ديرالزور (الحل) – لم يقتصر تأثير الحرب في سوريا على البشر، فلا شك أن الأماكن كان لها نصيبها من التغيير، ففي مدينة #دير_الزور كان لشارع “ستة إلا ربع” هو الآخر حصته من هذا التغيير، فبعد أن كان مركزاً اقتصادياً واجتماعياً للمدينة، أصبح اليوم ثكنة لمليشيات #إيران ومن يأتمر بأمرها.

الاسم الرسمي للشارع هو “جادة الميسات”، لكن لا أحد يعرف هذا الاسم سوى بعض أعضاء مجلس محافظة ديرالزور، الذين اختاروه، فـ بالنسبة لأهالي ديرالزور فهذا الشارع اسمه “ستة إلا ربع”، أما عن سبب التسمية فالبعض يرجعه إلى أن عرض الشارع ستة أمتار إلا ربع، والبعض يقول أن محلات الشارع في بداية إنشائها كانت بعيدة عن سوق المدينة القديم وحركة التسوق معدومة فيها، فكان الأهالي يرونها سوق مزيفة لا فائدة منها ويسمونها محلات ستة إلا ربع، ويقصدون به في اللهجة الديرية القديمة الشيء المزيف، أما البعض الآخر فيرجع التسمية إلى أن الشارع ملتقى للمراهقين والعشاق وهؤلاء “عقلاتهم ستة إلا ربع” كناية عن طيش الشباب.

لا يهم أصل الاسم فالمهم للديريين هو الشارع الذي حملوه في ذاكرتهم أينما حلوا ، فلا تكاد تمر ذكرى ببال الأهالي بدون حضور الشارع، فمواعيد العشاق، والتسوق، وتجهيز العرائس، وألبسة العيد، كلها مرتبطة بـ “ستة إلا ربع”.

مركز تجاري ومركز للموضة والصيحات في ديرالزور
ولا يكاد يخلو عنوان محل أو عيادة من اسم الشارع، فـ “ستة إلا ربع” يتوسط المدينة ويصل أهم شوارعها ببعض (شارع سينما فؤاد، شارع حسن الطه، والشارع العام)، كما يطل على دوار التموين الأهم في المدينة أيضاً.

كل ما يحتاجه السكان متوفر في واجهات محلات “ستة إلا ربع”، فأطيب أنواع الكليجة (كعك شهير في ديرالزور) تصنع هناك ويوصى عليها من كافة المحافظات الأخرى ودول الاغتراب، إضافة لمحلات العطور والأحذية والتوابل والعيادات والصيدليات، كلها احتلت مكانها في الشارع، فالكل يريد ربط اسمه مع الشارع الذي تفرعت منه أسواق ومحال تجارية في الشوارع والحارات المجاورة.

وكما كان موقع الشارع ميزة لمالكيه ومحلاتهم، أصبح في الحرب وبالاً عليهم وعلى أملاكهم، فكل القوى التي مرت على المدينة تريد السيطرة على الشارع بدءاً من فصائل المعارضة المسلحة مروراً بتنظيم «داعش» وانتهاءً بالإيرانيين ، فنال الشارع حصته من القذائف والتدمير الذي طال معظم مبانيه.

وبالنظر للشارع الذي كان يضج بالحياة، تجده اليوم خاوياً، حيث غادره تجاره وعشاقه، وحاله كحال كافة أحياء مدينة ديرالزور، يقبع الشارع تحت نفوذ ميلشيات إيران ومن لف لفيفها، أما بيوت الشارع فكلها مدمرة وما صلح منها أصبح مقراً للمليشيات أو مستودعاً لما “عفشته” من بقية أحياء المدينة، وإذا أردت أن تتفقد بيتك أو محلك أو ما تبقى منه في الشارع، فعليك دفع المال لقواد الميليشيات وسماسرتهم .

ثماني سنوات غيرت وجه المدينة وكتمت أصوات باعة شارع “ستة إلا ربع” وهم يدعونك للفرجة والشراء، فهل سيأتي اليوم الذي يعود للشارع ألقه ويتخلص من أمراء الحرب و”عقلاتهم الستة إلا ربع”!!!

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.