ارتفاعات كبيرة في أسعار الموبايلات تشهدها الأسواق خلال الفترة الحالية، متأثرة بانهيار قيمة العملة المحلية بسوريا، في وقت عمدت فيه الحكومة السورية إلى رفع أسعار ضريبة “جمركة” الأجهزة المحمولة إلى نسب عالية قد تصل إلى مئة بالمئة للأجهزة الحديثة، وبنسب أقل لبعض الأجهزة المتوسطة.

المبالغ الكبيرة التي تفرضها الحكومة كضرائب على امتلاك الموبايلات الجديدة، أفضت إلى تنشيط حركة بيع الأجهزة المهرّبة، خاصة تلك الأجهزة الغالية الثمن كموبايلات “الآيفون” وغيرها، حيث يحاول البعض التّهرب من دفع مبالغ طائلة تضاف إلى قيمة الموبايل الحقيقية.

ارتفاع رسوم الجمارك من جهة والانهيار المتواصل لقيمة العملة المحلية من جهة أخرى، جعلت أجهزة الجوال تسجل أسعارا يصفها الأهالي بـ”الخيالية”، حيث وصل سعر أقل هاتف محمول جديد في سوريا إلى نحو 3 ملايين ليرة سورية، أما أجهزة “الآيفون” فهي كأسهم البورصة تتبدل أسعارها يوميا في الأسواق، فضلا عن الرسوم المرتفعة لجمركتها.

الأسعار والتكاليف

أسعار جمركة الموبايلات تختلف وفقا للماركة والصّنف وتاريخ الصّنع، حيث بلغ سعر جمركة جهاز “آيفون 14 برو ماكس” نحو 8 ملايين و400 ألف ليرة سورية، وجمركة جهاز “سامسونغ إس 23 ألترا” 7 ملايين و 980 ألف ليرة سورية. ومع ارتفاع سعر الصرف فإن جمركة الموبايلات ترتفع معها تلقائيا، وكأنها تسعّر بالدولار وليست بالليرة السورية، وهذا استغلال واضح لجيوب المواطنين من قِبل هذه الحكومة التي باتت تحصّل الأموال من كل حدب وصوب على حساب المواطنين.

بحسب تقرير لموقع “بي تو بي” المحلي، فإن تكاليف جمركة الموبايلات تبدأ بخمسين بالمئة من سعر الموبايل الحقيقي، وهي للهواتف منخفضة الثمن، حيث تبدأ أسعار الموبايلات المجمركة من 2.4 مليون ليرة سورية، بينما يصل أعلى سعر موبايل من طراز “سامسونع” إلى حوالى 34 مليون ليرة، أما أسعار موبايلات “الشاومي” فأعلى سعر لها يصل إلى 49 مليون ليرة، على حين الموبايلات ذات النوعية المتوسطة التي تلبي حاجة الشباب يمكن أن تكون بأسعار تتراوح بين 7-9 ملايين ليرة.

هذه الأسعار أفضت بالطبع إلى تراجع الطلب على الأجهزة الجديد، كذلك فإن الأهالي في سوريا أصبحوا يعتمدون على شراء الموبايلات من الخارج عن طريقة توصية أقاربهم وأصدقائهم، على اعتبار أن أسعارها أقل منها في الداخل، ويستخدمونها للأنترنت فقط، حيث أن خدمة الاتصال تحتاج إلى الحصول على إذن شركات الاتصال وبالتالي دفع رسوم الجمارك.

قد يهمك: مشافي السويداء بلا أطباء جراحة.. عملية شائعة بتكلفة 23 مليون!

بحسب تصريحات لأمين سر جمعية حماية المستهلك بدمشق عبد الرزاق حبزة، فإن رسوم جمركة الموبايلات تتوزع بين 30 بالمئة تذهب إلى وزارة المالية، فيما تذهب النسبة المتبقية إلى الهيئة الناظمة للاتصالات، معتبرا أن السبيل لتخفيف الأعباء المادية على المواطنين هو لجوء الهيئة الناظمة إلى تخفيف نسبتها.

سوق موازي

الأسباب المذكورة أفضت إلى إحداث سوق موازية لسوق الأجهزة المحمولة والجوالات، وازدهار عملية بيع وشراء الأجهزة الجديدة غير المجمركة المختلفة عن الأجهزة النظامية المجمركة من حيث السعر، كما أنها أصبحت مرغوبة كثيرا لدى المواطنين لاستخدامها في خدمات النت فقط.

إذ إن الأجهزة المهرّبة لا يمكن تشغيلها على الشبكات المحلية لأنها محظورة من قبل وزارة الاتصالات، حيث يتم السماح فقط للأجهزة المجمركة بالدخول للشبكة، لكن هذه الأجهزة يمكن أن تتصل بالإنترنت من خلال شبكة الواي فاي التي لا يمكن حظرها من قِبل المؤسسات الحكومية أو شركات الاتصالات.

بحسب تقارير صحفية المحلية، فإن أسعار جمركة الموبايلات ارتفعت خلال العام الجاري أكثر من مرة، دون توضيح أو إعلان رسمي من أي جهة كانت، ما دفع الناس للتوجّه إلى السوق الموازي وشراء أجهزة مهرّبة منتشرة بالآلاف، وذلك بعد أن أصبحت أسعار الجوالات في سوريا أغلى من دول الجوار نتيجة الضرائب المرتفعة.

الأجهزة الإلكترونية في سوريا، أصبحت منذ سنوات تشكل عبئا ثقيلا على الأهالي، الذين يتوجهون بمعظمهم إلى شراء الأجهزة المستعملة، فبإضافة للهواتف، سجّلت الأسواق السورية سعر مليوني ليرة سورية لأرخص جهاز حاسوب في سوريا، وهو جهاز مستعمل، و يصلح لفئة تلميذ مدرسة ابتدائي وإعدادي، أي بمواصفات بسيطة وذات جودة منخفضة جدا.

أما الحواسيب التي تستطيع خدمة طلاب الجامعة بما يخص المشاريع العملية، فتبدأ أسعارها من 2.8 مليون ليرة سورية، وهي تصلح للأعمال الإدارية وتصفّح الإنترنت، وتطبيقات البريد الإلكتروني.

أمّا أسعار أجهزة “الحواسيب” الجديدة، فهي تختلف حسب النوع والمواصفات المطلوبة، حيث يصل سعر “الحاسوب” بأقل المواصفات إلى أربعة ملايين ليرة سورية، بينما يصل سعر جهاز ” حاسوب” بمواصفات جيدة إلى 9 ملايين، علما أن الأنواع المتوفرة هي من شركة “ديل، وآتش بي، وأسوس”، وذلك في سوق “البحصة” وسط العاصمة دمشق، بحسب تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، مؤخرا.

سوريا مكب نفايات؟

مؤخرا تحولت سوريا لمكب نفايات إلكترونية لعديد من الدول، نتيجة ارتفاع الأسعار، حيث حذر رئيس جمعيّة المخلّصين الجمركيين إبراهيم شطاحي، من انتشار الحواسيب المستعملة منتهية الصلاحية التي تدخل كنفايات إلى سوريا، ويتم إعادة تصنيعها لتصبح صالحة للاستخدام مرة أخرى، إضافة إلى مواد أخرى من معدّات ومستلزمات.

جمعية المخلّصين الجمركيين بدمشق وريفها لفتت مؤخرا إلى “وجود عروض بيع مستودع كامل بأرخص الأسعار وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تسير الشركات فيها حسب القاعدة العالمية بأن للجهاز عمرا افتراضيا يجب تنسيقه قبل نهاية عمره“.

هذه الأجهزة، لاقت رواجا في سوريا بسبب انخفاض أسعارها، والحاجة الملحّة للحواسيب، لا سيما بين فئة الشباب وطلاب الجامعات، ويلجأ هؤلاء إلى الأجهزة المستعملة المعاد تصنيعها، نتيجة الارتفاع الهائل في أسعار الحواسيب الجديدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات