في ظل الفوضى التي تعاني منها أسعار مختلف السلع والخدمات في سوريا، تشهد الأسواق تخبطا في أسعار التبغ والدخان المصنّع محليا، إذ يشتكي السوريون من الغلاء المستمر في أسعار عُلب السجائر، فضلا عن الغش في محتوياتها وسط غياب الرقابة الحكومية.

الدخان في سوريا أصبح يشكل عبئا ماديا ثقيلا على المدخنين، حيث أصبحت عادة التدخين تكلف صاحبها ميزانية كبيرة في سوريا، وذلك مقارنة بمتوسط الدخل في البلاد، كذلك فإن هذا الأمر أفضى إلى توجه المدخنين إلى نوعيات رديئة من التبغ بسبب ارتفاع الأسعار، ما قد يؤدي إلى مخاطر صحية تضاف إلى مخاطر التدخين.

أسعار الدخان المهرّب سجلت ارتفاعا غير مسبوق في الأسواق المحلية، حيث وصل سعر بعض عبوات السجائر إلى 70 ألف ليرة سورية للعلبة الواحدة، ما يعني أن من يستهلك ثلاث عبوات من السجائر يوميا، سيتعين عليه تخصيص مبلغ 6.3 مليون ليرة شهريا للتدخين.

أسعار متفاوتة

بحسب تقرير لموقع “بي تو بي” المحلي، فإن “سعر علبة “مالبورو” تراوح بين 30 إلى 40 ألف ليرة سورية حسب النوع، فالأحمر ذو العلبة الورقية سعره 30 ألف بينما ذو العلبة الكرتونية يصل لـ 36 ألف، أما الأصناف الأخرى مثل الذهبي والأسود والأبيض، فسعرها يصل لـ 40 ألف، وهناك زبائن يدخنون يوميا علبتين”.

كذلك فإن هناك أصناف أخرى تُعد متوسطة السعر بين الماركات الفاخرة، فمثلا سعر علبة دخان “وينستون أحمر دبي”، الذي يأتي بعلبة كرتونية حمراء يصل لـ 34 ألف، والنوع الأزرق منه يصل لـ 36 ألف، بينما صُنّفت علبة دخان “لوكي” بسعر متراوح بين 36-40 ألف ليرة سورية حسب نوعية العبوة ولونها.

يبدو أن الزيادة الكبيرة في أسعار الدخان خلال الفترة الحالية ستجبر السوريين في الداخل على الإقلاع عن التدخين، أو قد يلجؤون إلى تقنين التدخين، أو اللجوء إلى استهلاك الأنواع الرخيصة، أو العودة إلى “سيجارة اللف”، مما سيؤثر بالتأكيد على صحة المدخنين وما حولهم من المدخنين السلبيين، وبالتالي سيجبر السوريين هنا أيضا للإقلاع عن التدخين.

قد يهمك: إشغال مئة بالمئة.. ما سبب ارتفاع وتيرة النشاط السياحي في سوريا؟

لذلك فإن أسباب مقاطعة السوريين للتدخين عديدة اليوم، سواء من حيث ارتفاع تكلفة الدخان أو المشاكل الصحية التي سترافق الناس بسبب استهلاك دخان رديء الجودة، وبالتالي مسألة العزوف أو حتى تقنين التدخين للبعض في سوريا باتت حتمية.

سعر كيلو النوع الجيد من التبغ الفرط وصل مؤخرا إلى 200 ألف ليرة سورية، وهو يكفي لمدة تصل تقريبا إلى 6 أسابيع، لمدخن طبيعي غير شره، بمعدل 20 إلى 30 سيجارة في اليوم.

استهلاك كبير للدخان

في المقابل، أكد رئيس “جمعية حماية المستهلك” عبدالعزيز المعقالي، أن ارتفاع أسعار الدخان الوطني غير مبرر، وهي عبارة عن استغلال لحالة الفوضى والفلتان المنتشرة في الأسواق، فلا يوجد سبب لرفعها كون المواد الداخلة في عملية الإنتاج صناعة محلية ولم تتأثر بارتفاع سعر الصرف.

المعقالي، اعترف بارتفاع أسعار الدخان المحلي، وذلك عبر ورود العديد من الشكاوى إلى مديريته. ويدخل الدخان المهرّب عبر العديد من الشبكات إلى داخل سوريا، وأبرز مصادر التهريب تتمثل بدولة لبنان.

سوريا تُعتبر من الدول التي ينتشر فيها استهلاك السجائر بشكل كبير، وبحسب مختصين فإن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية، إضافة إلى ارتفاع نسب البطالة، هي أبرز أسباب انتشار عادة التدخين في البلاد. وسجلت نسب المدخنين ارتفاعا ملحوظا بحسب مختصين خلال السنوات الماضية، كما أن انتشار تدخين السجائر وصل إلى شريحة أوسع من المراهقين في البلاد.

مديرة برنامج الإقلاع عن التدخين في سوريا الدكتورة عبير عبيد، أكدت عدم وجود إحصائية دقيقة لعدد المدخّنين في البلاد، إلا أن آخر إحصائية رسمية، أُجريت عام 2000 تفيد بأن ثلث الشعب مدخن، وبالتالي يمكن القول، إن النسبة ارتفعت اليوم إلى النصف، مشيرة إلى أن سوريا مصنّفة بين الدول الأكثر تسجيلا للوفيات بسبب التدخين، وفق إذاعة “المدينة إف إم” المحلية مؤخرا.

اللافت أن معدلات التدخين ارتفعت مؤخرا بين الشباب والمراهقين بالتحديد، حيث أكدت عبيد أن دراسات البرنامج تشير إلى ارتفاع نسب التدخين إلى أكثر من 60 بالمئة من طلاب الجامعات، خاصة منتجات التبغ “السيجارة والنرجيلة”.

كما بيّنت مبادرات عدة بعنوان “مدارس خالية من التدخين“ “وجود نسب من التدخين العابر بين طلاب المدارس تعادل 49.6 بالمئة، ونسبة انتشار التدخين السلبي 64.8 بالمئة من العيّنة المدروسة، كما تبيّن وجود نسب تدخين داخل المدارس بمعدل 40 بالمئة بين المدرّسين، وبمعدل 50 بالمئة بين الكادر الإداري”.

معدلات التدخين الواردة في آخر تقارير “أطلس التبغ”، الذي أصدرته جامعة “إلينوي شيكاغو“، وشركة “فايتل ستراتيجيز“، تُظهر أن الفرد في سوريا يستهلك 1275 سيجارة سنويا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات