رغم مرور أكثر من شهرين ونصف على بدء العام الدراسي في لبنان، ما يزال أكثر من نصف مليون طفل سوري في لبنان خارج مقاعد الدراسة، ينتظرون انتهاء المفاوضات بين وزارة التربية اللبنانية ومنظمة “اليونيسف” المعنية بدعم العملية التعليمية للاجئين على الأراضي اللبنانية.

المفاوضات بين الجانبين تجري على الميزانية المخصّصة لبرنامج تعليم الأطفال السوريين، إذ تقول الحكومة اللبنانية إن “اليونيسف” ترفض أية زيادة على الميزانية المخصصة، فيما تؤكد وزارة التربية أن الميزانية بحاجة إلى رفع من أجل الحصول على أجور مناسبة للمعلمين والمعلمات في المدارس.

متى يبدأ العام الدراسي؟

حول هذا الشأن أكد رئيس رابطة معلمي التعليم الأساسي في لبنان حسين الجواد، أن انطلاق العام الدراسي للأطفال السوريين مقرون، بتنازل منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” في موضوع رفع أجور ساعات المعلمين والمعلمات العاملين في المدارس، إضافة إلى الإفراج عن متأخرات صناديق المدارس عن السنوات السابقة.

طبقا لما نقله موقع “المدن” فإن “اليونيسف”، دفعت خمسين بالمئة من أموال العام الدراسي 2021-2022 ولم تدفع أي مبلغ من أموال العام 2023. وهي مطالبة اليوم برفع مساهمات الصناديق كي تتمكن المدارس من دفع المصاريف وأجور العمال والصيانة. وتجري المفاوضات معها حاليا في سبيل التوصّل إلى حلول لإطلاق العام الدراسي قريبا.

رابطة “معلمو التعليم الأساسي” في لبنان أصدرت قبل أيام، بيانا أكدت من خلاله أن “اليونيسف” تصرّ على دفع ستة دولارات كأجر للساعة، تشمل بدل الأتعاب وبدل النقل وبدل الإنتاجية. لكن لجنة الدوام المسائي ورابطة للتعليم الأساسي رفضتا الأمر وأصرّتا على مساواة الأساتذة مع زملائهم في الدوام الصباحي، والحصول على أجر ساعة عادل لا يقل عن 9 دولارات.

أما منظمة “اليونيسف” فتردّ على هذه المطالب بالتأكيد على أنها لا تملك حاليا الإمكانيات لرفع الميزانية المخصصة لبرنامج تعليم اللاجئين في لبنان، مؤكدة أنها لا تمانع رفع أجور المدرسين من قِبل وزارة التعليم، لكن ضمن الميزانية المخصصة التي تقدر بـ 39 مليون دولار أميركي.

مصير الطلاب مجهول

وبين “اليونيسف” والحكومة اللبنانية، يبقى مصير بدء العام الدراسي لنحو نصف مليون سوري معلّقا، وهنا أكدت سمية نجار وهي مدرّسة تعمل في المدارس المخصصة لتعليم الأطفال اللاجئين، أن عملها معلّقٌ منذ أشهر بانتظار قرار بدء العام الدراسي.

نجار قالت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “منذ أيام كان هناك اجتماع بين وزير التربية عباس الحلبي و رابطة معلمي التعليم الأساسي، ووفد من لجنة الأساتذة المستعان بهم، وقد عرض الوزير رفع أجر المعلمين من ستة إلى سبع دولارات للساعة، لكن هذا الأجر ما زال يُعتبر منخفضاً جدا قياسا على دوام المعلمين، حتى الآن لا نعلم إذا كان العام الدراسي سيبدأ قريبا أم لا”.

تعليم الأطفال اللاجئين في لبنان يجري عادة في المدارس اللبنانية، حيث عمدت وزارة التربية إلى تخصيص الساعات المسائية لدوام الطلبة اللاجئين، فبعد ساعات الظهيرة، تبدأ المدارس يوما جديدا، فبمجرد مغادرة حافلة مدرسية تصل أخرى.

صعوبات أخرى

في هذه الأثناء يواجه الطلبة السوريون صعوبات عديدة في المدارس اللبنانية أبرزها اللغة، إذ إن المواد  العلمية التي تُدرّس في لبنان إما باللغة الفرنسية أو الإنكليزية، فيما تدرّس كل المواد باللغة العربية في سوريا. 

كذلك يواجه الطلبة السوريون تحديات تتعلق برفض شريحة واسعة من اللبنانيين، تسجيلهم في مدارس البلاد، وتداولت وسائل إعلام محلية في لبنان تقارير عديدة تحت عنوان “كابوس الطلاب السوريين في المدارس اللبنانية وشبح الاندماج الذي يهدد أبناءهم”، إذ يعتبر البعض أن ملف النازحين السوريين يشكّل تهديدا حقيقيا للطلاب اللبنانيين، متّهمين الحكومة اللبنانية بالفشل في إيجاد حلّ لتعليم الأطفال السوريين بدون التأثير على العملية التعليمية في لبنان.

في إطار خطة الاستجابة للأزمة السورية، أنشأت “اليونيسف” بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم العالي، برنامج التعليم الشامل الذي يتضمن توفير التعليم للتلامذة السوريين في 342 مدرسة رسمية تتوزع على مختلف الأراضي اللبنانية”.

وفق البرنامج المذكور كانت “اليونيسيف” تدفع لوزارة التربية في لبنان، مبلغ 600 دولار أميركي عن كل تلميذ سوري سنويا،  إن كان مسجّلا في دوام بعد الظهر، أو 363 دولارا إن كان مسجّلا في الدوام الصباحي. 

لكن هذه المساهمات الدولية تراجعت وفق تقرير صادر عن معهد “ميدل إيست أون لاين”، بنسبة تصل إلى نحو 76 بالمئة، فأصبحت المنظمة الدولية تدفع 140 دولارا عن كل تلميذ سوري في التعليم الرسمي قبل الظهر وبعده، إلى جانب دفع مبلغ وقدره 18 دولارا عن كل تلميذ لبناني في التعليم الرسمي، بعد أن كان 160 دولارا.

أمام هذه التحديات والصعوبات، ظهرت مؤخرا بعض المبادرات التي تهدف إلى تعليم الأطفال اللاجئين خارج أسوار المدارس، من بين هذه المشاريع مشروع “بناء خيم نموذجية للتعليم في مخيمات اللاجئين السوريين شمال لبنان”، هذه المخيمات التي يعاني نسبة كبيرة من أطفالها من التسرب المدرسي وصعوبة ارتياد المدارس.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات