في الأسابيع الماضية، كان هناك ارتفاع مستمر في أسعار الذهب في سوريا، كان الارتفاع كبيرا لدرجة أنه حطم جميع الأرقام القياسية الموجودة في البلاد، إذ بلغ سعر الجرام الواحد حاليا نصف مليون ليرة سورية. هذا الاتجاه الصعودي يثير الكثير من الأسئلة، من أهمها ما إذا كانت حركة هذه الأسعار حقيقية أم فقاعة قد تنفجر لاحقا.

الحقيقة أن سعر الذهب في سوريا يرتفع بالفعل بمعدل ينذر بالخطر، ولا يقتصر على سوريا فقط، إذ إن ارتفع سعر الذهب على مستوى العالم بسبب عدد من العوامل، بما في ذلك التضخم وعدم اليقين الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية.

حقيقة ارتفاع الأسعار

وفق نشرة جمعية الصاغة لأمس الخميس، فإن سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطا سجل 460 ألف ليرة سورية للمبيع بينما سجل عيار 18 قيراطا 394286 للمبيع، مسجلا ارتفاعا بحوالي 20 ألف في غضون 24 ساعة.

محال الذهب في سوريا - إنترنت
محال الذهب في سوريا – إنترنت

سعر الليرة الذهبية عيار 21 قيراطا سجل 3925000 ليرة سورية، وسعر الأونصة عيار 995 بلغ 17136000 ليرة، وأرجعت جمعية الصاغة الارتفاع بسعر الذهب محليا إلى ارتفاع سعر الأونصة عالميا، حيث سجلت 2043 دولارا أميركيا.

الخبراء في القطاع المالي السوري أكدوا لـ”الحل نت”، أن الطفرة حقيقية ونتيجة لعوامل مختلفة. في الأساس، أدى مزيج الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تهدف إلى خلق الاستقرار في شؤون البلاد إلى جعل المستثمرين أكثر راحة في شراء الذهب، والذي يُنظر إليه على أنه وسيلة تحوط موثوقة في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.

في السياق، لفت رئيس جمعية الصياغة، غسان جزماتي، لموقع “أثر برس” المحلي، إلى أنّ أسعار الذهب عالمية وتتواتر يوميا، حيث بلغ سعر الأونصة نهاية الأسبوع 2045 دولارا، بينما سجلت يوم الإثنين سعر 1980 دولارا، فيما وصل سعر الليرة الذهب إلى 3 ملايين و925 ألف ليرة، والأونصة إلى 17 مليونا و136 ألف ليرة، وسعر غرام الذهب عيار 21 بلغ 460 ألف ليرة.

طلب محلي غريب

الجمعية الحرفية للصياغة وصناعة المجوهرات خلال الأيام الماضية، دعت المواطنين إلى شراء المشغولات والاستفادة منها في الزينة بدلا من تخزين الأونصات والليرات. 

سبب هذه الدعوة طبقا لتصريحات جزماتي هو امتلاك فكرة خاطئة لدى المواطنين بأن الليرة والأونصة الذهبية لا تخسر من ثمنها خلال البيع مثل المشغولات الذهبية، لافتا إلى أن أجرة صياغة الأونصة تعادل أجرة صياغة المشغولات.  

نسب شراء الليرات والأونصات شكلت 70 بالمئة من عموم عمليات الشراء، حيث يتم بيع ما يقارب 4 كغ من الذهب بشكل يومي في دمشق، رغم وجود ما يقارب 250 ورشة لصناعة المشغولات الذهبية مقابل ورشة واحدة لصناعة الأونصات والليرات الذهبية والضغط عليها كبير جدا نتيجة الطّلب المتزايد على شرائها.

مؤخرا وطبقا لحديث جزماتي حدث عطل في الورشة تسبب بتوقفها لمدة يومين، الأمر الذي أدى إلى عدم توفر اللّيرات والأونصة في محال الصاغة، مؤكدا أنه لا يوجد عزوف عن بيعها وستتوفر في الأسواق خلال اليومين القادمين. 

التطورات ليست السياسية

بصرف النظر عن المضاربة في السوق المالية العالمية، كان لارتفاع في الطلب المحلي في سوريا لشراء المعدن الثمين والاحتفاظ به بشكل ملموس أثرا في ارتفاع الأسعار، حيث تترجم حركات الشراء إلى تحولات كبيرة في العرض والطلب، مما يؤثر على نسبة نظام السوق في البلاد لشراء الذهب الفعلي.

محال الذهب في سوريا - إنترنت
محال الذهب في سوريا – إنترنت

بينما يتوقع بعض المحللين أن الاتجاه الصعودي سيستمر لفترة طويلة، كان هناك بعض الشكوك حول المدة التي سيستمر فيها هذا الارتفاع. ففي حين أن العوامل المذكورة سابقا تساهم في العرض والطلب، إلا إن الأسعار العالمية ينطوي عليها تحديد السعر الفعلي للغرام. 

أيضا يرى البعض أن الأسعار قد تتضخم بشكل مصطنع من قبل تجار الذهب الذين يتطلعون إلى تحقيق ربح سريع، ما يعني أن ارتفاع سعر الذهب في سوريا ليس ظاهرة وهمية، بل هو انعكاس للوضع الاقتصادي في البلاد.

من الواضح أن الزيادة بأسعار الذهب في سوريا ترجع إلى مزيج من تخفيف الإجراءات المالية والسياسية داخل المؤسسات الحكومية والمطالبة العامة بشراء كميات من الذهب، وعلى الرغم من أن هذا يتناسب مع إستراتيجية العرض والطلب القوية من منظور رأسمالي، إلا أنه يعرض البلاد لتقلبات كبيرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات