هل اختلفت حياة السوريين الحاصلين على الجنسية التركية؟

هل اختلفت حياة السوريين الحاصلين على الجنسية التركية؟

تركيا (الحل) – «الأتراك الجدد» مصطلح بات يطلق على السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية «الاستثنائية»، بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية عام 2016 لتجنيس السوريين على أراضيها، من أصحاب الخبرات والشهادات العلمية والحاصلين على تصاريح عمل، إذ حصل عليها نحو 76 ألف شخص، من أصل أكثر من 3.5 مليون سوري متوزعين في أنحاء تركيا، بحسب التقديرات الرسمية.
وبموجب القانون، يعتبر الشخص الذي حصل على الجنسية التركية، مواطناً تركياً يتمتع بجميع الحقوق ويؤدي الواجبات، وإزالة صفة اللاجئٍ عنه، إضافة إلى حرية السفر والتنقل حول العالم بموجب جواز سفره الجديد، إلا أن الوقائع على الأرض لم تكن بتلك السهولة، بحسب ما رواه عدد من السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية حديثاً.

تمييز وصعوبة اندماج
تقول «سلمى العابد» وهي معلمة حصلت على الجنسية التركية من ولاية بورصة قبل أشهر: «لا شك أن حصولي على الجنسية التركية، قد أحدث فرقاً في حياتي، فأصبح بإمكاني الحصول على الامتيازات كافة، والتي يتمتع بها المواطنون الأتراك، لكن في المقابل، لم يتغير شيء في تعامل الأتراك معنا تحت صفة اللاجئين في بلدهم، فما تزال عوامل اللغة واللباس وحتى طرق التفكير تشكل عائقاً أمام اندماجنا في المجتمع الجديد».
وأضافت في حديث لموقع «الحل» أنه وحتى «فيما يخص الأمور البسيطة هناك تفرقة بين السوري المجنس والتركي، فقبل فترة كنا نبحث عن منزل للإيجار، ووجدنا صعوبة في الحصول على السكن المناسب نتيجة رفض عدد من أصحاب المنازل، وحتى المكاتب العقارية تأجيرنا رغم إبرازنا للهوية التركية».
في السياق، أكد «سعيد» الذي حصل بدوره على الجنسية مع عائلته قبل نحو عام ونصف، أن «الهوية التركية لم تغير من واقعنا المادي بشيء، بل تم إلغاء معونة الكرت الأحمر التي كانت تؤمن لنا دخل شهري رغم مبلغه القليل، إضافة إلى وجوب استخراج تأمين صحي؛ أو ما يسمى الكرت الأخضر الذي بموجبه يفرض على كل فرد في العائلة دفع مبلغ شهري مقابله، كما أصبحنا ندفع ربع قيمة الدواء، بعد أن كانت المستشفيات تعالجنا مجاناً بموجب بطاقة الحماية المؤقتة».

ولفت «سعيد» إلى أن «بالنسبة لطريقة التعامل مع المواطنين الأتراك والموظفين الحكوميين فإنها تختلف بحسب خلفية الشخص وانتماؤه السياسي، ففي بعض الدوائر الحكومية يتم المماطلة في إنجاز أعمالنا، ويتم معاملتنا بعنصرية على أساس سوريين ولسنا مواطنين أتراك».
بدوره، أوضح الصحفي المهتم بالشؤون التركية «عبد الله الابراهيم» أن مسألة «منح السوريين للجنسية التركية يقوم على المنفعة المتبادلة بين الحكومة التركية والسوريين، وبالتالي يتوقع من المجنسين السوريين جهوداً مضاعفة في سبيل تعلم اللغة لأنها الأساس في التعامل اليومي، إلا أن الكثير منهم لا يتقنها، وسيكون عائقاً في اندماجهم بالمجتمع التركي وذلك بعد حصولهم على وثائق رسمية وحقوق المواطنين الأتراك كاملة»، مشيراً إلى أن «الأمر لا يخلو من بعض المضايقات والتصرفات العنصرية، لأن تركيا خليط بين المؤيدين والمعارضين لوجود السوريين وحتى تجنيسهم».
وأكد «الإبراهيم» لموقع «الحل» أن «العامل الاقتصادي يلعب دورا مهما أيضاً في حساسية المواطنين الأتراك ضد السوريين المجنسين، فكثير من الشائعات التي ما يزال تداولها لحد الآن بامتيازات وهمية للسوريين وحتى المجنسين بإعطائهم المنازل دون إيجار وإعفائهم من الفواتير المنزلية والضرائب وغيرها».

ماذا عن جواز السفر؟
يعتبر جواز السفر من أهم الامتيازات التي يحصل عليها السوري الحاصل على الجنسية التركية، وبالتالي سهولة التنقل والحركة داخل تركيا وخارجها، وهو ما كان مستحيل في حالة الجواز السوري بعد فرض معظم دول العالم تأشيرة دخول على السوريين، إذ يُعطى للأتراك جواز سفر مدته 10 سنوات، ويمكن استخراجه خلال ثلاثة أيام بتكلفة لا تتجاوز 750 ليرة تركية (حوالي 150 دولار)، بعكس الجواز السوري الذي مدته لا تتعدى سنتين ويكلف حوالي 1000 دولار.
ومع ذلك، لم تكن تجربة السفر بالجواز التركي للسوريين المجنسين بنفس الإيجابية مع غيرهم من الأتراك، إذ يشتكي العديد منهم من تعامل سفارات بعض الدول حول جنسيتهم السورية، وأسباب السفر، حيث سجلت العديد من حالات رفض منح التأشيرة باعتبار أنهم سوريين، وذلك بحسب ما تتناقله الصفحات المهتمة «بأخبار الجنسية التركية» على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويقول «هشام مروان» أحد السوريين المجنسين في تركيا «قدمت بطلب للسفارة المصرية في أنقرة لإعطائي فيزا سياحية لزيارة عائلتي التي تقطن في مصر، وبعد استيفائي جميع الأوراق المطلوبة، أتى الجواب بالرفض بعد شهر ونصف، وعند السؤال عن السبب، لم تكن هناك إجابة واضحة سوى أن مصر لا تعطي تأشيرات للأتراك الذين ولدوا في سوريا».
ولم يكن «أحمد الخليل» بأفضل حال، عندما تقدم بطلب إلى السفارة الألمانية، ورغم سهولة الحصول عليها للأتراك بحكم وجود جالية كبيرة لهم هناك، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، وقال: «عند تقديمي للأوراق الثبوتية، تم سؤالي عن تاريخ حصولي على الجنسية التركية، كما طلب مني صورة عن جواز سفري السوري إلى جانب التركي، إضافة إلى مجموعة من الأسئلة التفصيلية، عن هدف الزيارة وهل يوجد لي أقرباء هناك، ومن ثم تم رفض طلبي وإعطائي ورقة رفض دون توضيح الأسباب».

ويرى المحامي المقيم تركيا «مهيار الحاج» أن «هناك كثير من الدول ما تزال تنظر إلى السوريين رغم حصولهم على جنسيات أخرى نظرة اللاجئ، ويتم رفض إعطائهم تأشيرة أو فيزا الدخول لهذا السبب، رغم أحقيتهم بالحصول عليها قانوناً»، مضيفاً أن «حل هذه المشكلة يكمن في مدى إظهار المجنس السوري اندماجه بمجتمعه الجديد وخصوصاً عامل اللغة، وبالتالي يستطيع التواصل في المطارات والسفارات داخل تركيا وخارجها ومعرفة حقوقه والمطالبة بها».
يشار إلى أن عدد السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية، بلغ 76 ألفاً و443 سورياً وفقاً لتصريحات وزير الداخلية التركي سليمان صويلو بداية العام الجاري، مشيراً إلى أن من بين الحاصلين على الجنسية يوجد 25 ألفًا من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السنة وحتى 18 عامًا، وهؤلاء في حال أصبحوا والدين سيمنحونها لأولادهم فيما بعد.

إعداد: حسام صالح – تحريير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.