كثّف المقاتلون المرتبطون بتنظيم “داعش” هجماتهم خلال الأسابيع الأخيرة ضدّ القوات الحكومية والمدنيين في المنطقة الصحراوية في سوريا. ويعتقد الخبراء أن مقاتلي التنظيم يمثلون اليوم تهديداً كبيراً عبر الصحراء، بعد عامٍ من إعلان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الهزيمة الإقليمية للتنظيم في شرق سوريا.

وكان “داعش” قد أعلن الشهر الماضي عبر وكالة “أعماق” للأنباء الخاصة به أن مقاتلي التنظيم سوف يبدؤون عملية جديدة يُطلق عليها اسم “ملحمة الاستنفاذ 2” ضدّ قوات الحكومة السورية والميليشيات المتحالفة معها. 

وبحسب التقارير، فإنها مرحلة ثانية من حملة سابقة بدأتها الجماعة الجهادية برعاية قائده السابق أبو بكر البغدادي الذي لقي حتفه في شهر آب الماضي خلال عملية أمريكية في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا.

وكشفت وكالات الأنباء المحلية عن هجمات عدّة نفذها مقاتلو تنظيم داعش ضد القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في المنطقة الصحراوية المترامية الأطراف، بما في ذلك محافظة دير الزور شرقي سوريا، حيث تسيطر القوات المدعومة من الولايات المتحدة على بعض الأجزاء الإستراتيجية منها. 

وقد أسفرت تلك الهجمات على ما لا يقل عن خمسة عشر قتيلاً وإصابة العشرات من جنود الجيش العربي السوري ومقاتلو الميليشيات المدعومة من الحليفة إيران.

 

نصرٌ غير مكتمل

إن التصعيد الأخير لعنف تنظيم داعش في هذه المنطقة يرجع إلى حدّ كبير لكون التقدم العسكري الذي حققته القوات السورية وحلفائها ضد التنظيم خلال السنوات السابقة كان غير مكتمل، بحسب الخبراء.

«حققت قوات الأسد وحلفائها مكاسب سريعة في حملة البادية التي شنتها ضد تنظيم داعش في العام 2017، ذلك لأن التنظيم انسحب بشكل تكتيكي من العديد من المناطق في البادية قبل أن تتحرك القوات الموالية للنظام لإخراجهم من (الخلافة) المنتظرة»، يقول “نيكولاس هيرز”، خبير سوري في معهد دراسة الحرب (ISW)

وأوضح هيرز بأن منطقة الصحراء منطقة غير مأهولة بالسكان إلا ما ندر، مما يسمح لتنظيم داعش بإخفاء مقاتليه ومعداته العسكرية. 

“عمد تنظيم داعش على التخفي في البادية، الأمر الذي سمح له بالاحتفاظ بقدرته على استخدام مجموعات صغيرة من المقاتلين المسلحين بشدة للهجوم على مواقع معزولة في هذه المنطقة الكبيرة الخاضعة لسيطرة قوات الأسد، أو استخدام عناصر خلاياه النائمة لاغتيال مسئولي الحكومة المحليين”، يتابع هيرز في حديث لقناة صوت أمريكا (VOA)، مشيراً إلى أن ما يسمى بالخلافة أصبح شبح الانتقام للصحراء السورية.

 

إثبات الصلة

يرى بعض الخبراء أن ادعاء تنظيم داعش قيامه بمثل تلك الهجمات يمكن أن يكون بمثابة إنجاز عسكري هام بالنسبة لمقاتلي التنظيم بعد أن فقدوا الأرض التي كانت تخضع لسيطرتهم في سوريا. فبالنسبة لهم، الأمر يتعلق أكثر بكيفية إظهار ارتباطهم في الصراع السوري.

ويقول “صدر الدين كينو”، وهو باحث سوري يتابع عن كثب الحركات الجهادية الإسلامية في البلاد: «تأتي هجمات تنظيم داعش ضد قوات الحكومة السورية والقوات الأخرى بعد تخطيط طويل ودقيق مع أية موارد ما تزال لديهم في سوريا. إن تنفيذ مثل تلك الهجمات المنسقة مرة أو مرتين خلال الشهر يعتبر “فوزاً عظيماً” بالنسبة لتنظيم داعش، لأن الأمر لم يعد مرتبطاً بسيطرته على الأراضي بعد الآن، وإنما يتعلق بإثبات أن التنظيم لا يزال موجوداً».

 

الخلايا النائمة

لجأ مقاتلو تنظيم داعش كذلك إلى الابتزاز والاختطاف لقاء الفدية كوسيلة لتمويل نشاطاتهم الإرهابية، حيث تنتشر مثل هذه الحالات بشكلٍ خاص في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهو تحالف عسكري تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية وقد شكّل قوة فاعلة في القتال ضد التنظيم.

ويقول عمر أبو ليلى، مدير دير الزور 24، وهو فريق أخبار وأبحاث يركز على التطورات في شرق سوريا: «هناك حالة فوضى متزايدة في الكثير من أجزاء دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية». 

ويزعم أبو ليلى أن عناصر تنظيم داعش يتجولون بحرية إلى حدٍّ ما «ولا يبدو على مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية أي قلق حيال هذه الظاهرة الخطيرة». فعلى سبيل المثال، نفّذ عدّة مقاتلون من تنظيم داعش محاولة اغتيال في وضح نهار يوم الاثنين الماضي ضد مدني في بلدة شهيل في دير الزور «بدون تغطية وجوههم بأقنعة حتى كما كانوا يفعلون من قبل»، بحسب أبو ليلى.

«ويظهر هذا أن مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية المحليين غير قادرين على تحقيق الاستقرار في المنطقة»، يقول الناشط  لقناة صوت أمريكا. وفي صباح يوم الأحد الماضي، قام مسلحون يشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش بقتل قائد في قوات سوريا الديمقراطية خلال هجوم على بلدة صبحا في دير الزور الشرقي. ومن جانبهم يعترف مسئولون في قوات سوريا الديمقراطية بأن الخلايا النائمة لتنظيم داعش لا تزال تشكل تهديداً لجهود الاستقرار في المناطق التي تم تحريرها من التنظيم الإرهابي خلال السنوات الأخيرة.

 

دعم الولايات المتحدة

يدّعي المسؤولون العسكريون الأمريكيون بأنهم سوف يواصلون دعم جهود قوات سوريا الديمقراطية لمكافحة الإرهاب في شرق سوريا. حيث يقول الكولونيل “مايلز كاجينز”، المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة:  «تحظى قوات سوريا الديمقراطية بدعم التحالف العسكري الدولي في بحثها عن خلايا تنظيم داعش النائمة في وادي نهر الفرات الأوسط وصحراء البادية».

وأضاف في حديثة إلى قناة صوت أمريكا: «تشكل فلول تنظيم داعش تهديداً. وقد شاهدناهم يغتالون زعماء القبائل ورعاة الأغنام المعروفين. كما يقومون بالسرقة وشن الهجمات على قوات سوريا الديمقراطية في بعض المناطق»، مشيراً إلى أن المجالس المحلية والقبائل تعمل بشكل «وثيق» مع قوات سوريا الديمقراطية في سبيل استمرارية الضغط على مجرمي تنظيم داعش.

وبدعمٍ من التحالف الدولي، اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية مؤخراً أحد أكبر عناصر التنظيم في محافظة الحسكة والذي كان مسؤولاً رفيع المستوى في الصحة عندما كان التنظيم الإرهابي يحكم المنطقة، يختتم المصدر.

 

رابط المقال باللغة الانكليزية: https://www.voanews.com/extremism-watch/militants-stepping-attacks-syrias-desert

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.