ملف اللاجئين السوريين، أصبح من أكثر الملفات الشائكة والمعقّدة في القضية السورية، إذ يعاني اللاجئون من غياب أي جهة تتحدث باسمهم وتفهم معاناتهم، لا سيما أولئك المقيمين في دول الجوار وتحديدا في تركيا ولبنان.

فالسوريون هناك، يعانون من موجات عنصرية منذ سنوات، كثيرٌ من هذه الموجات تقودها حكومات هاتين الدولتين، وبأفضل الأحوال فإن السلطات تغض الطرف عن الأفعال العنصرية التي تستهدف السوريين تحديدا، وتدعوا دائما إلى ترحيلهم قسرا إلى بلادهم.

حتى الحكومة السورية التي يُفترض أن تكون مسؤولة عنهم وتتابع مشاكلهم في دول اللجوء، فإنها لا توفر أي مناسبة للتنصل من مسؤولياتها تجاه أبناء سوريا وحملة جنسيتها، وغالبا ما ترمي مسؤولية حمايتهم على المجتمع الدولي، دون أدنى محاولة لمتابعة شؤونهم.

تصريحات الأسد عن اللاجئين

الرئيس السوري بشار الأسد، وفي آخر لقاءاته المصورة أمس الأربعاء فَرَد مساحة واسعة خلال حديثه، لملف اللاجئين السوريين، لكنه حاول أيضا التنصل من مسؤولية حماية أبناء بلده، في تصريحات استفزت العديد من السوريين، لا سيما اللاجئين في دول الجوار، حيث لم يجرؤ الأسد على الاعتراف بالمعاناة التي يعانيها السوريون في دول اللجوء أو أن يعلن تحمّله ولو جزء من المسؤولية.

الأسد قال في مقابلة بثّتها قناة “سكاي نيوز عربي” مساء الأربعاء، إن “السنوات الماضية شهدت عودة أقل من نصف مليون لاجئ بقليل إلى سوريا ولم يُسجن أي شخص من بينهم”، حسب قوله، كذلك فقد برّر توقف عمليات العودة بسبب واقع الأحوال المعيشية، “كيف يمكن للاجئ أن يعود من دون ماء ولا كهرباء ولا مدارس لأبنائه ولا صحة للعلاج، هذه أساسيات الحياة” .

الرئيس السوري يبدو أنه نسي أو تناسى أنه وحكومته هما المسؤلان عن تأمين هذه الأساسيات، التي قد تشجع بعض السوريين على العودة هربا من موجات الكراهية التي يواجهونها في العديد من دول اللجوء، لكن أضاف “بالنسبة لنا في سوريا أصدرنا قانون عفو عن كل من تورّط بالأحداث خلال السنوات الماضية طبعاً ما عدا الجرائم المثبتة التي فيها حقوق خاصة حقوق الدم كما تسمى”.

قد يهمك: ما فرص دخول المساعدات إلى الشمال السوري وتجاوز الفيتو الروسي؟

عن تحديات عودة اللاجئين، قال الأسد “لوجستيا، البُنى التحتية مدمرة بسبب الإرهاب وهذا ما يقوله معظم اللاجئين الذين نتواصل معهم يرغبون بالعودة ولكن يقولون كيف نحيا كيف نعيش”، وفيما يخص فُرص العودة، أكد الرئيس السوري، “الآن هناك حوار بيننا وبين عدد من الجهات في الأمم المتحدة المعنية بالجانب الإنساني، وبدأنا نناقش معهم بشكل عملي مشاريع العودة، وكيفية التمويل، وما هي متطلباتها بالتفاصيل، فهناك عمل بهذا الإطار”.

لم يسلم اللاجئون السوريون من الهجوم من قبل مسؤولي حكومة بلادهم، أو من قبل حكومات الدول التي يعيشون بها، وتحديدا نتحدث هنا عن دول الجوار وخاصة تركيا ولبنان، اللتان تشهدان تصاعدا في خطاب الكراهية ضد اللاجئين.

وزير الخارجية التركية هاكان فيدان، أكد في آخر تصريحاته أن بلاده ستسرّع عملية “العودة الطوعية” للاجئين السوريين إلى بلادهم، وذلك بالتزامن مع استمرار حملة ترحيل اللاجئين القسرية من تركيا إلى الشمال السوري.

ونهاية تموز/يوليو، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم ستستغرق وقتا أطول من المتوقع، مؤكدا الاستمرار في خطة حكومته لإعادة مليون لاجئ سوري إلى الشمال السوري، فيما تؤكد التقارير الحقوقية أن معظم عمليات ترحيل السوريين من تركيا تتم بشكل قسري، وبعد إجبار اللاجئين على توقيع أوراق العودة الطوعية.

الوضع في لبنان

ومنذ أشهر بدأت الحكومة اللبنانية تعمل على خطة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وقد كُلّفت لهذه المهمة لجنة وزارية برئاسة وزير الخارجية، الذي عاد وتنحى عن مهمته، بعد أيام على إصدار البرلمان الأوروبي توصية تدعم بقاء اللاجئين السوريين في لبنان.

الجيش اللبناني، كان قد شنّ قبل أشهر، حملات مداهمة واسعة لتوقيف سوريين لا يملكون إقامات أو أوراق ثبوتية أسفرت عن توقيف نحو 450 شخصا، تمّ ترحيل أكثر من ستين منهم إلى سوريا، وفق ما أفاد به مصدر في منظمة إنسانية مطلع على ملف اللاجئين.

تزامنت هذه الحملات مع تصاعد خطاب الكراهية تجاه السوريين مجددا، إذ طالب لبنانيون كُثُر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بإخراجهم من لبنان، وحمّلوهم مسؤولية تدهور الاقتصاد اللبناني في الفترة الأخيرة.

لا يبدو أن ملف اللاجئين السوريين يشكل أي أولوية بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد وحكومته، إذ يؤكد سوريون أن الأسد يتعامل مع كل من خرج من سوريا هربا من جحيم الحرب، “خائن” ولا يستحق أي جهود مبذولة من قِبل الحكومة، ليبقى اللاجئون وحيدون في مواجهة مختلف أشكال العنصرية والكراهية في دول الجوار، وبذات الوقت لا يستطيعون العودة لأسباب اقتصادية وأمنية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات