مع تراكم المشاكل الاقتصادية في سوريا، ومن بينها تجارب “التجارة السورية” التي تشهد اضطرابا غير مسبوق. برزت تصريحات أمين سر اتحاد غرف “التجارة السورية” وغرفة تجارة دمشق، وسيم قطان، كحديث مثير للجدل للمواطنين وأصحاب الاهتمام بالشأن الاقتصادي.

قطان أقرَّ أنه لا يوجد احتكار للمواد داخل دمشق، بل أكد أن المشكلة تكمن في تأخر المستورد والتاجر أحيانا بسبب موضوع الأسعار تجنبا للخسارة، وذلك نتيجة تقلبات سعر الصرف.

إن مثل هذه التصريحات دفعت للتساؤل عن مدى صحة ومصداقية المعلومات المقدّمة من قبل الجهات الرسمية، وهل هي مجرد تبريرات لواقع مرير يشهده الاقتصاد السوري، أم أن هناك جوانب مخفية تُفسر ظاهرة عدم البيع وتشوبها بعض الجدّية والتعقيد.

آثار جلسة مجلس الشعب مستمرة

بعد أيام قليلة من انتهاء جلسة مجلس الشعب السوري “الاستثنائية” بمشاركة أعضاء الحكومة، بدأت بشائر هذه الجلسة بسلسلة من القرارات تتعلق بمزيد من الرفع لأسعار السلع والخدمات في سوريا، وبسبب أن الحدث تحوّل من جلسة محاسبة للحكومة إلى جلسة عرض إنجازات؛ بدأت تصريحات مسؤولي المؤسسات السورية بالتضارب. 

البضائع متوافرة في الأسواق ولكن الإقبال خفيف - إنترنت

في حديثه أمس الثلاثاء، لإذاعة “نياز إف إم”، ذكر قطان أن أقصى نسبة لمرابح التجار من المواد الغذائية تصل لـ 10 بالمئة، وأن حصة السورية للتجارة من كمية المستوردات التي يستوردها التاجر من المواد والسلع هي 15 بالمئة.

ليس ذلك فحسب، بل ذهب قطان إلى أبعد من ذلك، وبيّن أنه لا يوجد احتكار للمواد؛ ولكن ما يحصل أن المستورد والتاجر يتأخرون أحيانا بسبب موضوع الأسعار تجنبا للخسارة، بسبب سعر الصرف وتذبذبه.

أما فيما يخص الاختناقات الحاصلة في الأسعار، أشار إلى أنه سيكون هناك اجتماعات مع وزارة التجارة الداخلية، لمناقشة الواقع وطرح ما تملكه غرفة تجارة دمشق من مطالب وأهمها تعديل القانون رقم 8.

علاوة على ذلك، لفت قطان إلى أن البضائع متوافرة في الأسواق، مبررا عدم وجود بعض منها في المحال هو بسبب امتناع صاحب المحل من الشراء أو البيع تجنبا للخسارة.

“السورية للتجارة” تحتكر وترفع الأسعار

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أصدرت بيانا عقب انتهاء جلسة مجلس الشعب مع الحكومة، وصرحت برفع الأسعار في صالات “السورية للتجارة” بدءا من يوم الخميس الفائت. وفي سياق تلك التصريحات، أكدت الوزارة أن الزيادة في الأسعار جاءت بنسبة بسيطة وذلك بهدف منع أي خسائر تتكبدها المؤسسة.

جوانب مخفية تُفسر ظاهرة عدم البيع - إنترنت
جوانب مخفية تفسر ظاهرة عدم البيع – إنترنت

صحيفة “الوطن” المحلية، نقلت عن مدير المكتب الصحفي في الوزارة، صفوان درغام، قوله إن الأسعار في الصالات تقريبا ثابتة، وشهدت زيادة بسيطة جدا مؤخرا، وهو ما يبرز الحرص على عدم تأثير الزيادة الكبيرة على الأسعار التي يشهدها السوق حاليا، وفق وصفه.

في مسعى لتخفيف صدمة التصريحات عن المواطنين، أعلن درغام أن المؤسسة تسعى لتوفير تشكيلة واسعة من المواد في صالاتها المنتشرة في معظم المحافظات، وبيعها بأسعار أقل من تلك المتواجدة في السوق. 

منذ بداية الأسبوع، تشهد المدن السورية قاسما مشتركا يتمثل في اليأس لدى المشتري وفقدان الأمل الذي يخيّم على الأهالي. حيث مرت الأيام وازدادت المشاكل الاقتصادية والمعيشية تعقيدا حتى وصلت إلى مستويات لا يمكن تصورها. وكان الوضع الاقتصادي الحرج ينذر بمخاطر الجنون بعينه، حيث باتت الحياة تحت وطأة الصعاب والضغوط الاقتصادية الكبيرة.

هذا الوضع، جعل التجار في حالة من الترقب والتحذير حيال سعر البضاعة، حينما قاموا باعتماد سعرها على المنصة الاقتصادية، بالتوازي مع ارتفاع قيمة الدولار مقابل الليرة السورية. ولاحظ فايز قسومة، عضو غرفة تجارة دمشق، أن المنصة اعتمدت سعر صرف الدولار بقيمة 9000 ليرة، وهو ما دفع التجار لاتخاذ إجراءات حذرية لحماية أعمالهم. لذا يرى قسومة أنه يجب على الحكومة أن تعترف بفشل المنصة، علما أن المنصة مديونة بمليار دولار للتجار.

صناعة اليأس والجوع كافر

عدم البيع وتأخيره بسبب تقلبات الأسعار يمثل تحدّيا حقيقيا للمواطن العادي الذي يتطلع لتوفير احتياجاته الأساسية. فاضطراب تصريحات مسؤولي “التجارة السورية” يعني أنه لا أهمية لديهم في اتخاذ تدابير جادة لمعالجة هذا الوضع.

تشهد المدن السورية قاسما مشتركا يتمثل في اليأس لدى المستشري وفقدان الأمل الذي يخيم على الأهالي - إنترنت
تشهد المدن السورية قاسما مشتركا يتمثل في اليأس لدى المستشري وفقدان الأمل الذي يخيم على الأهالي – إنترنت

الاقتصادي السوري مازن واعظ، في ردّه على أمين سر اتحاد غرف “التجارة السورية”، وسيم قطان، أشار إلى أنه “إذا عدم البيع خوف الخسارة ليس احتكار، إذا ما تعريف عند أمين سر غرفة دمشق”.

لم يخفِ أهل الصناعة والتجارة في سوريا تذمرهم الشديد ولاسيما أن تذبذب سعر الصرف جعل الكثيرين يغلقون أبواب محالهم حتى إشعار آخر، فالخسارة أصبحت محققة جراء إعراض المواطنين عن الشراء لعدم توافر الأموال، وارتفاع أسعار السلع.

سلسلة القرارات الحكومية التي صدرت بعد جلسة مجلس الشعب، تعلقت بمزيد من رفع لأسعار السلع والخدمات في سوريا، أبرزها قرار وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، رفع سعر البنزين إلى 10 آلاف ليرة سورية، حيث تم رفع السعر بمقدار 1400 ليرة، الأمر الذي انعكس على مختلف السلع والخدمات في البلاد.

في سوريا باتت الشركات والحكومات لا تنظر إلى التوازن المطلوب بين تقديم الخدمات والسلع بأسعار معقولة والحفاظ على الاستدامة المالية للشركات. على مستوى القطاع الخاص، فإن وجود طبقة برجوازية قادرة على مواكبة ارتفاع الأسعار هو المطلوب حاليا لاستمرارية القطاع الخاص، فمحدودي الدخل باتوا خارج خطط هذه الشركات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات