تعيش النساء في إيران حالة من الغضب المكظوم، ومن القهر المستمر، ومن الحزن الملاصق بذواتهنّ ومن الثورة التي لا تنتهي، نتيجة الظلم والتميز والاضطهاد، وسلب الحقوق في مجتمع لا يأبه بوجود النساء، والتمييز الذكوري الذي لم يطل جنسها بل حتى حقها في العيش بكرامة. 

حيث تعاني النساء في إيران من جملة القضايا المتعسفة التي تمسّ وجودهنّ؛ مما ترتب عليه سجال طويل من الصراع بين دولةٍ ومؤسساتها السياسية والعسكرية والاجتماعية التي تعمل على عودة النساء إلى العصور المجتمع الأبوي، وبين نساءٍ تسعى للحصول على حقهنّ في العيش بوصفهنّ كائنات مستقلات لهنّ حقوقهنّ وليست تابعات. 

يريد نظام ولاية الفقيه تمكين سياسته الغاشمة بأرواح النساء وأجسادهنّ وحقوقهنّ؛ ولهذا تعرضت العديد منهنّ للقتل والتعذيب والسجن والاعتداء الجنسي، ومع هذا تظل الثورة النسائية الغاضبة مستمرة!!!!

ممنوعتان من مغادرة إيران

أفرجت السلطات الإيرانية عن صحافيتَين بكفالة الأسبوع الماضي، بعد أن سُجنتا لمساعدتهما في تغطية وفاة مهسا أميني عام 2022، التي قُتلت أثناء تعذيبها في السجن، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية، أن نيلوفر حامدي (31 عاماً) وإلهه محمدي (36 عاماً) تم الإفراج عنهما مؤقتاً بكفالة من سجن إيفين في طهران.

النساء في إيران الإيرانيات سجن نرجس محمدي النظام الإيراني المرأة الإيرانية
تعد ساحة الإمام في أصفهان واحدة من وجهات السفر الأكثر شعبية في إيران، وهي واحدة من أكبر الوجهات في العالم. (غيتي)

حُكم على محمدي، وهي مراسلة لصحيفة “هم ميهن”، عام 2023 بالسجن 6 سنوات بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة، و5 سنوات بتهمة التآمر ضد أمن البلاد، وسنة واحدة بتهمة “الدعاية ضد النظام”. 

وحُكم على حامدي، المصورة في صحيفة “شرق”، بالسجن 7 سنوات بتهمة التجسس للولايات المتحدة، و5 سنوات بتهمة التآمر ضد أمن البلاد، وسنة واحدة بتهمة “الدعاية ضد النظام”، وفي نهاية محاكمتها، شدّدت حامدي على أن ما قامت به هو “واجبي الصحافي في إطار القانون، ولم أرتكب أي عمل ضد أمن إيران”. 

وكانت الصحافيتان مسجونتين في طهران منذ اعتقالهما في أيلول/سبتمبر 2022 بعد أيام من وفاة مهسا أميني، وتناهز قيمة الكفالة 170 ألف يورو لكل منهما، وقالت وكالة “فارس” التابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني، إنهما ممنوعتان من مغادرة إيران، وقرار الإفراج يسري حتى محاكمتهما أمام الاستئناف، التي لم يُعرف موعدُها بعد. 

وتم توقيفهما؛ بسبب تغطيتهما وفاة الشابة الإيرانية الكردية البالغة 22 عاماً في 16 أيلول/سبتمبر 2022، إثر احتجازها لدى شرطة الأخلاق في طهران بدعوى “سوء الحجاب”. 

وحظيت نيلوفر حامدي وإلهه محمدي، بدعم منظمات تدافع عن حرية الصحافة، من بينها منظمة “مراسلون بلا حدود”، التي عدّت أن الصحافيتين عوقبتا بسبب ممارستهما لمهنتهما، فيما أصدر 3500 صحافي وناشط مدني إيراني في أيار/مايو الماضي، بياناً يطالبون فيه بإجراء محاكمة علنية وعادلة دون شروط مسبقة.

فرض الحجاب سياسة إيرانية

لقد أدى فرض الحجاب على النساء منذ عام 1979 إلى العديد من المعاملة القاسية للنساء في إيران، وتؤثر الاعتبارات السياسية الأيديولوجية على الشرعية الثقافية في جمهورية إيران الإسلامية، فيجب على المرأة المثالية أن ترتدي الغطاء التقليدي الذي يُنادى به ليس فقط باعتباره التزاماً دينياً؛ ولكن أيضاً كواجب تجاه الحكومة الإسلامية في إيران. 

ثلاث شابات إيرانيات يرتدين ملابس تقليدية سوداء ويتحدثن بصورة سيلفي مع سائحة غربية، كما ترتدي المرأة الغربية غطاء الرأس كما هو مطلوب في إيران. (غيتي)

وعندما تم فرضه من قِبل السلطات لم تتردّد في معاقبة النساء جسدياً وعقلياً لعدم ارتداء الحجاب، حيث تم اتهام النساء العاصيات بارتكاب جريمة الكفر أو غيرها من التّهم غير المشروعة مثل الدعارة وكان عليهنّ دفع غرامة لإطلاق سراحهنّ من السجن. 

فخلال الحرب الإيرانية العراقية، عوملت النساء بقسوة أكبر بسبب ارتدائهنّ ما اعتبر “حجاباً غير لائق/سيئاً”، وعلى سبيل المثال، عندما تقدم الجيش العراقي إلى الحدود الإيرانية، شددت الحكومة قبضتها على قضية الحجاب، وتصدرت المرأة وحجابها عناوين الأخبار في كل وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة بدلاً من أخبار تقدّم القوات المسلحة العراقية إلى الأراضي الإيرانية. 

كان هذا التركيز التحويلي على الحجاب أحد الاستراتيجيات التي استخدمتها الحكومة لإلهاء الأمة عن حقيقة ما كان يحدث في الحرب. 

ولم ينتهِ الأمر على أنه مجرد سياسة مؤقتة فرضتها ظروف الحرب، فقد تم ترسيخ الوضع من خلال الدستور وكأنها كراهية للنساء برعاية القانون، حيث تحظر ديباجة الدستور الإيراني صراحةً على أي قطاع استخدام صورة المرأة في الإعلانات التجارية للخدمات أو السلع، وتحدد الواجب الأول للمرأة وهو الأمومة. 

في حين تم استخدام صور النساء المحجبات لتعزيز أجندات أيديولوجية محددة للغاية بما في ذلك كسب المال، مثل استخدام صور النساء المحجبات على طوابع البريد. 

وفجأة، ظهرت صور النساء المحجبات في كل مكان، وفي كل مبنى، وداخل جميع الشركات، وخارج وداخل مرافق النقل العام، وفي كل مؤسسة تعليمية، تحوّلت المرأة الخاصة و”المقدسة” في الثقافة الإيرانية إلى صورة عامة يراها الجميع. حتى أنه في عام 1983، أُضيف تعديل على الدستور الإيراني ينصّ على أن النساء اللاتي أضرن بالعفة العامة من خلال الظهور دون حجاب مسموح به دينياً في الشوارع وفي الأماكن العامة سيتعرضنّ لما يصل إلى 74 جلدة. 

في هذا السياق، تحدثت لـ”الحل نت” الناشطة الحقوقية الإيرانية، أميلي عبدالكريم، ” قائلة: إن “الثورة النسائية مستمرة، وهي ثورة ضد السياسة القمعية الذكورية، ضد القانون الذي دعم هذه السياسات الفاسدة، إنها ثورتنا كإيرانيات باحثات عن حقهنّ، ولم ينتج العنف والقهر إلا صبراً وجَلَداً لأجل تحقيق أهدافنا”.

والمسألة أكبر وأعمق من مجرد فرض حجاب على الإيرانيات، وإنّما هي محاولاتٌ لفرض نمطية حياة مناسبة لولاية الفقيه، في حين رأت النساء أن المقاومة والثورة على هذه النمطية علامة على الانتشار المتزايد للمبادئ الديمقراطية الليبرالية في الثقافة السياسية الجديدة التي يريدونها في إيران. 

لقد تخلت الجماعات والأحزاب السياسية عن النساء اللاتي احتججن ضد الحجاب الإلزامي؛ لأن أولئك الذين سيطروا على الخطاب السياسي في ذلك الوقت لم يؤمنوا بحرية اختيار المرأة وهو مؤشّر صارخ على الثقافة غير الليبرالية في إيران الثورية.

قهر دولة.. ونساءٌ ثائرات

كل ما فعلت إيران من القمع والقهر للنساء لم تكن نتيجته إلا مزيداً من الثورات النسائية الرافضة لكل هذه السياسات القمعية، فترى النساء أنه يتم تسييس الشعر، و تسيطر الحكومة على أجساد الناس، سواء النساء أو الرجال إلى حدّ أقل. 

طالبة تتظاهر ضد الرقابة في جامعة طهران، بعد إغلاق الصحف الإصلاحية. وهي تحمل نسخة من صحيفة “كيهان” المعروفة بأفكارها المتطرفة المؤيدة للنظام، مقلوبة رأساً على عقب. (تصوير كافيه كاظمي / غيتي)

تراقب الحكومة السلوك العام للنساء جزئياً من خلال إصدار قواعد اللباس ومراقبة النساء في الأماكن العامة، حيث أصدر المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، تهديداً علنياً مفاده أنه إذا خلعت المرأة حجابها، فإنها مذنبة بارتكاب سلوك محرم (يحرمه الإسلام)، وسيتم التعرف عليها بواسطة كاميرات التجسس، ثم يتم القبض عليها. 

تحدّت النساء التهديد من خلال خلع حجابهن ونشر صور شخصية على وسائل التواصل الاجتماعي ليراها الجميع، ثم أمر خامنئي الشركات برفض تقديم الخدمات للنساء غير المحجبات، وإلا سيتم إغلاق أعمالها، وبهذه الطريقة يتوقع خامنئي من الناس العاديين أن يتجسسوا على مواطنيهم. 

ينصّ هذا القانون الجديد أيضاً على أن النساء اللاتي يرفضن ارتداء غطاء الرأس في الأماكن العامة أو داخل سياراتهنّ سيواجهن محاكمات قضائية وسيتم حجز سياراتهنّ. 

تحاول الحكومة الإيرانية تخويف مواطنيها وإجبارهم على الخضوع؛ لكن لم يلقَ الأمر الأخير الذي أصدره خامنئي برفض تقديم الخدمة للنساء غير المحجبات ترحيباً من قبل أصحاب الأعمال الذين يفقدون العملاء وسبل عيشهم. 

يقوم عملاء الحكومة الآن باعتقال أصحاب الأعمال، الذين يتجاهل بعضهم الأمر، وبعد تحذير، يجدون أعمالهم محترقة في أجزاء مختلفة من البلاد، وجاءت ردود الفعل على حرق وتدمير المحلات التجارية بنتائج عكسية، حيث أضرب أصحاب الأعمال وأغلقوا محلاتهم. 

بالإضافة إلى ذلك ترى الثائرات الإيرانيات أن هناك مزيداً من الانتهاكات التي تحتاج إلى صرخة نسائية ثورية مدوّية مثل منح الرجال الحق في الطلاق وحضانة الأطفال، وإلزام النساء بتوفير العلاقات الزوجية عند الطلب، وتأييد زواج الأطفال، وتقييد دخول المرأة إلى الملاعب، وفرض قيود على النساء. 

علاوة على ذلك، أطلقت إيران العنان للجماعات الدينية الرجعية لارتكاب أعمال عنف ضد المرأة باسم الدين والمحافظة على الشرف، وكثّفت السلطات ضغوطها على الناشطات في مجال حقوق المرأة، اللاتي يتعرضن للاعتقال بشكل متزايد بذرائع مختلفة، ويحكم عليهن بشدة في محاكمات غير عادلة، وذلك لإسكاتهن. 

كما يتعرض الناشطون في مجال حقوق المرأة بشكل متزايد للعنف في السجون، وبحسب أميلي عبد الكريم، فإن النظام الإيراني كان يلجأ إلى القيام بعديد من حالات الاختطاف لبعض من الناشطات كمحاولة منه لرداع الشارع الإيراني وبث الخوف في قلوبهنّ، وأحياناً أخرى كان يتم القبض على البعض منهن بعد أن يشاهدون كل أشكال التعذيب يتم إطلاق سراحهنّ كرسالة للباقي الناشطات.

هل التغيير الجذري وشيك؟

النظام الإيراني يردّ على الاحتجاجات بالقوة، وعدد القتلى في ارتفاع، ومهما حدث بعد ذلك، فإن انتفاضة أيلول/سبتمبر 2022 باسم “حرية المرأة في الاختيار”، هي نقطة تحوّل في إيران. إلا أن الحصول على إحصائيات دقيقة عن عدد السجناء السياسيينَ في إيران ليس بالمهمّة السهلة. 

النساء في إيران الإيرانيات سجن نرجس محمدي النظام الإيراني المرأة الإيرانية
متظاهر يحمل صورة ماهسا أميني خلال مظاهرة لدعم أميني، وهي امرأة إيرانية شابة توفيت بعد أن اعتقلتها شرطة الأخلاق في طهران في طهران. (تصوير أوزان كوسي / وكالة الصحافة الفرنسية)

لكن بحسب وزارة الخارجية الأميركية، فقد قتلت قوات الأمن أكثر من 500 شخص، بينهم 69 طفلاً على الأقل، واعتقلت أكثر من 19 ألف متظاهر، بينهم أطفال، وفقاً لوكالة أنباء “نشطاء حقوق الإنسان”، وهي منظمة غير حكومية. 

