أظهرت التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الإيراني، محمد رضا آشتياني، استمرار طهران في مواصلة سلسلة إهانة وإذلال لـ”الحوثين” في اليمن، حيث اعتبر البحر الأحمر منطقة حصرية لإيران، فيما اعتبرت هذه التصريحات المهينة جزءاً من تكتيكات التأثير والتلاعب التي تمارسها إيران من خلال وكلائها، وهي ميليشيات “الحوثي” الانقلابية في اليمن.

منذ اندلاع الصراع بين إسرائيل و”حماس” وتصاعده بعد انفجار 17 أكتوبر/تشرين الأول في أحد مستشفيات غزة، والذي أسفر عن مقتل وجرح العديد من الأشخاص، أكد قادة “الحوثيين” أن إسرائيل هي هدفهم، وقال المتحدث العسكري باسم “الحوثي”، إن الجماعة تريد منع السفن الإسرائيلية من التحرك في البحر الأحمر حتى تتوقف إسرائيل عن القصف.

ويصف “الحوثيون” هجماتهم الأخيرة بأنها حملة تضامن مع 2.2 مليون فلسطيني في غزة يعيشون تحت الحصار والقصف الإسرائيلي، في المقابل كانت إيران خلال الفترة الماضية تنأى بنفسها عن هذه الهجمات وتصفها بأنها ردّ فعل ذاتي وهجمات هذه المجموعات بشكل عفوي؛ لكن التصريح الأخير لآشتياني كشف النقاب عن خطط طهران.

قرصنة في البحر الأحمر

أعلنت جماعة “الحوثي” اليمنية، أمس الخميس، تنفيذ عملية عسكرية ضد سفينة حاويات، قالت إنها كانت متّجهة إلى إسرائيل واستهدافها بطائرة مسيرة، كما جددت الجماعة التأكيد على استمرارها في منع كافة السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من الملاحة في البحرين العربي والأحمر.

أعلنت جماعة “الحوثي” اليمنية، أمس الخميس، تنفيذ عملية عسكرية ضد سفينة حاويات – غيتي

أصبحت سفينة الحاويات “ميرسك هامبورغ” ثالث سفينة يتم استهدافها خلال الأيام القليلة الماضية بهجوم صاروخي “حوثي” عند عبورها مضيق باب المندب، يأتي هذا الهجوم بعد أن أفادت القيادة المركزية الأميركية أمس أن مدمرة الصواريخ الموجّهة استجابت لنداء استغاثة من ناقلة ترفع علم جزر مارشال.

هذه الناقلة التي تحمل وقود طائرات هندي الصنع، والمتّجهة إما إلى روتردام في هولندا أو إلى جافلي في السويد، تعرضت لهجوم من قوات “الحوثي”، بعد أن حاولوا في البداية الصعود على متن الناقلة عبر الزوارق؛ لكن بسبب وجود طاقم أمني مسلح على متنها فشلت محاولة الصعود إليها.

هذه الهجمات أتت في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي شنّه “الحوثيون” في 11 كانون الأول/ديسمبر الجاري على الناقلة النرويجية “ستريندا”، والهجوم السابق على سفينة “غلاكجسي” والتي ما تزال مع طاقمها محتجزة في أحد الموانئ اليمنية.

ويزعم “الحوثيون” المدعومين من إيران أن الهجمات هي ردّ على الوضع في غزة، لكن مع تصريحات آشتياني الأخيرة، يتضح أنها جزءٌ من جهود إيرانية واسعة لاستغلال هذا الوضع لصالح النظام الإيراني وفرض قرصنة في البحر الأحمر.

“الحوثيون” يتحولون إلى أداة

باعتباره جسراً حيوياً بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، يُعد البحر الأحمر طريقاً تجارياً حيوياً للشحن وإمدادات الطاقة العالمية، حيث يمرّ نحو 40 بالمئة من التجارة الدولية عبر مضيق باب المندب أو “بوابة الدموع”، وهو ممر مائي ضيق يفصل شبه الجزيرة العربية عن القرن الإفريقي.

مضيق باب المندب أو بوابة الدموع – غيتي

إيران من جهتها استخفّت بجماعة “الحوثي” وكشفت حقيقتهم أمام العالم، حيث قال وزير الدفاع الإيراني، محمد رضا آشتياني، إن البحر الأحمر يُعتبر جزء من منطقة إيران ولا يمكن لأحد أن يناور في المنطقة التي نسيطر عليها.

وفضح تصريح المسؤول الإيراني حقيقة ما تقوم به جماعة “الحوثي” منذ أسابيع من قرصنة على سفن الشحن التجارية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، لافتا إلى أن ما تقوم به الجماعة اليمنية ليست سوى خدمة لأهداف النظام الإيراني وتعزيز تواجده في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

تصريح آشتياني، يبدو أنه جاء بعد أن استشعرت طهران خطر فقدان نفوذها في اليمن، لا سيما أن واشنطن تجري محادثات مع دول أخرى بشأن تشكيل قوة عمل بحرية لضمان المرور الآمن للسفن في البحر الأحمر، وفق ما قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الأسبوع الفائت.

قيادة “الحوثي” التي تتخذ من منزل الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، مقرّا دائما لها، يرون أن إيران مرتاحة للطريقة التي تطورت بها الأحداث، وهذا سيزيد من دعمهم خلال المُدة المقبلة لا سيما من قبل القواعد الإيرانية التي في إريتريا.

تهديد الأمن الإقليمي

وفق حديث الصحفي اليمني، محمد الشرعبي، لـ”الحل نت”، فإن “الحوثيين” كدسوا ترسانة واسعة من الصواريخ الموجهة بدقة، والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، والمقذوفات المضادة للسفن، والعبوات الناسفة المحمولة بالمياه من خلال الدعم الإيراني. 

أعلنت جماعة “الحوثي” اليمنية، أمس الخميس، تنفيذ عملية عسكرية ضد سفينة حاويات – غيتي

منذ الانفراجة التي حدثت في شهر آذار/مارس الفائت بين طهران والرياض، لا يزال مدى التعاون بين إيران و”الحوثيين” مستمر ومتصاعد؛ رغم أن الاتفاق كان يهدف إلى تقليص التعاون الدفاعي بين الطرفين. 

فمن المهم أن نلاحظ بحسب الشرعبي، أن العلاقات بين إيران و”الحوثيين” تعتمد على تاريخ طويل من التعاون، وتشير التطورات الأخيرة في الصراع بين إسرائيل و”حماس” إلى أنه من غير المرجح أن يتضاءل هذا التعاون في المستقبل المنظور.

ولذا بات من الضروري على الولايات المتحدة أن تستمر في إجراء دوريات بحرية حول اليمن، حيث يخدم الوجود الأميركي غرضًا مزدوجًا يتمثل في منع وصول الأسلحة إلى الأراضي اليمنية والمساعدة في إسقاط أي صواريخ أو طائرات بدون طيار أو قرصنة تهدد الممرات البحرية المفتوحة.

الجدير ذكره، أن بريطانيا تبنت أمس الخميس، نظام عقوبات جديدة على إيران مع إعلانها عن إجراءات ضد سبعة أفراد، من بينهم قائد “فيلق القدس” في طهران، لتهديدهم أو التخطيط لزعزعة استقرار المنطقة.

الحكومة البريطانية اتهمت إيران بدعم هجمات “الحوثيين” المسلحة على السفن في البحر الأحمر، وقالت إن نظام العقوبات الجديد يمنحها صلاحيات أكبر للتحرك ضد إيران وصناع القرار فيها.

ومن بين الأشخاص الخاضعين لحظر السفر وتجميد الأصول بموجب العقوبات الجديدة، إسماعيل قاآني، قائد “فيلق القدس”، وهو ذراع “الحرس الثوري” الإيراني الذي يسيطر على الميليشيات المتحالفة معه من لبنان إلى العراق ومن اليمن إلى سوريا.

كما شملت العقوبات محمد سعيد إزادي، رئيس فرع فلسطين التابع لـ “الحرس الثوري”، وثلاثة أعضاء آخرين من ذلك الفرع: علي مرشد شيرازي، وماجد زارع، ومصطفى ماجد خاني.

وقالت الحكومة إن الفرع بأكمله يخضع لتجميد أصوله، بينما يواجه ممثلا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في إيران، خالد القدومي وناصر أبو شريف، على التوالي، حظر السفر وتجميد الأصول.

مضيق “باب المندب”، هو قناة بعرض 20 ميلاً تفصل بين إريتريا وجيبوتي على الجانب الإفريقي، واليمن في شبه الجزيرة العربية. ويمرّ عبره نحو 17 ألف سفينة، و10 بالمئة من التجارة العالمية كل عام، ويجب أن تأتي أيّ سفينة تمرّ عبر قناة السويس من وإلى المحيط الهندي من هذا الطريق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات