أتلانتيكو: “روج آفا” في قلب المعاناة

أتلانتيكو: “روج آفا” في قلب المعاناة

نشر موقع أتلانتيكو الإخباري الفرنسي يوم أمس تقريراً عما آل إليه حال “روج آفا” بعد سنوات الحرب التي عاشتها سوريا والتطورات التي شهدتها المنطقة مؤخراً. ففي الخريف الماضي، أطلقت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بالتعاون مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، عملية واسعة النطاق بهدف طرد تنظيم داعش من آخر ما تبقّى له من مناطق نفوذ في سوريا لاسيما منطقة هجين في جنوب شرق دير الزور. الأمر الذي سيعزز سيطرة قسد على منطقة شرق الفرات وبالتالي توسيع نفوذ الإدارة الذاتية لإقليم الجزيرة. لكن على ما يبدو فإن الرياح باتت تجري في اتجاه آخر.

حيث يبين التقرير بأن عملية قسد هذه لم تأتِ أُكملها. ففي منتصف شهر تشرين الأول الماضي, استغل مقاتلو تنظيم داعش سوء الأحوال الجوية والعواصف الرملية ليشنوا هجوماً معاكساً ويعيدوا مقاتلي قسد إلى نقطة البداية. وبالتالي فإن تنظيم داعش، الذي لا تتوقف وسائل الإعلام عن تقديمه كتنظيم إرهابي يحتضر، لا يزال يملك من القوة ما يكفي للاستيلاء على الأراضي من جديد. فقد قاد التنظيم حرب المشاة الآلية باستخدام العشرات من الآليات المسلحة وبعض المدرعات معتمداً أسلوب “Mad Max” . حيث حالت ظروف الرؤية السيئة دون إطلاق نيران المدفعية لتصيب آليات ومدرعات داعش. وقد كان لهجوم داعش العكسي هذا أسوأ الأثر على قسد نظراً لما لحقها من خسائر لاسيما على المستوى المعنوي. هذا بالإضافة إلى الهجمات التي يطلقها تنظيم داعش في جميع مناطق سيطرة قسد ولاسيما في الرقة، العاصمة السياسية السابقة لخلافة “الدولة الإسلامية”. فكل هذا يثبت بأن الحركة السلفية الجهادية لا تزال تستفيد من حاضنة بين السكان المحليين كما هو الحال في أماكن أخرى من سوريا.

ويشير التقرير بأنه لا بد من الاعتراف بأن الأتراك أيضاً قد زادوا الوضع سوءاً في “روج آفا”. فما كادت تنتهي قمة اسطنبول، التي جمعت كلّ من الرئيس التركي والفرنسي والروسي والمستشارة الألمانية، حتى أمر رجب طيب أردوغان مدفعيته بقصف مواقع لقسد واقعة على الجهة الشرقية من نهر الفرات مقابل جرابلس بحجة الرد على عمليات إطلاق نار مشبوهة. وفي هذه الأثناء، بدأت دوريات أمريكية تركية مختلطة في منطقة منبج وهي آخر موقع غرب نهر الفرات لا يزال تحت سيطرة قسد. والمسؤولون الأتراك يقولونها دون مواربة بأن هدف أنقرة النهائي هو طرد قسد إلى شرق الفرات. بينما يزداد تهديد أردوغان يوماً بعد آخر بأنه سيشن هجوماً على ما تبقى من “روج آفا” للقضاء على الحلم الكردي. وفي هذا السياق أوقفت قسد عملياتها ضد بقايا تنظيم داعش لإعادة نشر قواتها في منطقة كوباني بهدف درء أي تهديد تركي جديد.

وفي محاولة لفهم العداء التركي لـ “روج آفا”، يبين التقرير بأنه لا توجد “مشكلة كردية بل مشاكل كردية” طالما أن الأكراد لا يمثلون كتلة واحدة متجانسة. لكن الأكراد السوريين هم أقرب إلى أكراد تركيا من أكراد العراق. علاوة على ذلك فإن أردوغان لا يكذب تماماً عندما يزعم أن حزب الإتحاد الديمقراطي في سوريا هو امتداد لحزب العمال الكردستاني PKK. فالعديد من الأعضاء النشطين في حزب العمال الكردستاني هم من الجنسية السورية، ومن أشهرهم باهوز أردال والذي كان أحد أبرز قادة الـ PKK. كما أن دمشق احتضنت في الماضي معسكرات الـ PKK حتى عام 1998 عندما طردت عبد الله أوجلان ” آبو” تحت التهديد والوعيد التركي، ليتم تسليمه فيما بعد في نيروبي للمخابرات التركية بمساعدة ومباركة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الإسرائيلي. وهو يقضي اليوم عقوبة السجن المؤبد في جزيرة إمرال. ناهيك عن رفع صور “آبو” في كافة مظاهر وأنشطة حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا وتبني فكره وإيديولوجيته في المناهج الدراسية في “روج آفا”.

ويختم اتلانتيكو تقريره بالإشارة إلى ما أكدته واشنطن بأن أغلبية مقاتلي قسد والذين يبلغ عددهم حوالي خمسين ألف مقاتل سيشكلون قريباً ما يسمى بـ “حرس الحدود” والذي سيتولى حماية الحدود التركية السورية. الامر الذي يثير غضب أردوغان ويزيد من حقده على “روج آفا”. وإن كانت قسد قد أعادت نشر قواتها على الحدود التركية لمواجهة الخطر التركي, فأنه في الحقيقة فقط دوريات العلم الأمريكي المدرعة والمنتشرة على طول الحدود التركية السورية هي من يستطيع منع أنقرة من القيام بأي هجومٍ جديد على “روج آفا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.