وكان بعض المعتقلينَ يواجهونَ عقوبة الإعدام، ومن بينهم أطفال، كما عطّلت الحكومة الإيرانية بشكل روتيني الوصول إلى الإنترنت وتطبيقات الاتصالات لمنع التدفق الحر للمعلومات ومحاولة مقاطعة أو تقليل المشاركة في الاحتجاجات.

ومع ذلك، في سياق المظاهرات الحاشدة، من الصعب أن نرى كيف يمكن استعادة شرعية الأنظمة الحالية، ناهيك عن إضافة قوانين جديدة، فقد أظهرت حركة “المرأة، الحياة، الحرية” القوة الموحدة وإمكانات حقوق المرأة كأداة للتعبئة والمطالبة بالتغيير، وهذا ما جعل السعي للحصول على هذه الحقوق جزءًا أساسيًا من أي مسار نحو التغيير الجذري. 

تتمتع المرأة الإيرانية اليوم، المصمّمة على تغيير الأعراف الاجتماعية التي فرضتها التشريعات المستبدة، بدعم اجتماعي أوسع بكثير، وتظهر الأحداث الأخيرة – من الحِراك الثوري النسائية – كيف أصبحوا فاعلين في السعي للحصول على حقوقهم، ويسعون إلى إحداث التغيير حتى في غياب التحول السياسي.

نرجس محمدي أيقونة إيرانية

نرجس البالغة من العمر (51عاما) وهي نائب رئيس مركز المدافعينَ عن حقوق الإنسان، وهي الحائزة على “نوبل” للسلام عام 2023، اعتقلتها السلطات الإيرانية 13 مرة وحكمت عليها بالسجن لمدة 31 عاما و154 جلدة، وفقاً لموقع “جائزة نوبل للسلام”. 

الثائرات الإيرانيات قنابل موقوتة تهددن عرش خامنئي (1)
أثبتت نرجس محمدي نفسها كشخصية مقاومة للنظام الثيوقراطي في إيران وحاملة لواء المرأة والحياة – إنترنت

تم القبض عليها بوحشية في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 أثناء مشاركتها في حفلٍ لتكريم ضحيةٍ قُتلت خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة في ذات الشهر من عام 2019، حيث وُضعت أحياناً في الحبس الانفرادي أثناء احتجازها، بسبب نشاطها في مجال حقوق الإنسان. 

وتشمل الاتهامات؛ دعوةً بشأن حجابها الفضفاض المزعوم ونشر دعاية ضد الدولة، إذ تم احتجازها تعسّفياً في سجن زنجان، حيث تدهورت حالتها الصحية، وقد عانت طوال فترة سجنها من الاعتداءات الجسدية والاعتداءات الجنسية. 

وقد أثبتت نرجس محمدي نفسها كشخصية مقاومة للنظام الثيوقراطي في إيران وحاملة لواء المرأة والحياة، حيث ناضلت دائماً ضد عقوبة الإعدام والتعذيب، ولصالح المساواة بين الجنسَين وقال كريم لاهيدجي، الرئيس الفخري للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ورئيس الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان: “تمكّنت نرجس محمدي من إرسال رسالة تضامن من السجن إلى أرميتا جاراواند، وهي فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً وهي الآن في غيبوبة لرفضها ارتداء الحجاب”.

أضربت نرجس محمدي عن الطعام في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي احتجاجاً على حرمان السجناء من الرعاية الصحية الذين أُجبروا على الاختيار بين الحجاب الإلزامي في الجمهورية الإسلامية والموت، وتضامناً معها، حذا سبعة من زملائها السجناء حذوها. 

وقبل بضعة أسابيع، تعرّضت نرجس محمدي للاعتداء من قِبل الحراس في ساحة السجن بسبب فضحها التعذيب وسوء المعاملة لزملائها السجينات. وأثناء وجودها في السجن، كانت منتقدة صريحة للحكومة فيما يتعلق بوفاة مهسا أميني، وكتبت محمدي مقالة افتتاحية في صحيفة “نيويورك تايمز” بعنوان: “كلما حبسونا أكثر، أصبحنا أقوى”. 

وأخيراً، لقد سئِم النساء والرجال من المعاناة التي يفرضها النظام الشمولي الإيراني، وهم يطالبون بالتغيير، ويعمل الإيرانيون، بقيادة النساء، على إعادة اختراع ثقافتهم من خلال نسج القيم الليبرالية في نسيجها والتخلص من النظام الحالي بقيمه القديمة البالية التي أصبحت غير مناسبة لدولةٍ يتطلع مواطنوها إلى الانفتاح والحرية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات