الغش والتصدير مؤشرات للتحكم بأسعار السلع السورية.. الزيت تجاوز المليون!

في ظل عجز المؤسسات الحكومية عن القيام بأي تدخل إيجابي في الأسواق السورية لصالح المواطن السوري، تأتي قرارات الحكومة المتعلقة بالسعر الأساسي لتزيد من معاناة الأهالي في الحصول على احتياجاتهم للمواد الأساسية، فأصبح كلٍّ من الغش والتصدير سببين رئيسين في التحكم بأسعار السلع.

العجز الحكومي ظهر من خلال الفشل في السيطرة على انتشار المواد المغشوشة في الأسواق، إذا إن بعض الأمواد أصبحت السمة الأبرز والطبيعية لها هي انتشار المواد المغشوشة منها كالألبان والأجبان، وذلك بسبب الغلاء الفاحش الذي أصاب هذه المواد، فأصبح الغش أحد الأسباب المتحكمة بأسعار كثير من السلع.

كذلك فإن القرارات الحكومية المتعلقة بتصدير المواد الغذائية، ساهمت بشكل كبير في ارتفاع أسعار العديد من السلع، حيث أن التصدير أصبح سببا إضافيا في حرمان العائلات السورية من بعض المواد الغذائية، كزيت الزيتون الذي أصبحت أسعاره بعيدة عن قدرة وطاقة معظم السوريين.

زيت الزيتون

حديث زيت الزيتون على لسان كل سوري في الأيام الأخيرة، فسعر عبوة الزيت قفز من 300 ألف ليرة سورية إلى مليون ومئتي ألف ليرة، على فترة لم تمتد لأكثر من أربعة أشهر، الأمر الذي زاد من معاناة السوريين، الذين يعتمدون على زيت الزيتون بشكل رئيسي لتحضير وجباتهم اليومية نتيجة غلاء اللحوم بمختلف أنواعها.

الأهالي والمعنيين في قطاع إنتاج زيت الزيتون، أكدوا أن فتح باب التصدير أمام المادة هو المسبب الرئيسي في ارتفاع أسعارها، في المقابل يؤكد البعض أن التصدير سمح للمنتجين تجنّب الخسارة، وذلك نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وغياب الدعم الحكومي عن المزارعين خلال فترة الزراعة وتحويل الزيتون إلى زيت.

من جانبه أكد رئيس “اتحاد فلاحي طرطوس” فؤاد علوش، أن أسعار زيت الزيتون ستواصل ارتفاعها طالما باب التصدير مفتوح إلى السوق الخارجية، مؤكدا أن بعض المزارعين ما زالوا يحتفظون ببعض كميات الزيت ويبيعون العبوة للتجار بمبلغ يصل إلى مليون ومئتي ألف ليرة سورية.

علوش أضاف في تصريحات نقلها موقع “أثر برس” المحلي، “طالما باب التصدير مفتوح سترتفع الأسعار، ولو كان الأمر مقتصراً على الاستهلاك المحلي كان سيصل سعر التنكة إلى 500 ألف، نظراً لارتفاع سعر الزيت قياساً بغلاء الزيت النباتي وبقية المواد الغذائية التي ارتفع سعرها”.

التصدير كان سابقا سببا لارتفاع العديد من السلع الغذائية في سوريا، حيث تسبب قرار السماح بتصدير البصل والبطاطا خلال الأشهر الماضية، في حرمان السوريين من استهلاك هذه المواد، والآن تحاول الحكومة التهرّب من مسؤوليتها تجاه دعم المزارعين في عملية الإنتاج، عبر السماح لهم بتصدير محاصيلهم وبالتالي ارتفاع أسعارها على المستهلك المحلي.

كذلك فإن انتشار الغش في الأسواق السورية مؤخرا، زاد من معاناة الأهالي، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى شراء المواد المغشوشة رغم علمهم بها، نتيجة عجزهم عن شراء المواد الأصلية المرتفعة الثمن.

فانحدار مستوى المعيشة، وصل إلى حدِّ تمكين المواد المغشوشة من الانتشار في الأسواق أكثر من المواد التي تراعي المواصفات القياسية المعتمدة، وذلك نتيجة الأسعار المرتفعة، حيث لم تعد الجودة هي المعيار الأول لشراء الغذاء بالنسبة للسوريين، بل الأهم الحصول على أسعار تناسب دخلهم المحدود جدا.

انتشار مخيف للغش

هذا الانتشار في المواد المغشوشة، يأتي في ظل عجز حكومي تام عن ملاحقة تلك المواد، أو تحسين الواقع المعيشي إلى حدّ يمنع انتشارها، أو على الأقل لا يضطر معظم الأهالي إلى شرائها، بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف المواد الأصلية.

قد يهمك: زيادة تكاليف العودة للموسم الدراسي بسوريا.. هل يتراجع عدد الملتزمين بالمدرسة؟

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية قبل أيام، نقل عن بعض المواطنين تأكيدهم أنهم “اشتكوا لحماية المستهلك بحماة فأنصفتهم وخالفت الباعة، فيما اكتفى آخرون بإعادة ما اشتروه لباعته واسترداد ثمنها”، في حين لفت آخرون إلى أنهم تحملوا الخسارة، “ورموا ما اشتروه من لبن وجبن في حاوية القمامة، كيلا يعرّضوا الباعة للغرامات والعقوبات وقد تتضمن السجن، وهم لا يريدون أن يكونوا السبب في ذلك”.

الحكومة السورية اكتفت بالكشف عن أساليب الغش في مشتقات الحليب، وكأنه سرّ تُخفيه عن المواطنين الذين أكدوا أنه ليس هذا الأمر ما ينتظرونه من الحكومة، إذ يُفترض أن تعمل المؤسسات الحكومية على ملاحقة المواد المغشوشة والحدِّ من انتشارها.

خلال الأشهر الماضية، ازداد انتشار المواد الغذائية المغشوشة، حيث سجلت التقارير المحلية ارتفاع معدلات الضبوط المتعلقة بالمواد الغذائية، ومن بين هذه المواد كانت البهارات والقهوة ومشتقات الحليب والزيوت وغيرها، حيث يلجأ العديد من التجار إلى بيع موادٍ بمواصفات غير متطابقة لما يُكتب على غلاف المادة.

هذه المواد سجّلت إقبالا متزايدا من قبل فئة واسعة من السوريين، الذين يبحثون عن المواد الأرخص نتيجة ضعف قدرتهم الشرائية، حيث أن شراء المواد ذات الجودة العالية أصبح يحتاج ميزانيات تفوق قدرة معظم السوريين.

ذلك في وقت تشهد فيه الأسواق شبه كامل لـ”إدارة الجودة” في سوريا، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن، الذي لم يعد يهتم إطلاقا بالجودة على حساب السعر، فأصبح سعر المادة هو الفيصل في اتخاذ قرار شرائها بصرف النظر عن جودتها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات