حزب الله في اليمن .. من “يا ليتني كنت معكم” إلى التدخل المباشر

حزب الله في اليمن .. من “يا ليتني كنت معكم” إلى التدخل المباشر

رجا أمين – بيروت

لم يعد خافياً على أحد ارتباط #حزب_الله بإيران، فبالإضافة إلى كل مواقفه السياسية الداعمة لإيران ونظام الأسد، والشيعة في العراق والبحرين والسعودية، والحوثيين في اليمن، لا يخفي أمينه العام حسن نصرالله أصل موارد حزبه وتمويله الإيراني وتبعيته الكاملة لولاية الفقيه.

ميليشيات هذا الحزب التي توسعت وتطورت خلال السنوات الماضية فأصبحت واحداً من أهم أذرع النظام الإيراني خارج إيران، ويبدو التنسيق بين الحزب وقوات الحرس الثوري على مستوى رفيع ودائم، للاستفادة من خبرات الحزب القتالية في دعم “محور الممانعة” حيثما يجب.

يمنياً واجه الحوثيون مشاكل حقيقية مع بدء معارك “عاصفة الحزم” منذ قرابة 3 أعوام، فرغم خبرتهم العسكرية إلا أن مواجهة قوة جيوش منظمة وقصف عنيف ومتواصل بالطيران ليس بالأمر الهين، ما عدا القدرة على تهديد الخصم في عقر داره، وهنا كان التدخل الأبرز والأكثر مباشرة لإيران في الصراع اليمني-اليمني في الأساس، بدفع عناصر من ميليشيات حزب الله إلى التدخل لدعم الحوثيين بالاستشارات والتدريب والأعمال القتالية وتهريب الأسلحة بما فيها الصواريخ البالستية. كل تدخل إيراني قبل هذه المرحلة كان تدخلاً لدعم طرف يمني ضد آخر دون التورط في إدخال عناصر أجنبية في البلد الذي أنهكته الصراعات، ولكن الرد على عاصفة الحزم جعل التدخل الإيراني بواسطة حزب الله أكبر وأكثف، بهدف نقل عقيدة الحزب القتالية إلى الحوثيين في اليمن، ليستطيعوا الصمود أمام علميات التحالف العربي، وأن يهددوا السعودية بالصواريخ التي حصلوا عليها.

التدخل المباشر لميليشيات حزب الله أدى إلى استمرار قدرة الحوثيين على الحصول على صواريخ بالستية من #إيران عبر البحر، ونقلها في الداخل اليمني ونصبها وإطلاقها باتجاه العمق السعودي، والتهديد حتى باستهداف الإمارات المشاركة في التحالف الذي شن عمليات عاصفة الحزم، وخبرة حزب الله في التعامل مع الاسلحة الصاروخية ليست سراً أو أمراً خافياً على أحد.

ومع مرور الوقت صار للموضوع اليمني حصة شبه دائمة في خطابات حسن نصرالله  الذي دعا علناً ومباشرةً إلى قتال القوات الحكومية اليمنية معلناً دعمه الكامل للحوثيين، وقالت مصادر يمنية أن غارات التحالف العربي أدت إلى مقتل عدد من خبراء حزب الله في اليمن، ما راكم دليلاً جديداً على أدلة تدخل الحزب في الصراع اليمني.

لم تتوقف الأمور عند هذا الحد فقد تسرب شريط فيديو لمسؤول عسكري من حزب الله في موقع عسكري يمني يقوم بتدريب عناصر يمنية ويحدثهم عن “عمليات استشهادية” في الداخل السعودي.

الحكومة اليمنية لم تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذا التدخل، فخلال الصيف الأخير وجه وزير الخارجية اليمني خالد اليماني خطاباً واضحاً إلى نظيره اللبناني جبران باسيل محذراً من مغبة تدخلات ميليشيا لبنانية في شؤون بلد آخر في حرب ضد السلطات الشرعية فيه والمعترف بها عربياً ودولياً، ولكن كما كان متوقعاً لم يستطع باسيل فعل شيء، فأي تصريح، أو ما هو أكثر من تصريح غير ممكن في وجه حليفه القوي الحاكم الفعلي للبلاد.

نفى حزب الله مراراً على لسان أمينه العام تدخله في اليمن، وأكد أن الحزب لم يرسل أسلحة إلى اليمن و”لا حتى مسدساً”، وهو ربما صدق في عدم ارسال الأسلحة إلى اليمن، فهذه تأتي من إيران، ولكن نفي تدخل عناصره أمر عصي على التصديق… لاحقاً قال نصرالله متحدثاً عن المعارك في اليمن، مخاطباً مقاتلي “أنصار الله” الحوثيين: “يا ليتني كنت معكم”!، كما صرح: “نحن لا ننفي ولا نثبت تواجدنا في اليمن”، متراجعاً عن النفي القاطع الذي عبرعنه في مرحلة سابقة.

هنا يبدو السيناريو مشابهاً لسيناريو خطابات الحزب ولغته الإعلامية بشأن تدخله في سوريا قبل سنوات، وكيفية تصاعد الخطاب من نفي المشاركة والتدخل، إلى الدفاع عن الحدود، فالقرى الشيعية في الجانب السوري من الحدود، فحماية المقامات، وصولاً إلى حلب ودير الزور والبوكمال و”حيث يجب أن نكون سنكون”!

حزب الله الذي يتابع ملف اليمن ويتدخل فيه تحت أمرة وتوجيه إيرانيين، كلف بهذا الملف المدعو أبو مصطفى، ناصر الأخضر أحد أهم شخصياته العسكرية، فقد كان قائداً للوحدة العسكرية المركزية، وقائداً للعمليات العسكرية المركزية، وأشرف على العمليات العسكرية والأمنية للحزب في الشرق الأوسط.

أما في لبنان فيحتضن الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت جالية يمنية لا بأس بها، تضم عدداً كبيراً من المراهقين والشباب الملتحقين بالحوثيين من حيث الموقف الفكري والسياسي، حيث يقوم الحزب بتغطية هؤلاء وتأمين الإقامات اللبنانية لهم، وإخضاعهم لدورات كشفية الشكل عقائدية وعسكرية المضمون، وتوظيفهم في الوسائل الإعلامية التابعة لمحور الممانعة لإنتاج مواد صحفية وإعلامية تساند موقف هذا المحور وتهاجم السعوديين وحلفهم العربي.

كما تشكل الضاحية الجنوبية لبيروت محطة لهؤلاء اليمنيين الراغبين في الذهاب إلى إيران لمتابعة تدريبات عسكرية أعلى من تلك التي خضعوا لها تحت إسراف حزب الله في لبنان.

ويفيد أفراد من الجالية اليمنية في لبنان أن الكلام عن تدخل حزب الله في اليمن سياسياً وعسكرياً أمر معروف لدى أغلب اليمنيين سواء أكانوا في صف الحوثيين أم في صف الحكومة الشرعية، ولا أحد من الطرفين يشكك في هذا التدخل على الأرض، ولكن حين ينتقل الحديث إلى الإعلام والمواقف السياسية يمسي الحديث حذراً أكثر، فالأدلة الدامغة على التدخل ليست كثيرة.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.