مصدر رزق أو “مفسدة”… ردود فعل على حظر صالات الألعاب الإلكترونية في دمشق وريفها

مصدر رزق أو “مفسدة”… ردود فعل على حظر صالات الألعاب الإلكترونية في دمشق وريفها

دمشق وريفها (الحل) – تضاعفت أعداد صالات الألعاب الإلكترونية في #دمشق وريفها خلال العامين المنصرمين، وأثارت جدلاً كبيراً من ناحية اجتماعية، حيث اعتبرها الأهالي ذات تأثير على الشباب وسلوكهم ومن ناحية اقتصادية حيث باتت مصدر رزق لبعض الأشخاص ممن لا يراعون ضوابط اختيار الألعاب وتوفيرها للأعمار المناسبة، بالمقابل شكلت هذه الصالات مصدر دخل جيد للكثير من الشبان بسبب سهولة العمل بها وتكلفتها المالية المنخفضة نسبياً، إضافةً للمردود الجيد الذي تعود به، والإقبال الكبير عليها في أوساط الشباب.

حظر حكومي وتراخيص ممنوعة
مدير المهن والتراخيص في حكومة النظام (هيثم داغستاني) قال في تصريحات لمواقع إعلامية: إنّ صالات ألعاب الكومبيوتر و “البلايستيشن” غير نظامية ولا يوجد تراخيص خاصة بها، وسيتم العمل على إغلاقها، وأكدّ أنّ التراخيص التي تقدمها المديرية هي فقط لمقاهي الانترنت، وأي مقهى يتم ضبطه يستغل الرخصة لإنشاء صالات ألعاب كومبيوتر سيتم إغلاقه بالشمع الأحمر، لتوضح بعد ذلك المحافظة بأنّ الأغلاق سيكون تنبيه لثلاثة أيام، وإذا عاود المخالفة يصار إلى إجراءات إضافية.

ردود متباينة على الحظر
تباينت ردود الفعل على حديث داغستاني الأخير حول عدم وجود تراخيص لصالات الألعاب الإلكترونية والعمل على إغلاقها، واعتبر مفيد سليمان (صاحب صالة ألعاب) أنّ هذا الأمر فيه ظلم للشباب العاملين بهذا المجال، وسيتسبب لهم بخسائر كبيرة في حال تم تطبيقه، كما أنّه لا يستبعد أن يكون هذا القرار جاء بسبب رغبة بعض المسؤولين بالاستثمار بهذا العمل، وفق قوله.

في حين رحبت عبير نور الدين (معلمة في ريف دمشق) بحديث داغستاني، كونها تعتبر هذه الصالات مكاناً لتعليم العادات السيئة وإضاعة الوقت أكثر منه مكاناً للتسلية والترويح عن النفس، وأشارت إلى أنّ كثير من الطلاب يتسربون من المدارس ويقضون أوقاتهم فيها، ومن لم يتسرب أصبح لا يهتم بدراسته وارتفعت نسبة الرسوب في المدارس بشكل كبير.
أما زهير الشامي (من سكان العاصمة) فاعتبر أنّ “التعميم خاطئ في صيغة القرار، فالأجواء التي يعيشها السوريون مليئة بالضغوط، وحياتهم أصبحت عبارة عن رحلة مصاعب، وكل ذلك انعكس على الحالة النفسية للشباب والأطفال، ما يوجب أن يقوموا بأنشطة وفعاليات للترويح عن أنفسهم، دون أن تؤثر على الواجبات الملقاة على عاتقهم، ويكون ذلك من خلال افتتاح صالات كبيرة لهذه الألعاب، وإيجاد آلية لمراقبتها ومتابعة الأنشطة المقامة فيها، وإدارتها بشكل جيد، لتكون ذات فائدة، أو لتخفف شيئاً من الضرر الحاصل بسبب الصالات حالياً”.

صالات الألعاب من الداخل
قام مراسل “الحل” بجولة إلى عدة صالات في ريف دمشق، ورصد ما يجري داخلها، فهي ليست كما تبدو عليه، صالات ألعاب للترويح عن النفس ولتخفيف الضغوط النفسية على الشباب فقط، بل هناك تجاوزات كبيرة وعادات خطيرة على المجتمع تتم داخل بعضها، تبدأ بتعليم التدخين و”الكلام البذيء” للأطفال، وتصل لتعاطي وترويج المخدرات والحبوب المهدئة، حيث يتم بيعها بشكل سرّي في بعض هذه الصالات.

الشجارات والمشاكل اليومية هي جزء لا يتجزأ من عمل هذه الصالات، حيث أنّ من الممكن أن تنشب مشكلة كبيرة بين رواد هذه الصالات بسبب الهزيمة في لعبة “بوبجي”، إضافةً لذلك فقد تم تسجيل عشرات الحالات من التحرش الجنسي بالأطفال، وقد مرّت دون متابعة أو محاسبة خوفاً من ردود الفعل من المجتمع، حسب المراسل.

ويشتكي جيران هذه الصالات من الإزعاج الكبير الذي تسببه لهم، وقال فراس راشد (صاحب منزل جانب صالة ألعاب) نسمع الشتائم والصراخ ونحن داخل المنزل، ولا توجد أوقات محددة لفتح الصالات وإغلاقها، ومن الممكن أن نُجبر على سماع أصوات الشجار و الضحك حتى ساعة متأخرة من الليل، ونتج عن هذه التصرفات عدة مشاكل بين أهالي الحي وصاحب الصالة الذي لم يعر مطالبهم أي اهتمام.

مصاريف كبيرة تدفع بعض واد الصالات للسرقة
تتراوح أسعار ساعة اللعب من صالة إلى أخرى، وتبدأ من 200 ليرة سورية لتصل إلى 600 في بعض الصالات، ويقوم أصحاب هذه الصالات بالسماح لمعظم زبائنهم بالاستدانة، إلى أن تصبح ديونهم كبيرة، عندها يضغطون عليهم، وتبدأ المشاكل بالشجارات وتُحل بعد تسديد المستحقات لصاحب الصالة، الذي لا يهتم لمصدرها إن كانت مكتسبة بجهد أو مسروقة.

وتدفع هذه الالتزامات الكبيرة الشباب العاطلين عن العمل للجوء لأعمال غير مشروعة، كالسرقة وتجارة الممنوعات. في حين يزيد الأطفال الذين اعتادوا على ارتياد هذه الصالات الأعباء المالية على أهاليهم بقضاء أوقات طويلة فيها ودفع مبالغ طائلة لأصحابها.

على ما يبدو أنّ صالات الألعاب الإلكترونية أصبحت جزءاً مهماً في حياة الشباب والأطفال في دمشق وريفها، ولا يمكنهم بحال الاستغناء عنها، فعلى الرغم مما يدور داخلها من تجاوزات وتصرفات سلبية، إلّا أنّ حظرها النهائي وعدم السماح بترخيصها غير ممكن، ويرى متابعون أنّ أفضل ما يمكن تقديمه بخصوص هذه الصالات هو ترخيصها ووضع ضوابط صارمة لنظام العمل فيها، لتجنب الأمراض الاجتماعية التي من الممكن أن تنتشر بسببها، لا سيما وأنّها تشكل تجمعاً ضخماً لعشرات الآلاف من الشبّان والأطفال في المنطقة.

إعداد: سليمان مطر – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.