يُظهر تحليل وكالة “أسوشيتد برس” لأكثر من 150 مقطع فيديو وصورة تم التقاطها خلال الأشهر الثلاثة منذ أن شنّت “حماس” هجومها المفاجئ في 7 تشرين الأول/أكتوبر على إسرائيل، أن الجماعة المسلحة قد جمعت ترسانة متنوعة من الأسلحة من جميع أنحاء العالم – معظمها تم تهريبها بعد حصار دام 17 عاماً كان يهدف إلى وقف مثل هذا الحشد العسكري.

بنادق قنص إيرانية، وبنادق هجومية من طراز “AK-47” من الصين وروسيا، وقذائف صاروخية مصنوعة في كوريا الشمالية وبلغاريا، وصواريخ مضادة للدبابات تم تجميعها سرّا في غزة؛ ولكن كيف ساهم التحالف السّري لكوريا الشمالية مع إيران بخدمة الميليشيات الإيرانية في الشرق الأوسط؟

شبكة غير قانونية لتهريب الأسلحة

خلال الحرب في غزة، استعاد جيش الدفاع الإسرائيلي كميات كبيرة من الأسلحة من قطاع غزة، والتي يبدو أنها تم إنتاجها في كوريا الشمالية، كما أفاد جهاز المخابرات الوطني الكوري الجنوبي.

جنود إسرائيليون يشيرون إلى الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من حماس. يُعتقد أن العنصر الموجود في أقصى اليسار والمزخرف باللون الأحمر هو صاروخ من طراز F-7 كوري شمالي في الصورة التي نشرها الجيش الإسرائيلي في 11 أكتوبر. (IDF)

ومنذ الاستيلاء على هذه الأسلحة، نُشرت معلومات جديدة تكشف العلاقة الحالية والتاريخية بين كوريا الشمالية و”حماس”، بالإضافة إلى منظمات إرهابية أخرى، بما في ذلك “حزب الله” و”الجهاد الإسلامي” وسوريا و”الحوثيين”.

وتقدم كوريا الشمالية، الدولة الشيوعية المعزولة والسّرية، خدمات عسكرية ومساعدات للميليشيات المدعومة من إيران في سوريا ولبنان، مثل “حزب الله” ولواء “فاطميون” و لواء “زينبيون”، بحسب مصادر عسكرية سورية تحدثت لـ”الحل نت”، والتي كشفت تفاصيل التواجد والنشاط الكوري الشمالي، وتطوير الأسلحة ونقلها، وعمليات وأساليب التدريب، ومهام وأدوار الخبراء الكوريينَ الشماليين.

وقالت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، إن كوريا الشمالية ترسل وتنشر المئات من الخبراء والمستشارينَ العسكريين إلى سوريا ولبنان، منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، وتصاعد التوترات الإقليمية والدولية. التوترات والصراعات الدولية، التي تشمل إيران ووكلائها من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهم ووكلائهم من جهة أخرى.

بحسب هذه المصادر، فإن الخبراء والمستشارينَ الكوريين الشماليين ينقسمون إلى عدّة فرق ووحدات حسب تخصصاتهم ومهامهم، منها فريق الصواريخ، المسؤول عن تطوير وإنتاج واختبار الصواريخ “الباليستية” و”الكروز” والقذائف مثل (ونودونغ، موسودان، هواسونغ)، إلى الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا ولبنان. 

كما يقدم الفريق التدريب والتوجيه لمقاتلي ومشغّلي الميليشيات حول كيفية إطلاق وتشغيل هذه الصواريخ والقذائف ضد أهداف وأعداء في المنطقة مثل إسرائيل والقواعد الأميركية.

فِرق عسكرية متطورة

تتمتع كوريا الشمالية بتاريخ طويل من الشراكة مع إيران وسوريا، ونتيجة لذلك، وصلت تكنولوجيتها العسكرية إلى وكلاء إيران مثل “حماس”، و”حزب الله”، و”الحوثيين”.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يتفقد مجمع آلات بوكجونغ في مقاطعة بيونغان الشمالية في صورة غير مؤرخة نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية. (فرانس برس/وكالة الأنباء المركزية الكورية)

طبقا للمصدر العسكري، فإن هناك فريق الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وهو المسؤول عن تطوير وإنتاج واختبار وتسليم العوامل والأسلحة الكيميائية والبيولوجية، مثل غاز “السارين”، وغاز “الأعصاب”، إلى الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا ولبنان. 

أما الفريق الآخر، فهو فريق الحرب السيبرانية والإلكترونية، وهو المسؤول عن تطوير وإنتاج واختبار وتشغيل أجهزة وأنظمة الحرب السيبرانية والإلكترونية، مثل الاختراق والتشويش وتعطيل أنظمة وشبكات العدو، وجمع وتسريب معلومات العدو.

وقال المصدر إن الخبراء والمستشارينَ الكوريين الشماليين الذين تعتمد عليهم إيران ويُقدّر عددهم بـ 300 خبير معظمهم متواجدون في الأراضي السورية، يتمتعون بكفاءة وخبرة عالية، وتم تجنيدهم واختيارهم من أفضل وألمع المؤسسات العسكرية والعلمية الكورية الشمالية.

حيث إن الوجود والنشاط الكوري الشمالي في سوريا ولبنان هو جزءٌ من استراتيجية كوريا الشمالية وطموحها في المنطقة، ويعكس دعم كوريا الشمالية وتحالفها مع إيران ووكلائها.

“طريق الحرير” الكوري

من المرجّح أن تكون عمليات نقل الأسلحة من كوريا الشمالية إلى “حماس” والميليشيات الإيرانية في سوريا ولبنان قد تم تسهيلها من قِبل أطراف ثالثة، إذ من الممكن أن تكون هذه الأسلحة الكورية الشمالية موجودة في إيران منذ فترة طويلة. 

كيف يخدم خبراء كوريا الشمالية الميليشيات الإيرانية في سوريا ولبنان؟ (1)
قنابل صاروخية يُشتبه أنها كورية شمالية من طراز F-7، والعديد منها يحمل شريطًا أحمر مميزًا على رأسها الحربي، في قاعدة عسكرية إسرائيلية في جنوب إسرائيل، 15 أكتوبر، 2023. (ألون بيرنشتاين / أ ف ب)

وكان طريق العبور المحتمل للمعدات الكورية الشمالية أو الخبراء هو من إيران إلى سوريا ثم لبنان أو السودان ثم إلى مصر، حيث يتم تهريب الأسلحة إلى “حماس” عبر شبكة الأنفاق الواسعة تحت الأرض في قطاع غزة. 

وبالإضافة إلى “حماس”، تتمتع كوريا الشمالية بتاريخ من العلاقات مع “حزب الله” و”الحوثيين”، ففي الثمانينيات، وصل إرهابيو “حزب الله” إلى كوريا الشمالية لتلقّي التدريب العسكري. 

وبعد عام 2000، جاء مدربون كوريون شماليون إلى لبنان لتدريب “حزب الله” على كيفية بناء مخابئ تحت الأرض لتخزين الأسلحة والمواد الغذائية والمرافق الطبية، وتم بناء شبكة أنفاق “حزب الله” الممتدة إلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية بتوجيه من كوريا الشمالية.

كما تشير بعض التقارير، إلى أن كوريا الشمالية نقلت صواريخ “كاتيوشا” وصواريخ “غراد” بدائية الصنع إلى “حزب الله”، وتم نقلها أيضاً من خلال أطراف ثالثة في سوريا ولبنان من إيران. وساعدت كوريا الشمالية إيران في إنتاج عدة أنواع من الصواريخ، والتي تم نقلها بعد ذلك إلى “حزب الله”. 

وقد أكدت المحكمة الجزئية الأميركية لمقاطعة كولومبيا في تموز/يوليو 2014 عمليات نقل الأسلحة هذه، واعتبر حكم المحكمة أن كوريا الشمالية وإيران مسؤولتان عن التعويضات لأنهما قدّمتا الدعم والمساعدة المادية لـ “حزب الله” الذي مكّنه من شنّ ضربات صاروخية على إسرائيل عام 2006.

وفي تموز/يوليو 2015، كشف مسؤولو المخابرات الكورية الجنوبية أن “الحوثيين” أطلقوا 20 صاروخ “سكود” كوري شمالي الصنع على المملكة العربية السعودية. 

علاوة على ذلك، وبعد مرور عام على استيلاء “الحوثيين” على صواريخ “سكود” بعد سيطرتهم على صنعاء، حيث تم شراؤها في الأصل من قِبل القوات المسلحة اليمنية من كوريا الشمالية في عام 2002، دعت قيادة “الحوثي” مسؤولينَ كوريين شماليين للاجتماع في دمشق، سوريا، لمناقشة نقل التكنولوجيا. 

وحاولت كوريا الشمالية الموافقة على هذا الطلب من خلال استخدام تاجر الأسلحة السوري حسين العلي لشحن أسلحة خفيفة إلى “الحوثيين”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات