في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها سوريا منذ سنوات، تبرز العديد من المشكلات التي أصبحت تهدد الأمن الغذائي للسوريين، فيما بدأت مؤخرا تهدد حياة الأطفال بعدما أصبح الحصول على غذاء الأطفال أمرا غاية بالصعوبة بالنسبة لفئة واسعة من العائلات السورية.

ندرةٌ وغلاء في الأسعار تشهدها البلاد فيما يتعلق بحليب الأطفال، الأمر الذي جعل بعض الأهالي يتّجهون إلى بدائل رخيصة ومتوفرة كالرز المسلوق، فيما حذّر بعض الأطباء من الاعتماد الكلي على هذه البدائل في تغذية الأطفال بدلا من الحليب المخصص.

ففي وقت تتصاعد فيه الأحداث والتحديات في سوريا، يتجلى تأثير قلة توفّر حليب الأطفال بشكل مؤلم وواضح. حيث تُعد أزمة حليب الأطفال في البلاد واحدة من أخطر الأزمات التي يواجهها السكان، مع تفاقم الوضع بشكل كبير في ظل انقطاع الإمدادات وندرة توفّرها مؤخرا. حيث تحولت دمشق وغيرها من المدن إلى ساحات للبحث عن حليب الأطفال.

ارتفاع أضعاف

تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية، تحدث عن ارتفاع أسعار حليب الأطفال بمختلف أنواعه إلى أكثر من الضعف خلال الأسابيع القليلة الماضية، وسط عجز الجهات الحكومية عن التدخل لتأمين المادة في الأسواق أو ضبط الأسعار.

عدد من الصيادلة، أوضحوا أن سبب ارتفاع أسعار حليب الأطفال لكون جميع الأصناف مستوردة من الخارج، وحكما ترتبط أسعار المادة بسعر الصرف، مؤكدين بأنه ومنذ قرابة الشهر تم استيراد كميات جيدة من الحليب، وأن المادة متوافرة لدى معظم الصيدليات، وأن العقبة التي تقف أمام الأهالي هي الارتفاع الكبير بأسعار المادة.

بحسب تقرير المنصة، فإن سعر عبوة الحليب من نوع “نان2″، وصل إلى نحو 80 ألف ليرة سورية، وعبوة الحليب من نوع “كيكوز2” نحو 60 ألف ليرة، ما يعني أن نسبة الارتفاع وصلت إلى مئة بالمئة خلال أسابيع قليلة فقط.

من جانبه أوضح رئيس فرع نقابة الصيادلة بدمشق الدكتور حسن ديروان، أن تسعير حليب الأطفال يتم بناء على تكاليف الاستيراد والنفقات الحقيقية، وأشار في تصريحات نقلتها المنصة المحلية، إلى أن الأسواق تحوي 7 أصناف من حليب الأطفال الآن، “ومن الممكن أن يستبدل المواطن بأي نوع غير النان أوالكيكوز وأسعارها مقبولة” حسب قوله.

في سوريا أصبحت قضية إنجاب الأطفال رحلة صعبة، تشكل عبئا ثقيلا على معظم العائلات السورية، لأسباب عديدة أبرزها العائق الاقتصادي، إذ إن أسعار مستلزمات الأطفال لا سيما حديثي الولادة، أصبحت تحتاج لثلاثة رواتب أو أكثر من تلك التي تدفعها الحكومة للموظفين.

قد يهمك: مع انهيار المنظومة التعليمية.. الدروس الخصوصية ضرورة ترهق العائلات السورية

ومن جهة أخرى، بيّنت تقارير اجتماعية مختصة، أنه نتيجة الوضع الاقتصادي المأزوم وعدم قدرة الرجل على تحمّل تكاليف معيشة أسرته، فإن هذا الحال ينعكس على الترابط الأُسري أيضا، لأن الثقافة السائدة تفرض على الرجل أن يتحمل مسؤولية تأمين المصاريف، ولأنه يعجز عن ذلك تشعر الزوجة في الغالب بعدم الرضى عن الحياة معه.

فضلا عن ارتفاع معدلات الانفصال في سوريا، فإن هناك انتشار لحالة العزوف عن الزواج بين الشباب في البلاد، إذ يهرب الشباب من مسألة الزواج، بسبب المسؤوليات المترتبة عنها، وبشكل خاص المسؤوليات الاقتصادية.

عزوف عن الإنجاب والزواج

بحسب تقرير سابق لصحيفة “الوطن” المحلية، ونقلا عن خبراء في علم الاجتماع، فإن 60 بالمئة من الشباب السوريين عازفون عن الزواج، بسبب الخوف من المستقبل، بالإضافة إلى الدخل المتدني، فضلا عن عدم وضوح مستقبلهم، وعدة عوامل أخرى مثل، عدم وجود مهنة محددة، دخل مستقل، العمل، وهذا ما يؤجل الزواج لأجل غير محدد.

التقرير أشار إلى أنه في تجمعات المدن الرئيسية تصل نسبة العزوف لـ 40 بالمئة، بينما تنخفض في التجمعات التي لا زالت تحافظ على الروابط المختلفة فيما بينها، والتي تخفف بدورها من الأعباء المترتبة على الزواج، حيث أن الضغوط المادية لها دور في العزوف، لكن العامل الأساسي، هو التفكك الاجتماعي وتحول الحياة إلى فردية، حيث يواجه الفرد المشاكل لوحده.

كما نقل التقرير عن خبراء، أن نسبة عزوف الإناث عن الزواج بلغت 70 بالمئة وأن هناك عزوف عن الزواج بسبب التكاليف، محذّرين من حدوث فجوة خطيرة بالهرم السكاني السوري، وعدم تجدد المواليد ليتحول بعدها المجتمع السوري إلى مجتمع كهل، نظرا لعدم الإقبال على الزواج وارتفاع حالات الطلاق، والتفكك الأُسري وحوادث الموت والفقدان والهجرة.

كذلك انتشرت ظاهرة الزواج “بشرط عدم الإنجاب”، حيث يختار بعض الأزواج عدم إنجاب الأطفال بشكل متعمّد، ولأسباب مختلفة، وتبرز هذه الظاهرة أمام السوريين كواحدة من الاستجابات للتحديات الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة، حيث يروّج البعض لفكرة عدم تحميل الأجيال الجديدة أعباء تلك المشكلات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات