في ظل زخم الصراعات والتحديات الاقتصادية التي ألقت بظلالها على السوريين، تبدو المساحات المحدودة هي الجواب الوحيد لكثير من الأُسر السورية على تلك التحديات.

استغلال البرادات بطريقة جديدة وغير مألوفة لا يمكن اعتباره تطورا نمطيا ذكيا، ويكشف عن شجاعة الروح وإرادة البقاء التي تحملها هذه الأُسر في وجه المصاعب. لأن السوريين اليوم يعيشون في زمن يتغير فيه كل شيء حولهم، حيث ترتفع أسعار المواد الغذائية وتعاني الكهرباء من قطوعات متكررة، وأصبح لديهم فكرة استغلال الموجود أفضل من شراء الجديد.

أدوات المطبخ لإعادة التدوير

من الواضح أن ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية أثّر بشكل كبير على ميزانية الأُسر السورية. إذ لم يعد من السهل لهم أن يتحملوا تكاليف شراء خزائن للملابس. 

كاريكاتير عن استغلالا للمساحات برادات السوريين لاستخدامات جديدة - إنترنت
كاريكاتير عن استغلالا للمساحات برادات السوريين لاستخدامات جديدة – إنترنت

ليس ذلك فقط؛ بل إن الانقطاع الدائم في الكهرباء لمدة تتجاوز 22 ساعة ساهم في تحويل أهم مكوّن بالمطبخ السوري إلى مكان للتخزين، وهنا ليس الحديث عن المواد الغذائية، بل الأحذية والملابس.

ربّة المنزل، تيما مصطفى، قالت لـ”الحل نت”، “كنا نقول قريبا وصار حقيقة اليوم، فبسبب قطع الكهرباء المتكرر وغلاء أسعار المواد الغذائية، الكثير من العوائل السورية باتت تستخدم البرادات كخزائن للألبسة، وأنا منذ 3 سنوات استخدمها مرتبة للأحذية”.

بصيغة متهكمة، يرى محمد خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن التفسير العلمي لهذه الظاهرة، هو أن استخدام البرادات كخزائن للألبسة يساعد في تنظيم الملابس وحمايتها من العوامل البيئية الضارة مثل الرطوبة والأتربة. كما أنه يمكن أن يساعد في الحفاظ على نظام أكثر منظما وتجنّب فوضى تراكم الملابس في أماكن مختلفة في المنزل.

فيما يردّ عبيدة أيضا بسخرية، أن هذا النوع من الاستخدام الابتكاري يعكس قدرة الناس على العثور على حلول مبتكرة واقتصادية للتعامل مع التحديات المحيطة بهم. وقد تكون هذه الفكرة مُلهِمة للآخرين في النيجر والسودان الذين يواجهون تحديات مماثلة لنا في استغلال المساحات المحدودة بطرق مبتكرة وفعالة.

تصريحات خلبية

لم تتوقف السخرية والتّهكم من قبل السوريين تجاه تصريحات ووعود وزارة الكهرباء في الحكومة السورية خلال السنوات الماضية بشأن تحسّن واقع التيار الكهربائي. حيث تم وصف تلك التصريحات بأنها الوعود الأكثر تفاؤلا وبلا نتيجة.

في تقرير سابق لتلفزيون “الخبر” المحلي، أفاد بأن السوريين يحفظون في ذاكرتهم المقولة الشهيرة والأكثر تداولا على ألسنة مسؤولي الكهرباء، “مع تحسّن حالة الطقس ستنخفض ساعات التقنين”. لكن الحقيقة تكمن في أنهم بدل الارتقاء بهذا الوعد، شهدوا تفاقما في مشاكل الكهرباء طوال العام 2023.

بحسب شهادات محلية، فإن عام 2023 سينتهى بانتظار مطوّل وتأمل لحلول تجاهلتها وزارة الكهرباء، حيث قامت بتكرار التصريحات حول تشغيل واستئناف العمل في العديد من المحطات، ولكن دون أن تُحدث تحسّنا يُذكر، بل على العكس تماما، تفاقم واقع الكهرباء في معظم المحافظات بشكل كبير.

وزير الكهرباء، غسان الزامل، تحدث خلال زيارته لمحطة “الرستن” في منتصف تموز/يوليو الفائت، عن تأكيدات بشأن وضع المجموعة الغازية الأولى لمحطة كهرباء الرستن بالخدمة بحلول نهاية الشهر الفائت، مع الإشارة إلى أن تكلفة تشغيل المحطة وصلت إلى 411 مليون يورو.

مع هذه الأحداث والتصريحات المتتالية، بقي المواطن السوري يتساءل عما إذا كان هناك حلّا حقيقيا لأزمة الكهرباء في البلاد، وما مدى جدية السلطات في معالجة هذه المشكلة المتفاقمة. فالتّحسن المطلوب لواقع التيار الكهربائي يبدو أنه لا يزال مشكلة مستعصية تطالب بتدخل عاجل وحلول فعّالة لاستعادة الاستقرار والراحة للمواطنين.

الموظف السوري أعجوبة الدنيا الثامنة

بطريقة متهكمة، وصفت صفحة “سالب موجب” المحلية، وضع الموظف السوري، بأنه الشخص الأكثر ذكاء على وجه الأرض وهو أعجوبة العالم الثامنة، ويجب أن تتم دراسته من قبل أكبر الهيئات العلمية والاقتصادية في العالم، بل إن مؤسسة “غينيس” تقف عاجزة أمامه.

وصف الصفحة الموظف السوري بهذه الكلمات، جاء لعدة اعتبارات، كونه بعد 12 سنوات من الحرب هبط راتبه من 300 دولار وسطيا إلى 8 دولار وما زال حيا، فالشخص الواحد داخل البلاد حاليا يحتاج إلى 50 دولار شهريا على الأقل ليأكل فقط.

هذا الموظف  يعيش مع عائلته بـ 8 دولار شهريا فقط، دون تفسير كيف استطاع النجاة وفي جيبه هذا المبلغ الضئيل، وكل هذا مع نقص شديد في المازوت والغاز والانقطاع الطويل للتيار الكهربائي.

 رغم محاصرة الظروف القاسية للموظف السوري من كل جانب، فإنه يكافح يوميا من أجل البقاء وتأمين لقمة عيشه ولأسرته، حتى من خلال تدوير أدوات المنزل. إذ يواجه انقطاعات متكررة للكهرباء ونقص في المواد الأساسية، وربما يُجبر على الانتظار لساعات طويلة من أجل الحصول على مشتقات نفطية بسيطة لتسيير حياته اليومية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات