لوبوان: لماذا سلّحت إسرائيل المعارضة السورية؟

لوبوان: لماذا سلّحت إسرائيل المعارضة السورية؟

نشرت صحيفة لوبوان الفرنسية يوم أمس تقريراً عن تسليح إسرائيل لفصائل المعارضة السورية. حيث يكشف التقرير كيف قامت #إسرائيل بتسليح ودفع رواتب لآلاف المقاتلين المعارضين لنظام بشار الأسد، وذلك لتأمين حدودها ومواجهة النفوذ الإيراني في سوريا.

فنظرية المؤامرة الإسرائيلية غالباً ما أثيرت من جانب كلّ من مؤيدي نظام الأسد ومعارضيه! وذلك في محاولة لتبرير الفوضى السائدة في سوريا. فمؤيدو #بشار_الأسد يزعمون أن إسرائيل تدعم المعارضين الإسلاميين للنظام السوري وذلك بهدف إسقاطه وزعزعة استقرار “محور المقاومة” مع إيران في مواجهة واشنطن وتل أبيب. بينما يرى معارضو الأسد من جانبهم أن إسرائيل قد فعلت ما بوسعها للمحافظة على نظام الأسد والذي يعتبر” أفضل عدو لها”، فهو لم يقلق راحتها يوماً.

ويبين التقرير كيف أن الموقف الإسرائيلي الرسمي كان دائماً هو تجنّب التدخل في الشؤون السورية دون تفضيل طرف على آخر. وإن كانت إسرائيل قد منعت تدفق اللاجئين إلى أراضيها، فإنها قد منحت ومنذ بداية الصراع “مساعدات إنسانية” للمدنيين السوريين من خلال توفير المنتجات الأساسية والرعاية في بعض الأحيان لمئات الجرحى في مشافي ميدانية. وهو ما أطلقت عليه إسرائيل آنذاك “عملية حسن الجوار”. حيث سمحت هذه المبادرة في عام 2017 على سبيل المثال بإرسال 2637 طرد من المستلزمات الطبية و694 طن من المواد الغذائية إضافةً إلى رعاية 685 طفل، وذلك وفقاً للموقع الرسمي لجيش الدفاع الإسرائيلي على الانترنت. وإن كانت هذه المساعدات الطبية موجهة للمدنيين، فإنها قد شملت بدون أدنى شك مقاتلي المعارضة الجرحى أيضاً.

ويكشف التقرير بأن الدعم الإسرائيلي لفصائل المعارضة المسلحة لم يقتصر على المساعدات الطبية والإنسانية. فبحسب مجلة فورين بوليسي الأمريكية، فإن إسرائيل قد مولت وسلّحت سرّاً 12 مجموعة مسلحة معارضة لنظام بشار الأسد تعمل كلها في الجنوب السوري، وذلك ما بين عام 2013 وشهر تموز من عام 2018. كما سبق وأن كشف تقرير لمراقبي الأمم المتحدة في الجولان في آذار من عام 2015 عن عمليات تبادل ما بين الجيش الإسرائيلي والثوار السوريين ما بين شهر تشرين الثاني من عام 2014 وآذار من عام 2015. وبحسب التقرير الذي تم رفعه لمجلس الأمن الدولي آنذاك، فإن “أفراد مسلحين” قد عبروا عدة مرات خط وقف إطلاق النار وكانوا يقتربون من السياج التقني الإسرائيلي حيث كانت تجري تبادلات مع جيش الدفاع الإسرائيلي.

وفي ذلك الحين، اجتمع خمسة وخمسون لواءاً متمرداً تابعين للجيش السوري الحر وذلك لتشكيل “الجبهة الجنوبية”. حيث كان قوام هذه الجبهة ثلاثين ألف مقاتل وكانت علاقاتهم وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية والأردن، ولكن كذلك مع دول الخليج التي تولّت أمر التمويل. إضافةً إلى أن تحالف هذه الجبهة في أحيان عدّة مع جهاديي فتح الشام، وهو الفرع السوري السابق لتنظيم القاعدة، قد ألحق الهزيمة بقوات بشار الأسد عدّة مرات في ريفي درعا والقنيطرة.
وفي مواجهة هذا العدد الهائل من فصائل المعارضة المسلحة في الجنوب السوري، والتي تغيّرت تحالفاتها مع امتداد الصراع، لم تقف إسرائيل مكتوفة اليدين. فوفق تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية، فإنها قد قدّمت الدعم لهذه الفصائل المسلحة ما بين عامي 2013 و 2014، وذلك في محاولة لإقامة شراكات محلية وتأمين منطقة عازلة على امتداد حدودها مع سوريا. وبناءاً على شهادة عشرين قائد ومقاتل من هذه الفصائل، والتي جمعتها فورين بوليسي، فإن المساعدات الإسرائيلية كانت موجّهة للمجوعات المرتبطة بالجيش السوري الحر والتي تعمل في مناطق القنيطرة ودرعا وجنوب دمشق.

ويكشف التقرير بأن من بين المستفيدين من الخدمات الإسرائيلية كانت مجموعة “فرسان الجولان” الناشطة في منطقة جبّاتة الخشب. وكذلك لواء عمر بن الخطّاب ومقره في بلدة بيت جن جنوب دمشق. حيث صرّح معتصم الجولاني، المتحدث باسم مجموعة فرسان الجولان، في مقابلةٍ مع وول ستريت جورنال: “إسرائيل تدعمنا بشكل بطولي، فلم يكن لنا أن نستمر دون الدعم الإسرائيلي”. ويشير التقرير إلى أن هذا الدعم كان يتكون من إمدادات بنادق هجومية أمريكية من طراز م 16 وبنادق آلية ومدافع هاون وسيارات نقل. وباستخدام نفس القنوات المخصصة للمساعدات الإنسانية, كانت إسرائيل ترسل الأسلحة إلى سوريا وذلك عبر ثلاث نقاط عبور تقع في مرتفعات الجولان. وبالإضافة إلى الأسلحة، حصل مقاتلو المعارضة السوريةعلى راتب شهري من إسرائيل قدره 75 دولاراً للفرد، إضافة إلى مبالغ أخرى لشراء الأسلحة من السوق السورية السوداء. وبحسب التقرير، فإن مجموعة فرسان الجولان كانت تقوم بدورها بتوزيع هذه الأسلحة على الفصائل المسلحة الأخرى المرتبطة بها.

وإن كان الدعم الإسرائيلي أقل مما قدمته دول الخليج والولايات المتحدة، إلا أنه يتعارض مع ما أعلنته منذ البداية بعدم تدخلها بالشؤون الداخلية السورية. وقد كان هدف إسرائيل هو الحد من الحوادث على حدودها الشمالية. وهي إستراتيجية أثبتت فعاليتها مع الأخذ بعين الاعتبار بعض القذائف التي تسقط من الجانب السوري والهجوم اليتيم لتنظيم داعش عن طريق لواء شهداء اليرموك في تشرين الثاني من عام 2016. حيث لم تتردد إسرائيل في القضاء على عدة قادة من الجهاديين من خلال غارات جوية مركزة في الجنوب السوري.

لكن من جهة أخرى فقد استغلت إيران وميليشياتها الشيعية الفرصة للاستقرار في المنطقة الجنوبية والتقرب من الحدود الإسرائيلية. فقامت إسرائيل حيال الخطر الجديد بتنفيذ 200 ضربة ضدّ إيران وحلفائها في الـ 18 شهرا الماضيين. وبالإضافة إلى هذه الحملة الجوية، زادت إسرائيل بشكل كبير من مساعداتها لفصائل المعارضة السورية المسلحة في الجنوب، وذلك بهدف وقف تقدم الميليشيات الشيعية.
وتنهي صحيفة لوبوان تقريرها بالقول بأنه وبعد أن مالت كفّة الميزان لصالح نظام بشار الأسد وذلك بفضل الدعم الروسي والإيراني، أوقفت إسرائيل مساعداتها لتترك فصائل المعارضة تواجه مصيرها المحتوم، فلم يبقى أمامها خيار سوى الاستسلام ورمي السلاح. بينما بدأت إسرائيل تلمّح بإمكانية إعادة العلاقات مع دمشق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.