نص بيان الناشطين الأتراك خلال اعتصامهم في اسطنبول ضد ترحيل السوريين

نص بيان الناشطين الأتراك خلال اعتصامهم في اسطنبول ضد ترحيل السوريين

رصد (الحل) – شاركت الناشطة التركية “شناي أوزدن” نص البيان الذي قرأه الناشطون الأتراك، خلال اعتصام نفذوه اليوم في اسطنبول وشاركت فيه “ثلاثون مبادرة وحركة ومنظمة للدفاع عن حقوق الإنسان والعمال واللاجئين، بالإضافة إلى نسويات وحركات عمالية وحركات للدفاع عن حقوق مجتمع الميم، وذلك تضامناً مع اللاجئين السوريين والمهاجرين بشكل عام في مواجهة انتهاك حقوقهم من قبل الدولة التركية”.

فيما يلي نص البيان كاملاً نقلاً عن صفحة الناشظة “شناي أوزدن”

إلى الإعلام والرأي العام
في الأسابيع الأخيرة تم اتخاذ إجراءات موجهة ضد المهاجرين في عدة أحياء من اسطنبول، كالتحقق من البطاقات الشخصية ومداهمة البيوت وأماكن العمل، والاحتجاز والترحيل. إضافة إلى الإجراءات المماثلة التي لطالما كانت تتم في تركيا، أصبح السوريون الخاضعون لنظام الحماية المؤقتة، أيضاً، يتعرضون للترحيل إلى سوريا، بعد إرغامهم أو خداعهم للتوقيع على وثيقة “العودة الطوعية”، ويتعرضون كذلك، أثناء الترحيل أو التوقيف، للحرمان من حقوقهم والمعاملة السيئة. قبل فترة قصيرة أعلنت ولاية اسطنبول عن مهلة تنتهي في العشرين من شهر آب، لمغادرة السوريين الموجودين في اسطنبول إلى الولايات التي استخرجوا فيها بطاقات الحماية المؤقتة. من ناحية أخرى، نشهد، بالتوازي مع التطورات المذكورة، ارتفاع لغة الكراهية والنزعة العنصرية ومعاداة الأجانب، في وسائل التواصل الاجتماعي بصورة خاصة.

رغم أن تركيا بلد مستقبل للهجرات، منذ سنوات طويلة، فإن سياسات الهجرة التي تم اعتمادها في السنوات الأخيرة، تقوم على مركزية الهاجس الأمني، وعلى قرارات مزاجية وسياسية تختزل المهاجرين إلى مجرد أرقام يجب وضعها تحت المراقبة، بدلاً من إنشاء بنى مستدامة وداعمة على أساس حقوق الإنسان. إن نظام التسجيل واللجوء القائم حالياً يسدّ الطريق أمام حصول المهاجرين على وضع قانوني طويل الأمد، فيوقعهم في حالة غير المسجلين، أو يحكم عليهم بحالة عدم اليقين المتمثلة في حالة “المؤقت”. إن تعبير “الضيوف” الذي استخدمته الحكومة لوصف السوريين، يشكل عائقاً كبيراً أمام مطالبتهم بحقوقهم. نحن نؤمن بوجوب أن يكون المهاجرون تحت حماية القانون، لا أن يُتركوا تحت رحمة السياسيين.

إن إعادة المهاجرين قسراً إلى المدينة التي تم تسجيلهم فيها، أو منعهم من السفر والتنقل، أو إجبارهم على العيش في المدن التي تحددها الحكومة التركية، أو أي إجراءات مماثلة قائمة على أولوية الضبط والمراقبة، ستؤدي إلى حرمانهم من حقوق أساسية كالمأوى والعمل والتعليم. هؤلاء الناس الذين اضطروا لمغادرة أماكن إقامتهم، يتم تهجيرهم من المكان الذي يعيشون فيه مرة أخرى، ويُدفع بهم إلى أماكن جديدة، بحيث تتراجع فرصهم ويتراجع إحساسهم بالأمان الاقتصادي والاجتماعي، ويتعرضون أكثر للنزعات العنصرية والتمييزية. يؤدي ذلك، أحياناً، إلى انقسام الأسر وانقطاع شبكات التضامن بين المهاجرين.

أما إجراءات الترحيل إلى خارج الحدود، التي تصاعدت في الفترة الأخيرة، واتخذت طابعاً جماعياً، فهي انتهاك صريح لمبدأ “منع الإعادة” الذي نصت عليه معاهدات حقوق الإنسان الدولية التي وقعت عليها تركيا، كما أنها سياسة غير إنسانية. فكثيرٌ ممن رحلتهم تركيا إلى خارج حدودها، تم إبعادهم إلى مناطق ما تزال الاشتباكات دائرة فيها، أو تشكل خطراً على حياتهم بسبب هوياتهم السياسية أو الدينية أو المذهبية أو الجنسية أو الإثنية. إن الاشتباكات أو الشروط الاقتصادية أو المخاطر الفردية، تجعل من ترحيل أولئك الأشخاص خطراً على حياتهم. نحن ندافع عن حق جميع الناس في التنقل.

إن هذه الإجراءات في تركيا هي جزء من السياسة المتمحورة حول الأمن، التي تُطبَّق ضد المهاجرين في كل أنحاء العالم. نؤكد أن الاتحاد الأوروبي يتحمل جزءاً أساسياً من المسؤولية عن هذا الوضع المفتقد للضمانات، الذي يعيشه المهاجرون في تركيا. فإغلاق دول الاتحاد الأوروبي لحدودها في وجه المهاجرين، وجعل تركيا نوعاً من حرس الحدود، هي السياسة الأوروبية المتبعة تجاه المهاجرين. لقد تحولت تركيا، بموجب الاتفاق بينها وبين الاتحاد الأوروبي، إلى مُنفّذ لسياسات الحدود الأوروبية القاتلة. وبسبب ذلك فهي تستثمر المهاجرين، في كل فرصة، بوصفهم مادة للمساومة. في هذا الإطار، يتم منح حرية الحركة فقط للـ”المرغوبين” جداً من المهاجرين، أما سائر الآخرين فتتم إعادتهم، بصورة منهجية وجماعية، أو الاحتفاظ بهم في مخيمات تفتقد للشروط الإنسانية، أو يتم دفعهم إلى مسارات أكثر خطورة. في غضون ذلك تتم عسكرة الحدود بشكل متزايد. يجب فتح الطريق أمام الجميع للتنقل والسفر الآمن! افتحوا الحدود!

كذلك يتعرض المهاجرون لاعتداءات وخطابات عنصرية ومعادية للأجانب. تحاول كل من أحزاب السلطة والمعارضة أن تلقي مسؤولية المشكلات البنيوية، والأزمة الاقتصادية في تركيا، على أكتاف المهاجرين واللاجئين. لا يمكن أن يكون أولئك الذين تم تهجيرهم، ويتعرضون لاستغلال كبير، هم السبب في الأزمة الاقتصادية! يجب منح إذن العمل للمهاجرين بلا شروط، ويجب اتخاذ إجراءات بنيوية من شأنها منع استغلال عمل وأجساد المهاجرين. نوجه نداءنا إلى جميع منظمات العمل، وعلى رأسها النقابات، للدفاع عن هذه المطالب.

من جهة أولى، يتم تجريم المهاجرين من خلال وصفهم بأنهم خارجون عن القانون ومهاجرون غير شرعيين، ومن جهة ثانية، ينال أولئك المتضامنون مع المهاجرين في مواجهة الإجراءات التمييزية والنزعة العنصرية نصيبهم من الاتهامات، فيتم استهداف الأشخاص والمنظمات التي تقوم بالتضامن المهاجرين أو تقديم الدعم لهم. لا يجوز تجريم التضامن! نحن نريد الوقوف معاً ضد العنصرية وانتهاكات حقوق الإنسان، لا الوشاية ببعضنا بعضاً في ظلّ نزعات التمييز واصطناع العداء. سنعمل على نمو تضامن يتجاوز الحدود والقوميات، ويتجاوز الانتماءات الوطنية والعرقية!
نقوم بفضح ورفض كل موقف وخطاب يؤسس للنزعات العنصرية، بصرف النظر عن التيار السياسي أو الوسيلة الإعلامية التي تصدر هذه النزعات عنها. لن نكون شركاء في هذه الجريمة! وندعو جميع الأحزاب السياسية والمؤسسات والمنظمات الحقوقية إلى تحمّل مسؤولياتها، وإصدار بيانات تعلن فيها وقوفها الصريح مع الحقوق الأساسية للاجئين والمهاجرين، ورفضها الواضح للنزعات العنصرية.

يجب وضع حد فوري لكل الإجراءات القمعية بحق المهاجرين، تلك التي تحد من حركتهم أو تُخضعهم للتمييز أو تحد من حقهم في الحياة والعمل والتنقّل. لا أحد يهاجر بلا سبب! يجب وقف الترحيل فوراً؛ ويجب إنهاء السياسات التي تمسّ بالحق في اللجوء. نحن الذين نرفع شعارات “أوقفوا الترحيل” و”نريد أن نعيش معاً” نتمسك بهذه المطالب، وندعو الرأي العام في تركيا والعالم إلى تعزيز التضامن مع المهاجرين.

#نريد_أن_نعيش_معاً

الصورة من صفحة الناشظة التركية “شناي أوزدن”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.