تدريجيا من روزنامة السوريين.

حيث ارتفع سعر قرص الفلافل ثلاثة أضعاف، وبحسب تقارير صحفية، فإن تحضير وجبة من الفطور بأكلات شعبية خفيفة بات يكلّف نحو 50 ألف ليرة لشراء نصف كيلو فول ومثله مسبحة ونحو 30 قرص فلافل وكمية قليلة من المخلل وتضاف إليها تكلفة الخبز والشاي والسكر.

قرص الفلافل بلغ سعره في الأسواق السورية اليوم 200 ليرة سورية، في وقت أكدت فيه صحيفة “الوطن” المحلية مؤخرا، أن هذا السعر مرشّح للارتفاع بحسب عدد من أصحاب المحال المختصة ببيع المأكولات الشعبية، وذلك كنتيجة طبيعية لارتفاع تكاليف إعداد المأكولات بأنواعها.

في العموم، وصول أسعار المأكولات الشعبية والشاورما والفروج المشوي إلى هذه الأرقام سيجعلها محصورة بالمترفين وأصحاب الدخل العالي والذين يشكلون نسبة قليلة جدا من المواطنين اليوم، وستعزف النسبة الأكبر من الأهالي، سواء الطلاب أو موظفي الحكومة أو العاملين الذين يعملون من الصباح إلى المساء بأجر يومي متساوٍ لسعر السندويش فقط عن هذه السلع، حيث إن شراء هذه السلع بات من النوادر وقد يصبح حلما للسوريين، إذا ما توقف مسلسل ارتفاع الأسعار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات