الأسواق الشعبية في سوريا، كانت منذ عشرات السنين مقصدا للكثير من العوائل السورية التي تبحث عن البضاعة ذات الأسعار الأكثر رخصا، فهي بديل مناسب جدا لأصحاب الدخل المحدود عن المتاجر والمحلات التجارية في الأسواق، كونها تبيع بأسعار أرخص بكثير، حتى ولو كان على حساب بعض من جودة المنتجات والسلع.

لكن مؤخرا تحولت الأسواق الشعبية وأماكن البسطات العشوائية، إلى مقصدٍ للنسبة الساحقة من السوريين، في ظل تحول الجميع لفقراء، جراء انحدار مستوى المعيشة في البلاد، وعجز الحكومة عن إيجاد أية حلول في وجه الانهيار الاقتصادية، بعدما وصل سعر الدولار الأميركي في سوريا إلى نحو 14 ألف ليرة سورية.

لكن هذه الأسواق غالبا ما يتم محاربتها من قبل أصحاب المتاجر، الذين يعتبرون أنفسهم خاسرين بسبب انتشارها، خاصة في ظل تحمّلهم لتكاليف الضرائب والإيجارات والفواتير، بالتالي تكاليف أعلى من التكاليف التي يدفعها صاحب البسطة، هذا فضلا عن القرارات الحكومية التي دائما ما تسعى ملاحقة أصحاب البسطات وإزالتها من الشوارع.

مقصد لجميع السوريين؟

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، أكد أن الأسواق الشعبية أصبحت مقصدا لجميع السوريين ما عدا نسبة قليلة جدا، حيث تنشط هذه الأسواق لبيع جميع السلع والمواد الغذائية، فالأسعار هناك تقلّ عن تلك الموجودة في المحال التجارية بنسبة تتجاوز أحيانا الـ 25 بالمئة، “وهو ما رفع من أسهمها وجعل منها مقصداً للتسوق وخصوصا من قبل العائلات التي تعمد إلى التسوق الأسبوعي، أي شراء ما تحتاجه لكل أيام الأسبوع دفعة واحدة”.

بحسب تقرير الصحيفة، فإن انتشار هذه الأسواق زاد خلال الفترة الماضية في المدن السورية، كما أنه أفضى إلى تأمين فرص عمل لعشرات الشباب من الباعة وأصحاب البسطات، ويعتمد أصحاب البسطات على مبدأ “الربح القليل والبيع الكثير”، وهو أحد الأسباب التي تجعل أسعارهم للمستهلك أرخص من المحلات التجارية.

بحسب تقرير الصحيفة المحلية، فإن الأسواق الشعبية في سوريا تنقسم إلى قسمين، الأول هي الأسواق الرئيسية اليومية وتنتشر في المدن الرئيسة في المحافظة ويعود تاريخ بعضها إلى عشرات السنين، أما القسم الثاني ينضوي تحت تسمية الأسواق الجوالة التي تعتمد “رزنامة” محددة ومتعارف عليها، بحيث تتوزع على المدن والقرى والبلدات على مدار أيام الأسبوع، ويكون السوق كل يوم في منطقة.

قد يهمك: قطار الأسعار دهس خطط الحكومة السورية.. الارتفاعات السعرية ضخمة ومخيفة!

خلال الأشهر القليلة الماضية عمدت الحكومة السورية إلى إزالة البسطات من شوارع العاصمة دمشق، الأمر الذي تسبب بموجات جدل واسعة كون هذه البسطات تشكل مصدر الدخل الوحيد بالنسبة للعاملين عليها، خاصة وأن الحكومة السورية لم تقدّم أي بديل من شأنه أن ينظّم عمل هذه البسطات.

في المقابل فإن العديد من أصحاب المحال التجارية، رأوا أن انتشار هذه البسطات بشكل غير قانوني يؤثر على عملهم، ويخلق نوعا من المنافسة “غير الشريفة”، وذلك كونهم يدفعون الضرائب والرسوم للحكومة، بخلاف البسطات التي تنتشر بشكل غير قانوني.

ساحات مخصصة

الحكومة السورية بدورها أكدت أنها خصصت بعض الساحات لعمل البسطات، الأمر الذي نفته مصادر محلية، وأكدت أن الساحات المخصصة للبسطات بعيدة عن الأحياء السكنية، ولا يمكن لجميع السكان الوصول إليها من أجل التسوق، وبالتالي هي لا تفيد الغرض من وجود البسطات.

أما عضو “المكتب التنفيذي لقطاع الخدمات والمرافق العامة” في محافظة دمشق ملك حمشو، فأكدت أن الحكومة ماضية في إزالة جميع البسطات المخالفة، مشيرة إلى أن “عودة بعض البسطات هي مخالفة ويتم يوميا تنظيم حملة إزالة للإشغالات، ولا صحة للسماح بعودتها”.

حمشو، أضافت في تصريحات لوسائل إعلام محلية، “تم الإعلان عن الساحات التفاعلية، في موقع المكتب الإعلامي لمحافظة دمشق، ومن يرغب بالتخصص ببسطة ضمن إحدى الساحات يستطلع مراجعة مديرية مركز خدمة المواطن لتسجيل طلبه”.

البضائع التي تُعرَض على  البسطات شديدة التنوع لدرجة أنه يمكن لها أن تغطي معظم حاجات الناس وتغنيهم عن الدخول للمحلات العادية، لكنّها تواجه أيضا انتقادات يتركز على نوعية وجودة المعروض، فهي لا تصل لمستوى البضائع المباعة في المحلات النظامية، وخاصة فيما يتعلق بالألبسة والأحذية.

في ظل التخبط الكبير والارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، يتساءل السوريون حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار، في وقت تتّهم فيه وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” التجار بعدم الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الجهات الحكومية، ليرد التجار ويبررون غلاء الأسعار بالارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، فضلا عن النقص الحاد في موارد الطاقة والمحروقات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات