العيادة آخر وجهات المريض السوري.. المعاينة بخمسين ألف والطبيب يبحث عن فرصة للهجرة

مع استمرار الانهيار الاقتصادي الذي بلغ ذروته في سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية، لم ينجو القطاع الطبي من الضربات التي أثّرت على المرضى والأطباء في آن واحد، حيث أصبحت العيادة الطبية أخر وجهات المواطن السوري في حال شعر بالألم أو أصيب بمرض ما، وذلك نتيجة عدم قدرته على تحمّل تكاليف العيادات والأطباء.

هذا الارتفاع في أجور زيارة العيادات الطبية، زاد من أوجاع المرضى، حيث أن هذا الأمر يهدد بكارثة محتملة على صحة الإنسان في سوريا، فقط الألم الخارج عن التّحمل يدفع السوريين للذهاب إلى الطبيب أو المشفى، فهم يقولون إن ألم العلاج في كثير من الأحيان يكون أصعب من ألم المرض، في ظل ارتفاع تكاليف زيارة المراكز الصحية في البلاد.

ورغم هذا الارتفاع في أجور الأطباء، فإن الكوادر الطبية ما تزال تشتكي من عدم توازن الأجور الطبية مع الواقع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، الأمر الذي يؤدي بالأطباء إلى البحث عن أية فرصة للخروج من سوريا والعمل خارج البلاد.

ارتفاع أجور المعاينة

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، أشار إلى ارتفاع أجور وتكاليف زيارة العيادات الخاصة للأطباء في سوريا، حيث تبدأ تكلفة المعاينة من 50 ألف ليرة سورية، وقد تصل إلى 250 ألف في بعض العيادات، الأمر الذي يزيد من المعاناة النفسية والجسدية للمرضى نتيجة تحمّلهم أعباء مالية مرهقة من معاينات طبية وأدوية وصور شعاعية وتحاليل وغيرها.

بالمقابل يرى الأطباء، أن الطبيب هو الآخر يتأثر بارتفاع الأسعار أيضاً حاله كحال كل مواطن في هذه المحافظة، ومن حقّه رفع تعرفة المعاينة لتتماشى مع الظروف المعيشية الصعبة، مندّدين بالمغالاة الكبيرة بالتسعيرة لدى بعض الأطباء دون مراعاة ظروف المواطنين المادية.

“بعد قليل ستتحول عيادتي إلى جمعية خيرية” قال أحمد نحّا، وهو طبيب عيون يعمل في مدينة حلب، مؤكدا أن كثيرا من المرضى يأتونه ولا يملكون تكاليف المعاينة، بسبب الظروف الاقتصادية القاسية التي تعيشها البلاد خلال السنوات القليلة الماضية.

نحّا، أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “المرضى دائما ما يشكون ارتفاع أجور المعاينة، وأحيانا هم محقّون، لكن الطبيب هو الآخر امتهن هذه المِهنة من أجل أن يعيش منها، أحيانا أضطر لمعاينة بعض المرضى بشكل مجاني، لكن هذا الحال لا يمكنني الاستمرار به، بالطبع في حال وجدت فرصة للعمل خارج سوريا لن أتردد بقرار السفر كما معظم زملائي الأطباء”.

القطاع الصحي في انحدار

كأحجار الدومينو تتساقط القطاعات الحيوية في سوريا، حيث إن الوضع الاقتصادي المتدهور ينعكس بدوره على كافة القطاعات الأخرى، وقد أثّر ذلك بشكل كبير على القطاع الطبي الذي يواجه خطر الانهيار منذ سنوات،  لا سيما مع استمرار ظاهرة هجرة الأطباء خارج البلاد أملا في الحصول على فُرص عمل أفضل.

قد يهمك: ما حكاية موسم التنزيلات على الملابس في سوريا.. خدعة أم حقيقة؟

الوضع الطبي دخل في مرحلة جديدة من المعاناة، بعدما بدأ يعاني مؤخرا من نقص في كوادر التمريض، متأثرا بتراجع الوضع المعيشي في البلاد، حيث أعلنت العديد من المشافي السورية مؤخرا، عن نقص في كوادر التمريض، بعد موجة الاستقالات التي واجهتها مؤخرا، في ظل عجزها عن إيجاد كوادر بديلة.

الجهات الحكومية أصدرت العديد من القرارات في محاولة منها للحدّ من هجرة الأطباء، لكنها فشلت في تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها حول المحافظة على الكادر الطبي، هذا فضلا عن الأخطاء الطبية المتكررة التي أودت بحياة عشرات السوريين خلال السنوات القليلة الماضية، نتيجة ضعف الكادر الطبي.

مشروع قرار جديد تعتزم الحكومة السورية تطبيقه في محاولة للمحافظة على الكادر الطبي المتبقي في سوريا، حيث بيّن عضو “اللجنة الدستورية والتشريعية” في مجلس الشعب فيصل جمو،ل في تصريحات لصحيفة “الوطن” المحلية قبل أسابيع، أن مشروع القانون الخاص برفع سنّ انتهاء خدمة الطبيب البشري للأطباء العاملين في القطاع العام، تضمّن رفع السّن التقاعدي إلى 65 عام.

بموجب القرار يحقّ للطبيب بعد التقاعد في سن 65 عام، طلب التمديد بشكل اختياري حتى سن 70 عام، وتكون الموافقة على طلب التمديد من الوزير المختص، وذلك بعد تعديل المادة الواردة من الحكومة في هذا الصدد والتي كانت تنصّ على أنه يحتاج إلى موافقة رئيس مجلس الوزراء.

مشروع القرار الذي تحدّث عنه كذلك نقيب الأطباء في سوريا غسان فندي، يطرح التساؤلات حول جدوى القرار وإمكانية مساهمته فعلا في المحافظة على الأطباء، وتخفيف الفاقد من الكوادر الطبية السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات