“ولشو الاحتفال!“.. خريجو الجامعات السورية بلا مستقبل ويبحثون عن فرصة للهجرة

في ظل ضعف الفرص لخريجي الجامعات في سوريا، انخفضت بهجة النجاح والحصول على الشهادة الجامعية، بعد أن كانت في السابق مناسبة تستحق الاحتفال، أصبح التخرج لا يعني الكثير بالنسبة لمعظم الطلاب الجامعيين، في وقت اشتكى فيه الطلبة من ارتفاع تكاليف “حفل التخرج”.

خريجو الجامعات أمام مستقبل مجهول، في وقت أصبحت فيه الوظيفة الحكومية وهي الوجهة الأبرز للخريجين لا تقدم مستوى دخل يحقق أساسيات الحياة، فراتب الوظيفة الحكومية لا يتعدى في أفضل الأحوال 20 دولارا أميركيا، بسبب انهيار قيمة العملة المحلية في البلاد على مدار السنوات الماضية.

فئة واسعة من الطلاب الجامعيين الذي يستعدون للتخرج هذا العام، أكدوا أنهم لن يقيموا “حفل التخرج”، فلم يعد الحصول على الشهادة الجامعية مناسبة للاحتفال، فضلا عن التكاليف الباهظة الواقعة على عاتق الطالب الذي يريد تنظيم الحفل.

شكاوى من ارتفاع تكاليف الحفل

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، نقل عن طلاب في جامعات سورية، شكاويهم من ارتفاع أسعار مستلزمات حفل التخرج، ففضلا عن تكاليف مشاريع التخرج، حيث وصل سعر قبعة الطالب ووشاح التخرج إلى 60 ألف ليرة سورية فضلا عن تكاليف استئجار بدلة الطالب التي يرتديها في الحفل، وهذه المبالغ قد تشكل عبئا ماديا على الطالب الذي لم يبدأ مشواره المهني بعد.

كذلك فإن تكاليف “حفل التخرج”، تشمل جلسات التصوير والحلويات والضيافة وغيرها، حيث تراوحت تكلفة جلسات التصوير بين 200 و250 ألف ليرة سورية، أما المصورون الذين يملكون استديو فسعر جلساتهم أغلى حيث يتراوح بين 700 – 800 ألف ليرة سورية، وتتضمن صور وفيديوهات، بحسب تقرير الموقع المحلي.

العديد من طلبة الجامعة في سوريا رأوا أن الحصول على الشهادة الجامعية، لم يعد له “البهجة” ذاتها التي كانت في السابق، فلا شيء مضمون ينتظر الطالب بعد تخرجه، خاصة في ظل ضعف الرواتب والأجور في المؤسسات الحكومية وحتى المؤسسات الخاصة في البلاد، حيث يتوجه معظم الخريجين للبحث عن أي فرصة من أجل الهجرة والبحث عن المستقبل خارج البلاد.

“تخرجت هذا العام وسأكمل عملي في توصيل الطلبات”، قال سامر الآغا وهو خريج كلية الهندسة المعلوماتية في جامعة حلب هذا العام، مؤكدا أنه يسعى لبدء مشروعه المهني لكن خارج سوريا، لأن البلاد تشهد انعداما للفرص بالنسبة لخريجي معظم الكليات الجامعية.

الآغا أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “عملت طوال عامين في مهنة توصيل الطلبات وهي تحقق لي دخل أعلى من متوسط راتب المؤسسات الحكومية، لن أتوجه لسلك التوظيف أبدا، راتب الحكومة لم يعد يكفي لشراء الخبز والفلافل، أحاول البحث عن أي فرصة للخروج من سوريا، لكن أيضا الفرص قليلة وتحتاج بحث طويل، ربما أكمل دراستي في الخارج”.

مهن بعيدة عن الاختصاص الرئيسي

جودي شيخ خالد، خريجة من كلية الإعلام في دمشق، تؤكد كذلك فشلها في إيجاد فرصة عمل في المجال الإعلامي، فضلا عن الضعف الكبير في الرواتب، لذلك لجأت إلى العمل في التسويق الإلكتروني وإرسال البضائع عبر الإنترنت، حيث تعمل في مجال الألبسة والإكسسوارات النسائية.

شيخ خالد تشرح تفاصيل عملها في اتصال هاتفي مع “الحل نت” وتقول “ذهبت لمقابلة عمل في مناسبتين للعمل في قناة تلفزيونية وإذاعة محلية، لكن الرواتب كانت ضعيفة جدا ولم تتجاوز مئة ألف ليرة شهريا بحجة أنني خريجة جديدة، وبدوام 8 ساعات وست أيام أسبوعيا، اخترت العمل في مجال بعيد عن الصحافة، وقائم على التجارة الإلكترونية والتواصل مع الزبائن”.

مع تدني قيمة الرواتب والأجور وانهيار العملة المحلية في سوريا، فمتوسط الراتب الحكومي لا يتعدى 150 ألف ليرة سورية ( 20 دولار أميركي) شهريا، وهو لا يكفي مصروف عائلة لبضعة أيام فقط، ومع استمرار ارتفاع الأسعار للسلع والمواد الأساسية، ازدادت الفجوة بين أجور الموظفين، وحجم الإنفاق، الذي لا يساوي سوى 15 بالمئة، من راتب الموظف في أفضل الأحوال.

قد يهمك: راتب لا يكفي للفلافل.. السيارة حلم مستحيل للسوريين

خبراء وباحثون في الاقتصاد السوري أكدوا في وقت سابق أن الحكومة السورية عاجزة عن تطبيق أية آليات من شأنها تحسين الوضع المعيشي، وهي ترفض الاعتراف بذلك وتقدم الوعود المتعلقة بتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، أما بالنسبة لزيادة الرواتب، فتطبيق هكذا قرارات سيكون بمثابة الضربة القاضية لأسعار مختلف السلع والخدمات. 

زيادة الأجور في المرحلة الحالية ستعني بشكل أو بآخر زيادة الأسعار بنفس النسبة وربما أكثر، وذلك لعدم وجود خطة مُجدية تخدم قطاع التجارة والصناعة بما يضمن زيادة معدلات الإنتاج، وبالتالي تمكين المواطن من شراء المزيد من السلع والخدمات بعد الزيادة.

مع استمرار انهيار مستوى الحياة المعيشية في سوريا، ومماطلة الحكومة بتعديل الرواتب والأجور لتصبح أقرب نوعا ما إلى مستوى أسعار السلع والخدمات في البلاد، زادت مؤخرا معدلات الاستقالة من المؤسسات الحكومية، حيث أصبح موظفو الحكومة يفضلون العمل في القطاع الخاص، بعد أن أصبحت رواتب الحكومة تقريبا بلا قيمة.

تفاقم ظاهرة استقالة الموظفين من المؤسسات الحكومية، قد تهدد هذه المؤسسات، خاصة وأن بعض القطاعات تشهد استقالات جماعية للموظفين، الباحثين عن فرص أفضل، كذلك فإن شريحة واسعة من المستقيلين هم أشخاص وجدوا فرصة للخروج من البلاد بشكل نهائي، الأمر الذي يهدد استمرارية بعض المؤسسات التابعة للحكومة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات