الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية شاملة بسبب إيران ووكلائها؟

الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية شاملة بسبب إيران ووكلائها؟

في حين لا يزال من غير المؤكّد مَن المسؤول عن الانفجارين اللذين أسفرا عن مقتل وإصابة أكثر من 100 شخص في مدينة كرمان الإيرانية يوم الأربعاء الفائت رغم تبنّي تنظيم “داعش” للعملية، إلا أن هناك تحذيرات من أن الانفجارات واستهداف وكلاء إيران في الشرق الأوسط زادت احتمالية حرب إقليمية شاملة تشمل إيران وإسرائيل و”حزب الله” و”حماس”.

جاءت الانفجارات، التي ألقى نائب الرئيس الإيراني باللوم فيها على إسرائيل، بعد يومٍ من غارة جوية إسرائيلية بطائرة بدون طيار أدت إلى مقتل مسؤول كبير في “حماس” في العاصمة اللبنانية بيروت، مما أدى إلى تصعيد التوترات مع “حزب الله”، الذي تعهّد زعيمه “بالرّد والعقاب”.

جمال عبدي، رئيس “المجلس الوطني الإيراني الأميركي”، وصف الانفجارات بأنها “أحدث تذكير صارخ بأن الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل لا تزال على موقفها”، فهل باتت المنطقة على شفا حربٍ إقليميةٍ شاملة؟

مؤشرات على هجوم مخطّط له

سلسلة من الأحداث تشير إلى أن هناك تحرّك إقليمي ضد إيران ووكلائها في المنطقة، لا سيما بعد أن تصاعدت أعمال هذه الميليشيا منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، كانت أبرزها تصاعد عمليات تهريب المخدرات في المنطقة واستهداف قواعد “التحالف الدولي” في العراق وسوريا، وقرصنة السّفن في البحر الأحمر من قِبل جماعة “الحوثي”.

طهران، إيران – 17 ديسمبر/كانون الأول: رئيس الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي يتحدث في موكب جنازة يحمل رفات 110 جنود إيرانيين. (تصوير فاطمة بهرامي/غيتي)

هذه الأحداث استدعت إلى تدخّل دولي صارم ضد هذه الميليشيات، حيث كثّف الجيش الأردني حملته على تجّار المخدرات بعد اشتباكات استمرت وقتاً طويلا الشهر الماضي مع عشرات المتسلّلين من سوريا المرتبطينَ بفصائل متحالفة مع إيران، كانوا يحملون كميات كبيرة وعبروا الحدود ومعهم أسلحة ومتفجرات.

مصادر استخباراتية أردنية وإقليمية قالت لوكالة “رويترز”، إن الأردن شنّ، أمس الخميس، غارات جوية داخل سوريا مستهدفا منزل أحد تجّار المخدرات والمرتبطينَ بـ”حزب الله” اللبناني، عهد الرمثان، وهذا هو الهجوم الثاني الذي يقوم به سلاح المملكة الجوي على مقارٍ لتجّار مخدرات داخل سوريا خلال أقل من شهر.

ففي 19 كانون الأول/ديسمبر الفائت، قصفت طائرات أردنية عدة مواقع في جنوب سوريا استهدفت ما يُعتقد أنهم تجّار مخدرات وأسلحة إيرانية، بعد عدّة ساعات من إعلان الجيش الأردني إحباط مخطّطٍ لعشرات المتسلّلينَ من سوريا المرتبطين بفصائل موالية لإيران عبروا حدود الأردن ومعهم قاذفات صواريخ وألغام مضادة للأفراد ومتفجرات.

الغارة الأردنية جاءت بعد عدة ساعات لقتل الجيش الأميركي بغارة جوية أمس الخميس، في العراق القيادي مشتاق طالب السعيدي، من حركة “النجباء” التي يموّلها “الحرس الثوري” الإيراني، حيث قالت وزارة الدفاع الأميركية، إنه كان ضالعا في التخطيط لشنّ هجمات ضد القوات الأميركية.

المتحدث باسم “البنتاغون”، باتريك رايدر، صرّح للصحفيين أن “القوات الأميركية اتخذت عند الساعة 12 ظهرا بتوقيت ⁧العراق، إجراءً ضروريا ومتناسباً مع الفعل ضد أبو تقوى، آمر اللواء 12 في حركة النجباء⁩، والذي كان ضالعا في التخطيط لشنّ هجمات ضد القوات الأميركية”.

قُبيل الهجوم الأميركي بحوالي 24 ساعة، ضربت انفجارات الأربعاء في إيران بالقرب من قبر قاسم سليماني، الجنرال الإيراني البارز الذي قُتل عام 2020 بغارة أميركية بطائرة بدون طيار، بينما كان الناس يتجمعون لإحياء ذكرى اغتياله، حيث قُتل ما لا يقل عن 84 شخصاً.

التفجيرات التي وقعت في مدينة كرمان جنوبي العاصمة طهران، سبقها استهداف لما يُعتقد أنه لأحد مهندسي أحداث السابع من أكتوبر في غزة، إذ قصفت طائرات إسرائيلية مقرّا لحركة “حماس” في الضاحية الجنوبية معقل “حزب الله” بالعاصمة اللبنانية بيروت.

حركة “حماس” أكدت أن صواريخ ثلاثة قتلت صالح العاروري نائب الأمين العام لحركة “حماس”، و مسؤولي كتائب “القسام” سمير فنيدي أبو عامر، وعزام الأقرع أبو عمار، وهذه ثاني أقوى عملية إسرائيلية داخل لبنان بعد شهر واحد من استهداف ‏خلية قيادة أقوى فرقة في “حزب الله” المسماة “الرضوان” في جنوب لبنان، والتي قُتل فيها عباس المعروف باسم “سراج”، نجل رئيس كتلة “حزب الله”، النائب محمد رعد، وأيضا القائد الكبير في “فرقة الرضوان”، خليل جواد شحيمي، ومعهم ملاك حولا وأبو حسين شقرا ومحمد شري، مما يشير إلى تعرّض نخبة الحزب لاستهداف واختراق في صفوفه.

أما الاختراق الأكبر، كان استهداف القيادي البارز في “الحرس الثوري” الإيراني، رضي موسوي، الذي قُتل يوم الاثنين الماضي 25 كانون الأول/ديسمبر، بغارة إسرائيلية في منطقة السيدة زينب في جنوب دمشق، والذي كان يُعهَد إليه ملفّ دعم ونقل الأسلحة إلى “المقاومة” في لبنان وسوريا.

ويبدو أن مقتل موسوي يمثّل ضربة موجعة لإيران، نظراً لكونه من أقدم القادة بالحرس ولكونه رفيق درب قاسم سليماني من طرف آخر، فطبقا لوسائل إعلام إيرانية فإن موسوي يُعتبر أعلى رتبة في “فيلق القدس” يُقتل خارج إيران بعد مقتل سليماني.

ماذا ستفعل إيران؟

نائب الرئيس التنفيذي لمعهد “كوينسي”، تريتا فارسي، حذّر من أن هذه لحظة خطيرة للغاية، مشيراً إلى تفجيرات إيران، والضربة الإسرائيلية بطائرة بدون طيار في بيروت، واغتيال إسرائيل لمسؤول كبير في “الحرس الثوري” الإيراني، تبدو أن الحرب على مستوى المنطقة أكثر احتمالا يوما بعد يوم.

الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية شاملة بسبب إيران ووكلائها؟ (1)
عرض صواريخ وهمية خلال معرض أقيم تضامناً مع الفلسطينيين في 03 يناير 2024 في صنعاء، اليمن. قال المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي اليمنية إن قواتهم هاجمت سفينة تابعة لإسرائيل في البحر الأحمر. (تصوير محمد حمود/ غيتي)

هذه الاحتمالات تعززها تصرفات النظام الإيراني الأخيرة، الذي قرّر وفق وكالة “تسنيم” الإيرانية نشر سفينة “البرز” الحربية الإيرانية في البحر الأحمر والتي دخلت عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي، في وقت تتصاعد فيه التوترات بشأن الممر المائي المهم عالمياً.

دخول الأسطول البحري الحربي الإيراني، جاء بعد أن شكّلت الولايات المتحدة في أوائل كانون الأول/ديسمبر الفائت، قوة عمل بحرية متعددة الجنسيات للبحر الأحمر في أعقاب موجة من الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار شنّها المتمردون “الحوثيون” المتحالفون مع إيران في اليمن على السفن التجارية، مما دفع شركات الشحن إلى تعليق رحلاتها.

ووفقا للغرفة الدولية للشحن، فإن 12 بالمئة من التجارة العالمية تمرّ عبر البحر الأحمر، الذي يوفّر طريقا مختصرا عبر أفريقيا عبر قناة السويس. ويأتي خبر البارجة الإيرانية بعد يوم من إطلاق مروحيات تابعة للبحرية الأميركية النار على المتمردين “الحوثيين” الذين كانوا يحاولون الصعود على متن سفينة شحن قبالة اليمن، حيث أبلغ المتمردون عن مقتل 10 مقاتلين.

وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، قال يوم الاثنين الفائت، إن بريطانيا مستعدة لاتخاذ إجراء مباشر ضد “الحوثيين” لردع التهديدات التي تتعرض لها حرية الملاحة في البحر الأحمر. حيث تتّهم الولايات المتحدة إيران بالتورط بشكل عميق في هجمات “الحوثيين”، فيما تنفي طهران هذه الاتهامات، قائلة إن المتمردين “الحوثيين” يتصرفون من تلقاء أنفسهم.

خطر نشوب حرب إقليمية

يرى الأدميرال المتقاعد والقائد السابق لـ “حلف شمال الأطلسي” (الناتو)، جيمس ستافريديس، أن فُرص نشوب حرب إقليمية في الشرق الأوسط ارتفعت من 15 إلى 30 بالمئة، كما لفت إلى أن اتساع رقعة الحرب أمرٌ لا يزال منخفضا نسبيا، لكنه أكد على أنه بات أعلى من ذي قبل بشكل غير مريح.

17/12/2023 طهران، إيران. يحضر آلاف الإيرانيين موكب جنازة خارج جامعة طهران في 17 ديسمبر 2023، لتكريم رفات 110 جنود إيرانيين. ( تصوير حسين بيريس / صور الشرق الأوسط)

إن الاشتباك وخوض معركة مع إسرائيل، التي يُفترض أنها تمتلك قدرة نووية، وفق حديث العقيد المتقاعد والخبير العسكري، ميخائيل خودارينوك، لـ”الحل نت”، سيشكل تحديًا هائلاً لإيران، حيث سيُجبرها ذلك على مواجهة تدخل الولايات المتحدة، الدولة النووية. 

المواجهة التي تسعى إليها إيران التي تفتقر إلى القوة النووية على الرغم من التقدم الحديث في مجال التسليح، سيجعلها أمام خطر فقدان نظامها الحالي وبالتأكيد، ستكون إيران على المحك على مستويات متعددة في مواجهة تقليدية ضد إسرائيل وحلفائها، والتي قد تؤدي أيضًا إلى القضاء على وكلاء إيران في مناطق مختلفة.

حتى الآن، سعت طهران إلى تجنّب التورط في صراع إقليمي، حتى عند مواجهة وكلاؤها مع إسرائيل والولايات المتحدة، نتيجة “للأضرار الهائلة” التي قد تتسبب فيها للأمن الإيراني. 

ولكن إذا اتخذت طهران القرار الخطير بتصعيد الوضع، فمن المرجّح أن تكون المعركة حرباً بالوكالة، وعلى الرغم من أن إيران ستبذل كل ما في وسعها لدعم “حزب الله” والجماعات الأخرى بالأسلحة والأموال والأفراد؛ إلا أن إيران تكره المخاطرة بأصولها العسكرية في قتال خارج الأراضي الإيرانية.

5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات حول سياسة

جديداستمع تسجيلات سابقة