عندما يتعلق الأمر بكرة القدم، فإن الأحداث الدولية قد تُلقي بظلالها الطويلة على الأندية والمنتخبات، وتؤثر في أداء اللاعبين ومستقبل الرياضة في البلاد. وهذه المرة، يستعد منتخب سوريا لمواجهة تحدّي كبير في رحلته إلى كوريا الشمالية.

كوريا الشمالية، دولة ذات نظام سياسيٍ استثنائي وقوانين صارمة تميّزها عن دول العالم الأخرى. ويعرف الجميع تماما أن دخول هذا البلد يخضع لقواعد صارمة وحظر دولي يُفرض عليه. وهذا الحظر يُحيّر المنتخب السوري ويضعه أمام صعوبات جمّة في رحلة الوصول إلى هذه الوجهة الصعبة.

تصفيات من طراز آخر

قرعة الدور الثاني من التصفيات الآسيوية المشتركة لكأس العالم 2026 وكأس آسيا 2027، أوقعت المنتخب السوري مع اليابان وكوريا الشمالية والفائز من ميانمار وماكاو.

في سعيها إلى التأهل للمرة الأولى في تاريخها إلى كأس العالم، ستلاقي سوريا امتحانا بالغ الصعوبة أمام اليابان المعتادة على التأهل بسهولة إلى الحدث العالمي المقام مرّة كل 4 سنوات، إذ وقعت مع “الساموراي الأزرق”.

لكن ليست اليابان أولى المشكلات التي تقف أمام المنتخب السوري، فأولى مباريات المنتخب السوري هي أمام منتخب كوريا الشمالية، وعليه فإن العقبة الأولى هي أن عدد الرحلات إلى كوريا الشمالية من الصين قليل، وبالتالي  سيتطلب الأمر دقة لا متناهية في عملية الحجوزات من أجل عدم امتداد الرحلة لعدد كبير جدا من الساعات.

ليس ذلك فحسب، بل طبقا لما يذكره الإعلامي بشار أحمد، فإن الوفد يجب أن يصل إلى بيونغ يانغ دفعة واحدة، وهنا سيواجه المنتخب مشكلات في حال عدم التحاق بعض اللاعبين؛ بسبب الالتزام مع الأندية حتى اللحظة الأخيرة قبل فترة التوقف التي تقلصت لثمانية أيام بحسب قوانين “الفيفا”.

أيضا لن يتمكن 99 بالمئة؜ من أعضاء الوفد من استخدام الإنترنت في كوريا الشمالية بسبب قوانينها، وسيقتصر الاستخدام على مسؤول في الوفد وفي أوقات معينة فقط، فضلا عن أن اللاعبين سيواجهون مشكلة في نوعية الأطعمة الموجودة هناك، وبالتالي يجب أن يكون هناك طاه يرافق المنتخب، في حال حصوله هو الآخر على “الفيزا”.

ليس الشيف من سيواجه مشكلة “الفيزا” فحتى الطاقم الفني وغير اللاعبين كالإعلاميين والإداريين، قد يواجهون مشاكل في منحهم تأشيرات لغير اللاعبين والجهاز الفني.

لاعبو الانستغرام

رغم أن أحد المشكلات أمام اللاعبين هي عدم تمكّن أيٍّ منهم من التقاط أي صور سواء بالكاميرات أو بالهواتف المحمولة غالبا.

كما سيرفض الطرف الكوري نقل المباراة بالبث المباشر وسيكتفي بتسليم تسجيل المباراة لمراقب المباراة، إلا أن ذلك لم يكن مهما لمتابعي أخبار المنتخب السوري.

التعليقات التهكمية على هذه المشكلة أوضحت الحالة العامة للمنتخب، فبالرغم من أن لاعبي المنتخب أدائهم سيء وغالبا نتائجهم مخيبة، إلا أن العديد من السوريين اتهموهم بالمواظبة في الظهور على “الانستغرام” والتقاط الصور والفيديوهات أكثر من اهتمامهم بالمبارايات والنتائج. 

ما يراه السوريون أن لاعبي المنتخب سيخلقون الأعذار في حال خسارتهم، ولن يتم محاسبتهم لأن المباراة غير منقولة، فبالرغم من أن كوريا الشمالية غير محظورة من “الفيفا” في نقل المباريات، إلا أنها لن تبث المباراة، ففي تصفيات  2022 لم يتم نقل المباريات من كوريا الشمالية.

أيضا في عام 2019 رئيس “الفيفا” جياني إنفانتينو، شخصيا حضر مباراة في بيونغ يانغ بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، ورغم حضوره لم تنقل المباراة مباشر، ولم يسمح للصحافيين الكوريين الجنوبيين الدخول إلى البلاد، وعقدت المباراة دون جمهور، ما أثار استغراب واستهجان إنفانتينو.

نتيجة معروفة

رغم أن منتخب لبنان بالتصفيات الماضية قد فاز على المنتخب الكوري الذي خسر في مبارياته الثلاث، إلا أن حظوظ فوز المنتخب السوري لدى السوريين أنفسهم ليست كبيرة.

المهندس عبود أحمد، ذكر في تعليقه أنه “بخصوص الحجوزات، جماعتنا لو يحجزوا من اليوم ما في مفر من الغلط الإداري، والدراما يلي تصير قبل كل بطولة ومباراة رسمية، فيمكن مباراة كوريا الشمالية ستكون مبرر لهم”.

محمد القاسم، هو الآخر يرى أن إدارة المنتخب السوري ولاعبيه يتمنون هذه المعوقات والعقبات، حتى يستطيعوا تبرير أي خسارة، خصوصا أن لاعبي المنتخب غير مؤهلين لخوض مباريات تصفيات، وتركيزهم على اللعب في الأندية التي بات مُلّاكها من أمراء الحروب ويغدقون عليها مليارات الليرات، كما حصل مع نادي “الفتوة” الذي يملكه أمير سابق في “جبهة النصرة” ومالك بئر نفط، مدلول العزيز.

الحظر الدولي على كوريا الشمالية لا يشمل البعثات الرياضية، بل قوانينها أصبحت تمثّل تحديا حقيقيا لعالم كرة القدم، حيث تتسبب قيود الدولة في عرقلة التحضيرات والتخطيطات لأي مباراة يخوضها المنتخب السوري معها. وتتضاعف التحديات بالنسبة للأعباء الإدارية واللوجستية، فالاحتياطات والإجراءات الأمنية التي تفرضها كوريا الشمالية تتطلب استعدادا عاليا وموارد مالية إضافية لتنفيذها.

إضافة إلى ذلك، تظهر صورة كوريا الشمالية الداخلية وواقعها المعيشي في الوسط الرياضي بأنه عالم مختلف تماما عن بقية دول العالم. فالأخبار التي تصل من كوريا الشمالية تُظهِر واقعا صعبا يتمثل بقلة المرافق الرياضية والتدريبية والإمكانيات المادية. حيث يعيش الرياضيون في بيئة صعبة، تجعل من التأقلم مع الظروف وتحقيق النجاح أمرا شاقا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات