لا شك أن استمرار التّعرض للقواعد العسكرية والقوات الأميركية من وكلاء إيران في مناطق العراق وسوريا يمثّل تحدّياً كبيراً للولايات المتحدة، خاصة في ظل الأحداث الجارية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، فالوضع يتسارع، والتوتر يتصاعد، مما يجعل هذا الموضوع محور اهتمام وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، التي تتصدى لتحدّياتٍ لا تُعدّ ولا تُحصى في عدّة جبهات.

مصادر إعلامية رصدت 40 هجوماً منذ تاريخ 19 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي على قواعد “التحالف الدولي”، وأوضح “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن الهجمات توزّعت على قاعدة “التنف” بواقع 7 هجمات، و9 على قاعدة حقل “العمر” النفطي، و7 على قاعدة حقل “كونيكو” للغاز، وواحدة على القاعدة الأميركية في “روباريا” بريف مدينة المالكية، و7 على قاعدة “خراب الجير” برميلان، و6 على قاعدة الشدادي، و2 على قاعدة تل بيدر، وواحدة على قاعدة “قسرك”.

إلى أي مدى ستذهب واشنطن؟

تصاعد الهجمات على القوات الأميركية أثار غضب بعض المسؤولين داخل “البنتاغون”، حيث اعتبروا أن الاستراتيجية الحالية لمواجهة وكلاء إيران غير متماسكة وغير فعّالة.

هجمات وكلاء إيران تشعل غضب البنتاغون ما القصة؟ (3)
القوات الأميركية تقدم تدريبًا عسكريًا في منطقة القامشلي بمحافظة الحسكة، سوريا في 18 أغسطس 2023. (تصوير هديل أمير/ غيتي)

واعتبر هؤلاء المسؤولون أن الضربات الجوية المحدودة الموافق عليها من قِبل الرئيس الأميركي جو بايدن، للرّد على تلك الهجمات قد فشلت في وقفها وردع الميليشيات المدعومة إيرانياً، وفقاً لتقرير صحيفة “واشنطن بوست”.

في سياق متصل، قال أحد مسؤولي الدفاع، متحدّثاً بشرط عدم الكشف عن هويته: “لا يوجد تعريف واضح لما نحاول ردعه”، مشيراً إلى عدم وضوح الغاية من محاولات ردع الهجمات الإيرانية المستقبلية.

وفي ظل الغارات الجوية الخاطفة التي نُفّذت في سوريا، حثّ مسؤولو الإدارة الأميركية طهران مراراً على كبح جماح المجموعات المسلحة التي تدعمها، مهدّدين بحقّ الرّد.

ورغم تكرار التحذيرات والضربات المحدودة، يظهر أنه لم تحقّق هذه الإجراءات النتائج المرجوة، حيث كشف مسؤول كبير في “البنتاغون” عن تقديمه لبايدن، خيارات إضافية تفوق الإجراءات المتخذة حتى الآن، مشيراً إلى التساؤلات المتزايدة داخل وزارة الدفاع حول النهج الحالي لردع وكلاء طهران في المنطقة.

ضربات استعراضية

يعتقد خبراء أن الزيادة المستمرة في وتيرة الهجمات، مع حدوث هجومين في اليوم، قد تدفع الولايات المتحدة إلى التفكير في توسيع نطاق ردودها على الفصائل المسلحة الموالية لطهران في العراق وسوريا، مما قد يؤدي في النهاية إلى نشوب حرب إقليمية واسعة النطاق.

عناصر من الحرس الثوري الإسلامي ( تصوير مرتضى نيكوبازل / نور فوتو)

لكن؛ بعض الآراء تشير إلى أن هذه الهجمات، على الرغم من تكرارها، ليست فعّالة عملياً ولا تشكّل تحدّياً كبيراً وحقيقياً للأميركيين، ويظهر ذلك من خلال استجابة واشنطن المتساهلة تجاهها.

يقول غازي فيصل حسين، مدير “المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية”، لموقع “سكاي نيوز عربية”: إن هذه الهجمات لم تلحق أضراراً كبيرة في القواعد ولم تؤدي إلى خسائر بين العسكريينَ الأميركيينَ، ولم تحقّق أثراً مدمّراً في المواقع المستهدفة، مما يشير إلى أنها لا تشكّل تهديداً جاداً للوجود الأميركي في العراق وسوريا.

يُفسر هذا التقييم الهادئ للوضع سياسياً بعدم اهتمام واشنطن بتوسيع نطاق التصعيد في الوقت الحالي، نظراً لتشغيلها بالفعل في حرب غزة. ويرى البعض أن واشنطن، رغم وجود إمكانيات ضخمة للردع في المنطقة، تعمل على تجنّب الاقتراب من صراع مباشر مع الفصائل المسلحة واحتمال حدوث حروب فرعية.

يظهر ردّ الفعل الأميركي هذا بتوجيه الانتباه نحو تحقيق المصالح الاستراتيجية، حيث يُعتبر دعم إسرائيل في حربها لاستعادة السيطرة على غزة من الأهداف الرئيسية، وهو يعكس استراتيجية هادئة تجنّب الانخراط في مواجهات غير ضرورية والتركيز على تحقيق الأهداف الرئيسية في المنطقة.

الجدير ذكره، أن العضو الجمهوري في مجلس “الشيوخ” الأميركي، ليندساي غراهام، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتال، أعلن الأسبوع الفائت، عن اعتزامهم تقديم مشروع قانون مشترك بين الحزبَين الجمهوري والديمقراطي، لردع إيران عن تصعيد الحرب التي تشنّها إسرائيل في غزة، قائلا: “الرّد الصحيح إذا توسّعت الحرب هو ضرب إيران”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة