روسيا وعودة اللاجئين السوريين: إعادة تأهيل للنظام.. ولبنان “مفتاح الحل”

روسيا وعودة اللاجئين السوريين: إعادة تأهيل للنظام.. ولبنان “مفتاح الحل”

حسام صالح

دفعت الحرب السورية طيلة السنوات الماضية بنحو 11 مليون سوريا إلى مغادرة بيوتهم، من بينهم أكثر من 5.6 ملايين إلى خارج البلاد ونحو 6 ملايين آخرين داخل سوريا، وما إن سيطر النظام وحلفاؤه على الغوطة الشرقية، ومن ثم الجنوب السوري بنظام “التسويات”، وتهجير الآلاف من المعارضين إلى الشمال السوري، حتى بدأت روسيا عبر مسؤوليها ووسائل إعلامها بالترويج لـ”إعادة لاجئي الخارج”، وتشكيل لجان لمتابعة عودتهم في دول الجوار، مستغلة حالة التململ “لبنان كمثال” من وجودهم، وبالتالي تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، والأهم من ذلك إعادة تأهيل النظام السوري أمام المجتمع الدولي، متناسية دورها في تهجير سكان مدن بأكملها، فكيف تعاطت روسيا مع ملف إعادة اللاجئين؟ وما مصلحتها الحقيقة من كل ذلك؟

ضمانات روسية!
لاشك أن قضية إعادة اللاجئين إلى سوريا صارت العنوان الأبرز للسياسة الروسية في أعقاب القمة التي جمعت الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ونظيره الأمريكي “دونالد ترامب” منتصف حزيران الماضي في العاصمة الفنلندية هلسنكي، حيث أعلنت موسكو أنها تعد خطة مشتركة لإعادة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم.
وتتضمن الخطة الروسية، تأسيس لجان في كل من لبنان والأردن وتركيا، للتنسيق والمتابعة مع الجانب الروسي بشأن العودة وآلياتها، إضافة إلى تأسيس مراكز روسية في سوريا، يفترض أن ينتقل إليها العائدون في المرحلة الأولى، ومنها إلى قراهم بعد إعادة إعمارها.
النظام بدوره لم يتأخر عن ملاقاة روسيا، فأحدث مجلس الوزراء “هيئة تنسيق لعودة المهجرين في الخارج”، وعدل القانون (رقم 10) المتعلق بالسيطرة على أملاك السوريين في الخارج، ومدد الفترة إلى سنة، في ظل ضغوطات روسية لإبطاله، كونه يعيق خطتها لإعادة اللاجئين، فتحاول روسيا بحسب مطلعين على وضع العديد التطمينات أو “ضمانات” لإقناع اللاجئين بالخارج بالعودة، منعاً لاعتقالهم أو سوق الشباب للخدمة الإلزامية، لكن لحد الآن لم تترجم هذه “الضمانات” ولا آلية تنفيذها على أرض الواقع، سيما وأن روسيا كانت الشريك الأساسي للنظام وعرابة تهجير السوريين في مختلف المناطق السورية.

إعادة تأهيل النظام
يرى محللون أن السعي الروسي لإعادة اللاجئين السوريين، يأتي صمن خطتها لتثبيت النظام السوري في الحكم وإعادة تأهيله، بعد مساعدته في السيطرة على المناطق، وإخراج المعارضة منها، وأن الظروف الداخلية باتت مناسبة لعودة هؤلاء اللاجئين أمام المجتمع الدولي، وأن الثورة في سوريا أثبتت “فشلها” في تحقيق هذه المعادلة، عبر توقف القصف وإعادة بعض الخدمات “الخجولة” إلى تلك المناطق.
هذه الخطة عبرت عنها المتحدثة باسم الخارجية الروسية “ماريا زاخاروفا” بقولها “إن عودة اللاجئين طواعية تتطلب إعادة إعمار البنية الاقتصادية والاجتماعية، وخلق فرص عمل جديدة، ونزع الألغام”، مضيفة أن “هذه المهام يصعب على الحكومة السورية تنفيذها بمفردها، وتتطلب رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام في سوريا، ومده بالمساعدات لتمكينه من إعادة الإعمار، وتأمين المساكن للمواطنين العادئدين”.
في مقابل ذلك، اعتبر المعارض السوري “حسام نجار” أن “الخطة الروسية، لإعادة اللاجئين ليست فقط من أجل رفع العقوبات وتأهيل النظام مرى أخرى، بل لها جانب يتعلق بإيقاف التغلغل الإيراني الذي يحاول تقسيم سوريا على أساس طائفي، وهذا كان جلياً في المفاوضات الروسية التي جرت مع فصائل المعارضة، بإقناعهم بالبقاء في أراضيهم مقابل تسليم سلاحهم، وإقناع المدنيين بالبقاء، ونجحت فيه بنسب لابأس بها في الجنوب والغوطة الشرقية”.

لبنان مفتاح الحل
اصطدمت الخطط الروسية بموضوع إعادة اللاجئين، بتصريحات الأمم المتحدة التي أكدت مراراً أن الأوضاع في سوريا لاتفي بعد بالشروط الخاصة بالعودة إليها، بعد أكثر من 7 سنوات من الحرب التي قتلت مئات الآلاف وهجرت الملايين من السوريين، ولايوجد حل سياسي يضمن عودة اللاجئين في ظل الظروف الراهنة، وهو ما أكدته صحيفة “دي فيلت” الألمانية التي تساءلت “ما هي قيمة السلام بعد أن فاز ديكتاتورٌ هاجم شعبه بالحرب؟، فسوريا مازلت مليئة بنقاط التفتيش، وهناك هجمات وقتل واحتجاز للرهائن، ومئات الآلاف من المنازل مدمرة، ولايوجد فرص عمل”.
وجدت روسيا في لبنان، حجر الأساس الذي من خلاله تستطيع أن تبني موضوع إعادة اللاجئين، فلبنان الرسمي والشعبي يضيق ذرعا باللاجئين السوريين، ويحمّلهم مسؤولية الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد؛ وانعكست تلك الحالة في مواقف عبّرت عن نفسها بتصريحات وأشكال عديدة، وتصريحات المسؤولين اللبنانين كل يوم عن اللاجئين السوريين، وضرورة عودتهم إلى بلادهم”.

وبهذا الخصوص قال المعارض السوري حسام نجار “إن روسيا تدرك أن لبنان مستعد للتعاون معها في موضوع إعادة اللاجئين، وهناك حالة من عدم الأمان لدى اللاجئين السوريين هناك والتضييقات الأمنية التي تفرض عليهم، وعدم منحهم في كثير من الأحيان الأوراق والوثائق القانونية، كوسيلة للضغط عليهم، مما فتح المجال لعودة الآلاف إلى سوريا، التي تقول السلطات الروسية واللبنانية إنها طواعية، ولكن هذه الطواعية شكلية فقط، فلم لم نلاحظ عودة لاجئين من أوروبا وتركيا وبعض الدول المجاورة، كما في الحالة اللبنانية؟”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.