رغم تدهور الوضع المعيشي.. سوق “المؤونة المفرزة” ينتعش في سوريا

في ظل تدهور الأوضاع المعيشية في سوريا، أصبح الحصول على مواد المؤونة في سوريا، مهمة مستحيلة بالنسبة لكثير من العائلات السورية، خاصة مع الغلاء الكبير الذي ضرب جميع المواد هذا الموسم، وتجاوز ربما نسبة مئة بالمئة مقارنة بأسعار نفس المواد خلال العام الماضي.

العائلات السورية اعتادت خلال أشهر فصل الصيف، على تخزين العديد من المواد الغذائية لاستهلاكها خلال فصل الشتاء، كالبازلاء والثوم والمكدوس والتي ارتفعت أسعارها لتفوق القدرة الشرائية للأهالي ما أدى لتراجع بيعها في الأسواق.

غلاء مواد المؤونة، أدى في المقابل إلى انتعاش سوق صناعة المؤونة، حيث اتجهت بعض العائلات إلى تجهيز المؤونة وبيعها في الأسواق إلى الأشخاص الميسورين، الذي يفضلون الحصول على مواد المؤونة جاهزة، ذلك ما وفّر فرص عمل للعديد من الأشخاص، الذين اتخذوا هذه المهنة لمساعدتهم على الحصول على مؤونتهم الخاصة.

الأسعار في الأسواق

بحسب تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، فإن سعر كيلو البازلاء الخضراء يتراوح بين 12 إلى 14 ألف ليرة سورية، ضمن سوق الهال، بينما وصل سعرها في الأسواق إلى 20 ألف، أما البازلاء الخضراء المفرزة أي الجاهزة للمؤونة فهي تُباع بالـ “غرامات” وكل 400 غرام منها بـ 16 ألف ليرة سورية، بينما يُباع الفول البلدي المفرز بسعر 15 ألف ليرة لكل 400 غرام منه.

“من خلال عملي في تجهيز المونة استطعت تأمين مونة العائلة”، قالت رنا الآغا وهي أم في عائلة مؤلفة من ثلاثة أفراد وتعيش في مدينة حلب، مؤكدة أن هناك إقبال جيد على شراء مواد المؤونة الجاهزة من قبل البعض، كما أن هناك متاجر تشتري منها هذه المواد.

الآغا، أضافت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “عملت لشهرين في تجهيز مواد المؤونة وبيعها لبعض الأشخاص، كانت الأرباح جيدة جدا، واستطعت توفير ثمن مواد المؤونة للمنزل، من مكدوس وجبنة وبازلاء وثوم، عملت كذلك مع بعض المتاجر لكن كانت المرابح أقل، هناك العديد من العائلات التي ترغب بشراء مواد المؤونة جاهزة للتخزين”.

ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، لم يكن السبب الرئيسي لعزوف شريحة واسعة من السوريين عن تخزين المواد الغذائية في منازلهم، استعدادا لاستهلاكها في فصل الشتاء.

قد يهمك: مشافي السويداء بلا أطباء جراحة.. عملية شائعة بتكلفة 23 مليون!

في وقت ليس ببعيد كان المكدوس من المواد الرئيسية في معظم منازل السوريين، لكن مؤخرا عزفت معظم العائلات السورية عن تموين عبوات المكدوس لأسباب عديدة أبرزها، الارتفاع الجنوني لمكونات هذه الأكلة الشعبية فضلا عن غياب الكهرباء لساعات طويلة يوميا عن المنازل، حيث تحتاج بعض مواد المؤونة إلى التخزين في درجات حرارة منخفضة.

عادة ما تكون أسابيع شهري آب/أغسطس، وأيلول/ سبتمبر، هي أسابيع ذروة “المونة”، حيث تنتشر مواد “المونة” في الأسواق السورية، من مكدوس وملوخية وبامياء وكشك ومربيات، وبالطبع فقد قفزت أسعار هذه المواد كغيرها من السلع في الأسواق السورية، الأمر الذي زاد من صعوبة مهمّة “المونة” بالنسبة لمعظم العائلات.

مكونات الأكلة الشعبية الشهيرة “المكدوس” شهدت ارتفاعا كبيرا في أسعارها، إذ يؤكد تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية، أنه “فيما إذا أرادت عائلة  تحضير فقط 40 كيلوغرام، ستكون تكلفة الباذنجان حوالي الـ 250 ألف ليرة سورية، من دون فليفلة حمراء، في وقت سجّل فيه سعر الباذنجان في الأسواق ما بين 4500 – 5000 ليرة للكيلو الواحد، بينما ارتفع سعر كيلو الفليفلة إلى 5000 ليرة سورية، وسعر كيلو الثوم 30 ألف ليرة، ولتر الزيت النباتي بين 28 و 30 ألف ليرة”.

تبريرات حكومية

بدوره برّر أمين سر جمعية حماية المستهلك في دمشق عبد الرزاق حبزة، أن ارتفاع أسعار مواد “المونة”، كان متعلّقا بموجات الحر التي شهدتها سوريا خلال فترة فصل الصيف والتي أدت إلى قلة إنتاج الموسم من الباذنجان، وبالتالي قلّة الكميات المتوافرة في الأسواق في ظل الطلب الكبير على المادة، وهذا ينسحب أيضا على الفليفلة الحمراء.

حبزة، أضاف في تصريحات نقلتها المنصة المحلية، “كما أن اضطرار المزارعين لاستخدام مولدات الديزل لضخ المياه من الآبار لسقاية المحصولات الزراعية ومن ضمنها الباذنجان والفليفلة، أيضاً لعبت دوراً في زيادة السعر، ناهيك عن التكاليف الباهظة لعمليات النقل”.

خلال العامين الماضيين، حلَّ موسم المؤونة الشتوية ضيفا ثقيلا على العديد من العائلات في سوريا، ويبدو أن الأمر سيتكرر ولكن بشكل أكبر هذا العام، نتيجة الارتفاعات القياسية في الأسعار التي باتت أكبر من القدرة الشرائية للكثيرين من مجاراتها، وهذا سيدفع البعض إمّا إلى إلغاء صناعة “المونة” نهائيا، أو تقليص مخصصاتهم منها وجعلها ضئيلة جدا، لتقتصر على تموين أهم المواد، مثل “المكدوس والجبنة”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات