دائما ما يوازي أي انخفاض في قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، سلسلة من الارتفاعات في أسعار السلع والخدمات، حيث شهدت الأسواق السورية خلال الأسابيع القليلة الماضية قفزات غير مسبوقة في أسعار السلع بعد وصول سعر الدولار الأميركي إلى نحو 12 ألف ليرة سورية.

لكن مع التحسن الطفيف في قيمة الليرة، اشتكى مواطنون من عدم انخفاض أسعار السلع في الأسواق، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أسباب عدم انخفاض الأسعار في حال تحسن العملة المحلية، في حين تقفز الأسعار بشكل لحظي عند أي ارتفاع لسعر الدولار في السوق السوداء.

خبراء في الاقتصاد أكدوا أن هناك تحكم في الأسعار من قبل بعض التجار، وهو سبب في عدم انخفاض الأسعار أحيانا، لكنهم أشاروا أيضا إلى مخاوف لدى تجار المواد تتعلق بآلية التسعير، الأمر الذي يؤدي ببعض الباعة إلى التوقف عن البيع في حالة الارتفاع أو الانخفاض، وذلك إلى حين استقرار سعر الصرف.

أسباب عدم الانخفاض

فأسعار معظم السلع والخدمات في سوريا حاليا، تدخل في تكاليفها سعر الدولار الأميركي خاصة المواد المستوردة أو المصنوعة محليا والتي تدخل في صناعتها مواد أولية مستوردة، الأمر الذي يعقد عمليات التسعير في الأسواق وسط غياب الرقابة الحكومية وعجز الحكومة عن التدخل الإيجابي في هذه القضية.

الخبير الاقتصادي جورج خزام، أوضح أن سبب عدم انخفاض أسعار السلع عند تحسن قيمة الليرة السورية هو الانخفاض السريع للدولار الذي سوف يلحق به إرتفاع بنفس السرعة خلال فترة قصيرة، حيث أن أسعار الصرف لا تكون حقيقية في بعض الأوقات.

خزام قال في منشور عبر صفحته الشخصية في موقع “فيسبوك”، “هذا الانخفاض ليس حقيقي طالما أنه ليس انخفاض بطيء ناتج عن زيادة الحوالات الخارجية والانفراجات السياسية و الإقتصادية و زيادة الإنتاج القابل للتصدير و البديل عن المستوردات و الإنتاج الكافي لتلبية الطلب الداخلي”.

السلع الموجودة في الأسواق السورية، تتوزع تكاليف عادة بين الدولار والليرة السورية، حيث أن تكاليف نقلها داخل سوريا أو تخزينها تدفع بالليرة السورية، بينما ثمنها الحقيقي يتحمله التاجر بالدولار، حيث اعتبر خزام أن طباعة السعر مفصل بين التكاليف بالدولار والمصاريف بالليرة هو الحل الأمثل للوصول إلى التكلفة الحقيقية لكل سلعة.

التذبذب في أسعار الصرف، سبب فوضى غير مسبوقة في الأسواق السورية خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث تشهد الأسواق في بعض الأيام تغيرا في أسعار السلع بشكل ساعي، الأمر الذي يُفقد الأجور والرواتب في البلاد قدرتها على مواكبة أسعار السلع وخاصة المواد الغذائية.

قد يهمك: كاسة الشاي في خطر.. أسباب تهدد المشروب الأشهر في سوريا

خلال الشهر الفائت كان مجلس الشعب السوري يروج لجلسة “استثنائية” مع الحكومة لبحث تحسين الأوضاع المعيشية في البلاد، وبعد أيام قليلة من انتهاء جلسة مجلس الشعب السوري “الاستثنائية” بمشاركة أعضاء الحكومة، بدأت بشائر هذه الجلسة التي أفضت إلى تشكيل “لجنة مشتركة” بين المجلس والحكومة، بهدف إعداد حزمة متكاملة من المقترحات للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي، وتحقيق الاستقرار في سعر الصرف، وتحسين الأوضاع المعيشية للعاملين في الدولة، على أن تُقدّم هذه اللجنة مقترحاتها لمناقشتها وإقرارها.

سلسلة من القرارات الحكومية صدرت بعد هذه الجلسة، تتعلق بمزيد من رفع لأسعار السلع والخدمات في سوريا، أبرزها قرار وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، رفع سعر البنزين إلى 10 آلاف ليرة سورية، حيث تم رفع السعر بمقدار 1400 ليرة، الأمر الذي سيكون له انعكاسات على مختلف السلع والخدمات في البلاد.

رفع سعر البنزين سيكون له انعكاسات على مختلف القطاعات في البلاد، إذ من المتوقع أن تشهد أسعار المواصلات ارتفاعات جديدة خلال الأيام القليلة الماضية، كذلك فإن أسعار السلع والمواد الغذائية التي تدخل المحروقات في تكاليف صنعها أو نقلها، سيطالها الارتفاع خلال الفترة القادمة.

قرارات رفع متتالية

هذه الارتفاعات جاءت في وقت تقول فيه الحكومة، إنها تعمل على تحسين الواقع المعيشي، خصوصا بعد جلسة البرلمان “الاستثنائية”، لكن أفعال الحكومة لا تتوافق أبدا مع أقوالها، إذ إن جميع القرارات الحكومية الصادرة مؤخرا ساهمت في زيادة معاناة السوريين في التعامل مع الأزمة الاقتصادية.

قرارات رفع الأسعار شملت كذلك، قرار المؤسسة العامة للتأمين الإلزامي للسيارات، رفع رسومها بنسبة 50 بالمئة، ومضاعفة التعويضات للأضرار الجسدية بنسبة 100 بالمئة للحوادث في سوريا، حيث شمل قرار الرفع المركبات السياحية والباصات والشاحنات والآليات الزراعية والأشغال والدراجات الآلية والكهربائية.

وفي قرار أثار استياء واضحا بين أوساط السوريين، رفعت شركة “سيريتل”، أسعار باقات الإنترنت للمرة الثانية خلال العام الجاري، من دون إعلان رسمي، حيث وصلت نسبة الارتفاع بحسب ما تداوله ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى 40 بالمئة، شملت جميع الخدمات المقدّمة من الشركة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات