تسبب استمرار انتشار فيروس كورونا، بتطبيق الصين نظام عزل على كبرى مقاطعاتها، وتضرر الكثير من المصانع الصينية، وتراجع الإنتاج، الأمر الذي انعكس سلباً على أسهم كبرى الشركات العالمية.


ومن المحتمل أن تعيش #الأسواق العالمية، بشح كبير في المنتجات التي كانت معامل #الصين تغرقها وخاصة على المستوى العربي.

في #سوريا، كورونا سيكون له بعدٌ خطير، بحسب عدة خبراء في #الاقتصاد وتجار، إذ تستورد سوريا من الصين أكثر من 80% من إجمالي مستورداتها، وبخاصة مع تعرقل إعادة دوران عجلة الإنتاج في سوريا لعوامل كثيرة منها الكلف المرتفعة وركود الأسواق.


وتغرق الأسواق السورية بالبضائع الصينية، سواءً المستوردة بشكل رسمي ونظامي أو المستوردة تهريباً، وتتنوع هذه البضائع بكل ما يخطر على البال، كالأدوات المنزلية، والألبسة والإلكترونيات والألعاب، حتى المواد الأولية للأدوية، والمواد الأولية للصناعات، وقطع الغيار الخاصة بالآلات والمعدات والسيارات وغيرها.


تاجر: الضرر قادم وارتفاع الأسعار حاد


أحد المصدرين السوريين الموجودين في الصين، ويدعى (فيصل العطري)، قال في حديث لموقع (الاقتصادي) إن المعامل في الصين أوقفت التصدير منذ شهر تقريباً، في إشارة إلى أن بعض الطلبات خرجت فعلاً من الصين وهي في طريقها إلى سوريا، إلا أن المشكلة تكمن فيما بعد ذلك، تبعاً لما يتبين من حديثه.


وأضاف العطري أن “عملية الاستيراد بدءاً من تحويل الأموال، والتصنيع ثم الشحن إلى سوريا، والتخليص تستغرق بحدها الأدنى 45 يوماً، أي أنه هناك شحنات تم نقلها قبل توقف المصانع وهي في طريقها إلى سوريا”.


ولفت إلى أن “النقص سيضرب السوق السورية بعد انتهاء المخازين، وسط استمرار توقف الاستيراد من الصين مع تفاقم الخوف من فيروس كورونا”.


الخطر الأكبر على سوريا بحسب عطري، هو أنه “ولو عادت المعامل الصينية للعمل قريباً، سيبقى هناك مشكلة بتوفر المواد الأولية لأن المعامل بحاجة إنتاج ضخم لتغطية النقص الحاصل في السوق العالمية ككل، ومن المتوقع حدوث ارتفاع حاد بالأسعار نتيجة ازدياد الطلب العالمي لتغطية النقص”.


وبدوره، أوضح الباحث الاقتصادي ومدير عام مجموعة الجودة للدراسات، (ماجد شرف) لموقع (الاقتصادي)، أن الاقتصاد السوري قد يتراجع بنسبة 50%، في حال استمرت إجراءات العزل الصينية للحد من انتشار كورونا حتى 3 أشهر، لأن سوريا تعتمد على المنتجات الصينية بنسبة تزيد على 60%.


التأثير على السوق… الكهربائيات


في جولة لموقع (الحل نت) على سوق الأدوات الكهربائية في حي المرجة بدمشق، ولقاء أكثر من بائع، تبين فعلاً حدوث ارتفاع مفاجئ في الأسعار، برره أحد أصحاب مستودعات مستلزمات الإنارة، فضل عدم ذكر اسمه، بـ “خوف من انتهاء المخازين وعدم القدرة على الشحن من الصين”.


وأضاف أنه “لا بضائع جديدة في الأفق منذ شهر تقريباً، وهذا ما دفعنا لتقنين البيع عبر رفع الأسعار”، بحسب تعبيره.


بدوره قال (أبو إياد) وهو بائع أدوات كهربائية، إن “هناك ازدياد في الطلب على الطبّاخات الكهربائية بالتزامن مع نقص الغاز المنزلي، لكن نقص الكميات، وعدم القدرة على استجرار كميات جديدة من الصين ساهم برفع الأسعار إلى مستويات غير معقولة، إذ وصل سعر الطباخ الشامل إلى 30 ألف ليرة، علماً أنه كان منذ شهر تقريباً بحدود 22 ألف ليرة فقط”.


أصحاب السيارات يؤجلون صيانة مركباتهم تخوفاً من كورونا!


“بمجرد أن ضرب فيروس #كورونا الصين، ارتفعت أسعار القطع حتى 20% تقريباً”، هكذا بدأ حديثه (معتز الحلبي)، وهو صاحب ورشة في منطقة الحلبوني بدمشق، وأردف “لست معنياً بسعر القطعة، والزبون هو المعني بشرائها، لكن ارتفاع الأسعار الصادم برره لنا أصحاب محلات القطع بقلّة البضائع الواردة من الصين”.


وأضاف أن “هذا الارتفاع أثر على حركة السوق، وباتت الزبائن تؤجل الصيانة غير الطارئة، وفي حال الضرورة يلجؤون إلى القطع المستعملة بدلاً من الجديدة”.


كورونا رفع أسعار الكمامات والقفازات والمعقمات اليدوية


وشهدت بعض المستلزمات الطبية قفزة جديدة في أسعارها بنسب متفاوتة، إذ ارتفع سعر علبة الحقن العادية (50 قطعة)، أكثر من الضعف خلال شهر حتى وصلت إلى 5,000 ليرة، وحقن الأنسولين (10 قطع) إلى 1,500 ليرة.


وأيضاً، شهدت المشافي الحكومية نقصاً حاداً بالسيرومات، ومستلزمات أخرى مثل الشاش الطبي، بحسب أطباء في مشافي مثل ابن النفيس والمواساة بدمشق، ويعود ذلك بحسب مصادر طبية خاصة لموقع (الحل نت)، إلى استمرار الزيادة في الطلب، ونقص التوريدات القادمة من الصين علماً أنه هناك عقود موقعة للتوريد.


وأشارت المصادر الطبية ذاتها، إلى أن المستلزمات الطبية الصينية تشكِّل ما يصل إلى أكثر من 80% من سوق هذه المستلزمات في سوريا.


وتابعت أن “المواد الأولية الخاصة بالأدوية أيضاً باتت تشهد نقصاً في سوريا، وهذا يدعو معامل الأدوية للتوجه إلى مصادر أخرى غير الصين كالهند وغيرها، لكن ذلك يعني زيادة في الأسعار”.


وفقدت كثير من المستلزمات الأخرى ذات المصدر الصيني من الأسواق، مثل الكمامات، والقفازات، والمعقمات اليدوية، ومستلزمات أخرى، وباتت أسعارها مرتفعة جداً نتيجة عدم توفرها في الأسواق واستمرار الطلب عليها.


جميع الصناعات السورية مرتبطة بشكل أو بآخر بالصين


مصدر في غرفة صناعة دمشق، أكد لموقع (الحل نت)، أن “توقف التوريدات من الصين، بدأ يسبب مشاكلاً كبيرة في توفر المواد الأولية، التي تعتبر الصين المصدر الرئيسي لها لرخص الثمن وتنوع الخيارات”.


“لكن الخوف يكمن في القدرة على تأمين خطوط الإنتاج ذاتها أو صيانتها وتوفير قطعها، أو مكنات التصنيع وبخاصة ما قد يؤخر ويؤثر بشكل كبير في دوران العجلة الإنتاجية، وحتى قد يؤثر ذلك على تأمين أغلفة المواد الاستهلاكية على سبيل المثال، فكل صناعة سورية مرتبطة بالتأكيد بجزء منها بشيء من الصين”، بحسب المصدر.


الذهب لم ينج من تداعيات كورونا


قال نقيب صاغة دمشق (غسان جزماتي) لصحيفة (الثورة) المحلية الشهر الماضي، إن أسعار الذهب في سوريا تتعرض لهزات، وتذبذبات غير محسوبة تعتبر رهينة سرعة انتشار كورونا، مضيفاً أن انتشار الفيروس أثر بشكل واضح على معدلات الاستثمار في بعض البلدان.


الصين… شريك تجاري واستثماري مفضل لدى السلطات السورية


تبرم الحكومة السورية معظم مناقصاتها مع الحكومة الصينية في مجالات عدة، مثل البرمجيات وقطع الغيار، أو معدات وآلات للمعامل، أو آلات زراعية، أو مواد أولية للصناعات، وهذا ما أكده عدة خبراء اقتصاديون، وكشفت عنه عقود الحكومة السورية المعلنة، إذ تؤكد الحكومة دائماً أن للصين وإيران وروسيا أولويات في العقود والاستثمارات.


وبحسب الباحث (ماجد شرف) في تصريح لموقع (الاقتصادي)، فإن انعكاسات أزمة كورونا على المستوى الحكومي ستكون أعمق لأنه في حال وجود مناقصات موقعة فإنه من المؤكد أن التسليم سيتعرض لمخاطر تأخير، ما قد يسبب خسائر كبيرة للجانب السوري.


وعقّب على ذلك صناعي سوري لموقع (الحل نت)، مفضلاً عدم ذكر اسمه، قائلاً إن “أثر الانغلاق الصيني على سوريا خطير جداً، حيث يتوجب عليها تنويع الإنتاج المحلي الزراعي منه والصناعي، والاعتماد عليه بشكل متزايد في توفير السلع اليومية والاستهلاكية بدلاً من استيرادها من الصين”.


وتابع “لكن من الصعب جداً على سوريا بهذه المرحلة القيام بذلك، لأننا نعتمد بكل شيء على الصين، والنهوض بالواقع وسط هذه المعطيات شبه مستحيل، فالمنتج المحلي لا يغطي السوق والمنتج الصيني كان يسد الفجوة وبأسعار مناسبة”.


“وبخاصة مع القرارات الحكومية الأخيرة، التي زادت من كلف الإنتاج الصناعي والزراعي المحلي، مثل رفع أسعار السماد الأخير، وتعقيد عمليات استيراد المواد الأولية وغيرها”، بحسب الصناعي السوري.


آمال لتعزيز العلاقة السورية الصينية… لكنها متوقفة!


هناك آمال كبيرة تعقدها سوريا على الصين اقتصادياً، إذ كشف عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، (حسان عزقول) في تصريح لصحيفة (الوطن) في أيلول الماضي عن “وجود عدد كبير من الشركات الصينية تستعد لدخول السوق السورية، الأمر الذي سيحدث صدمة إيجابية في الاقتصاد السوري”.


وأشار إلى أنه “التقى عدداً من التجار الصينيين خلال زيارته للصين الممتدة من 17 حتى 28 أيلول، والذين طلبوا الاطلاع على قانون الاستثمار السوري الجديد، لبدء فتح استثمارات مختلفة بشكل فعلي”.


وسبق أن وعد السفير الصيني (فنغ بياو) بدعوة الشركات الصينية للاستثمار في سوريا خلال المرحلة المقبلة، والمشاركة بإعادة الإعمار، مبيّناً ضرورة زيادة التبادل التجاري بين البلدين.


وقبل عدة أشهر، أعلنت وزارة النقل في الحكومة السورية، عن وجود دراسة لربط سوريا براً مع طريق الحرير القديم الذي يصل إلى الصين، واستطلاع المسارات الأقصر والأمثل مع الدول الأوروبية.


كما أكد المستشار التجاري والاقتصادي في سفارة الصين بدمشق تسوي بين، خلال أيار الماضي، أنه سيتم قريباً إطلاق مركز دائم للتجارة الصينية ضمن “المدينة الصناعية في عدرا” بريف دمشق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.