أكدت القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، مساء الاثنين الفائت، أن الناقلة النرويجية “ستريندا” تعرّضت لهجوم في البحر الأحمر، على بُعد ستين ميلاً بحرياً شمال باب المندب، حيث أُصيبت السفينة بصاروخ كروز أُطلق من اليمن.

أبلغ طاقم “ستريندا” عن وقوع أضرار تسببت في نشوب حريقٍ على متنها، لكن لم تقع إصابات في هذا الوقت، ولم تكن هناك سفنٌ أميركية في المنطقة وقت الهجوم، لكن المدمّرة الأميركية “يو اس اس ماسون” استجابت لنداء الاستغاثة الذي أطلقته السفينة النرويجية وقدّمت لها المساعدة.

جماعة “الحوثي”، كانت قد أعلنت السبت الفائت، أنها ستمنع كافة السفن المتجهة لإسرائيل من أي جنسية من المرور إذا لم يدخل قطاع غزة ما يحتاجه من الغذاء والدواء، محذّرة من أن هذه السفن “ستصبح هدفا مشروعا” لها إذا لم يتحقق ذلك، فيما أثارت هجمات “الحوثيين” مخاوف بشأن تأثيرها على حركة الملاحة في قناة السويس، أسرعٌ ممرّ بحري يربط بين آسيا وأوروبا.

“باب المندب”.. تهديد “حوثي” جديد

جاء الهجوم على “ستريندا” بعد أن أصابت الصواريخ الباليستية التي أطلقها المتمرّدون “الحوثيون” في اليمن ثلاث سفن تجارية في وقت سابق من هذا الشهر في البحر الأحمر، في حين أن المدمّرة الصاروخية الموجّهة التابعة للبحرية الأميركية من طراز “أرلي بيرك يو إس إس كارني” (DDG-64) أيضاً تعرّضت لإطلاق النار.

مقاتلون موالون للرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي يستريحون بجوار قاذفة صواريخ متعددة في باب المندب، في محافظة تعز جنوب اليمن. (صالح العبيدي/ وكالة الصحافة الفرنسية)

السفينة “يو إس إس كارني” أسقطت أكثر من 22 صاروخاً وطائرة مسيّرة أطلقها المتمردون “الحوثيون” منذ انتشارها في مياه الشرق الأوسط في تشرين الأول/أكتوبر الفائت. وأصدرت البحرية مقطع فيديو الأسبوع الماضي يتضمن لقطاتٍ للسفينة الحربية وهي تُسقِط الصواريخ، وانتهى المقطع بتعليق “22-0”.

كما تعهّدت واشنطن بالنظر في كافة الردود المناسبة، وذلك في أعقاب هذه الهجمات، والتي تستهدف من قبل إيران على وجه التحديد، وفقاً لما ذكرته وكالة “أسوشيتد برس”.

مضيق “باب المندب”، هو قناة بعرض 20 ميلاً تفصل بين إريتريا وجيبوتي على الجانب الإفريقي، واليمن في شبه الجزيرة العربية. ويمرّ عبره نحو 17 ألف سفينة، و10 بالمئة من التجارة العالمية كل عام، ويجب أن تأتي أيّ سفينة تمرّ عبر قناة السويس من وإلى المحيط الهندي من هذا الطريق.

البحرية الأميركية والصواريخ الإيرانية

أثارت جرأة “الحوثيين” سؤالاً حول ما إذا كان “الحوثيون” ومن خلفهم إيران، قد يحاولون ضرب هدف أكثر جاذبية – أي حاملة طائرات أميركية.

طائرة نفاثة على متن حاملة الطائرات الأميركية يو إس إس أيزنهاور. (غيتي)

منذ الشهر الماضي، تعمل حاملة الطائرات العملاقة التي تعمل بالطاقة النووية من طراز “نيميتز يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” (CVN-69) ومجموعتها الهجومية (IKECSG) في خليج عمان، في إطار جهود واشنطن لردع أي تصعيد في الصراع الدائر بين إسرائيل و”حماس” في غزة. 

بالإضافة إلى ذلك، تعمل حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد” (CVN-78) في البحر الأبيض المتوسط، مع تمديد انتشارها في المنطقة.

في أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تم الإبلاغ عن قيام طائرة إيرانية بدون طيار برحلة غير آمنة، وتجاهلت تحذيرات متعددة، وفي مرحلة ما، وصلت المركبة الجوية بدون طيار إلى مسافة 1500 ياردة من حاملة الطائرات.

تمثّل طائرة صغيرة بدون طيار تهديداً لسفينة حربية، ولكن هناك الآن مخاوف من أن إيران – أو وكلاءها – قد يحاولون ضرب حاملة الطائرات الأميركية بصاروخ “كروز” طويل المدى مضاد للسفن مثل صاروخ “نور” الإيراني، والذي تم تصميمه بشكل عكسي من الصاروخ الصيني المضاد للسفن “C-802”.

الصاروخ الذي يصل إلى البحر، ظهر لأول مرة في طهران عام 1995، لكن تم إلغاء تصديره من بكين بعد ضغوط أميركية. ومع ذلك، تمكّنت طهران من إجراء هندسة عكسية له. 

يُقال إن صاروخ “نور” يستخدم راداراً نشطاً بموجة مليمترية في المرحلة الأخيرة من رحلته للعثور على الهدف، بينما يُعتقد أيضاً أنه من الصعب جدّا التشويش عليه. ويصل مداه إلى 220 كيلومتراً (136 ميلاً)، وتبلغ سرعته القصوى 1.4 ماخ خلال مرحلته النهائية.

صاروخ “أبو مهدي” المضاد للسفن

وما يثير القلق الأكبر بالنسبة للبحرية الأميركية والسفن التجارية هو صاروخ “أبو مهدي” طويل المدى المضاد للسفن، والذي دخل الخدمة مع البحرية الإيرانية والبحرية التابعة لـ”الحرس الثوري” في الصيف الماضي.

طائرة تقلع من سطح حاملة الطائرات يو إس إس كارني في الولايات المتحدة. (غيتي)

سمّي الصاروخ نسبة إلى أبو مهدي المهندس نائب رئيس “الحشد الشعبي” العراقي الذي قتلته الولايات المتحدة مطلع عام 2020 برفقة قائد “فيلق القدس” بـ”الثوري” الإيراني، قاسم سليماني، على طريق مطار بغداد.

وتم الكشف عن “أبو مهدي” في آب/أغسطس 2020، وهو أول صاروخ “كروز” بحري إيراني بعيد المدى يستخدم الذكاء الاصطناعي وتقنية “باحث الرادار المزدوج” لمواجهة الحرب الإلكترونية، أنتجته مؤسسة الصناعات الجو فضائية التابعة لوزارة الدفاع، وزوّدته بمحرك نفاث من فئة طلوع “لحماية مضيق هرمز والشواطئ الإيرانية”.

 قائد القوات البحرية لـ”الحرس الثوري” الإيراني، علي رضا تنكسيري، خلال مراسم الكشف عن الصاروخ أشار إلى أن الصواريخ ستجبر حاملات الطائرات التابعة للبحرية الأميركية على الانسحاب حتى لا تتمكن الطائرات من الوصول إلى إيران.

غالباً ما تتباهى طهران بأنظمة جديدة وتقدم ادعاءات يصعب التّحقق منها، ومع ذلك، يقول الخبير العسكري، العقيد عبد الله حلاوة، لـ”الحل نت”، إن حاملات الطائرات الأميركية سريعة ومرنة ويصعب تحديد موقعها وتتّبعها في عرض البحر.

أيضا بحسب حلاوة فإن حاملات الطائرات الأميركية محمية بدفاعات هائلة تشمل أجهزة استشعار عالية الأداء وصواريخ موجهة بالرادار و مدافع “غاتلينج” 20 ملم، وطائرات مسيّرة وهليكوبتر، وهذه الحاملات لا تعمل وحدها بل كجزء من مجموعة ضاربة تضم سفناً حربية مزوّدة بصواريخ موجهة متعددة المهام القتالية.

فضلا عن ذلك، فإن حاملات الطائرات الأميركية تستخدم تكتيكات تشغيلية لتقليل المخاطر مع الاستمرار في دعم الضربات الهجومية، وهي مصنوعة من مواد مقاومة للماء والدروع ولديها مقصورات مقاومة للماء وآلاف الأطنان من الدروع.

وبالتالي، فإنه من الصعب جدا تدمير حاملة طائرات أميركية بصاروخ واحد أو حتى عدة صواريخ. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن حاملات الطائرات الأميركية ليست معرّضة للخطر من الهجمات الصاروخية أو البحرية أو الجوية، وقد طوّرت بعض الدول مثل روسيا والصين صواريخ باليستية أو كروز أو فرط صوتية، تهدف إلى تحدّي أو تهديد حاملات الطائرات الأميركية إلا أن ترسانة “الحوثي” التي تدعمها إيران لا يمكنها حاليا تدمير أي من القطع البحرية الأميركية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات