دمشق والحوار حول اتفاقية (مناهضة التعذيب).. إحقاق الحق أم  مراوغةٌ أخيرة للأسد؟

دمشق والحوار حول اتفاقية (مناهضة التعذيب).. إحقاق الحق أم  مراوغةٌ أخيرة للأسد؟

«يمكن أن تستغرق المحادثات أكثر من عام»، قد يكون هذا الكلام الصادر  من  وزير الخارجية الهولندي “ستيف بلوك”، تعليقاً على موافقة دمشق على الحوار مع هولندا، دليلاً آخر حول رغبة السلطات السورية في إطالة أمد الحرب وتجاهل الاتفاقيات الدولية.

فقد أعلنت هولندا عن موافقة الحكومة السورية على الدخول في محادثاتٍ متعلّقة  بانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا منذ بدء الاحتجاجات الشعبية ربيع 2011.

جاء ذلك، بعد إرسال الحكومة الهولندية في 18 من أيلول 2020، مذكرة دبلوماسية إلى دمشق عبر البعثة السورية لدى الأمم المتحدة، تُذكّرها بالتزاماتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

قبل أن تتّخذ كندا في الثالث من شهر آذار مارس الجاري، خطوةً مشابهة، وتعلن الدولتان عن خطوات إضافية مشتركة لمحاسبة دمشق على «الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، لا سيما انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب».

يأتي ذلك، بينما طوت الحرب السورية عقدها الأول، دون أن تنجح الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في إنهاء معاناة الشعب السوري.

وبموجب مذكرة الادعاء الهولندية، فإن الطرفان سيجلسان حول طاولة المحادثات بـ سرية، حيث ستُقدّم الجهة المدّعية الشكوى ومن حق الحكومة السورية الرد.

حيث لمحت الحكومة الهولندية، إلى أن هولندا وكندا لن تترددان في رفع الأمر إلى محكمةٍ دولية، في حال  فشلت المحادثات في تحقيق العدالة للضحايا السوريين.

تلك الخطوة، إن نُفّذت، تُعدّ تطبيقاً عملياً للفقرة الأولى من المادة 30 لاتفاقية (مناهضة التعذيب) التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة  تحت اسم (مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة) وبدأ تنفيذها في 26 يونيو/ حزيران 1987، وتضم 150 دولة.

وتنص على: «إذا لم تتمكن الأطراف في غضون ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم، من الموافقة على تنظيم التحكيم، يجوز لأي من تلك الأطراف أن يحيل النزاع إلى محكمة العدل الدولية بتقديم طلب، وفقاً للنظام الأساسي لهذه المحكمة».

وترى الباحثة والسياسية السوريّة “لمى الأتاسي”  أن «بشار الأسد سيستغل فرصة وقوفه أمام محكمة ما؛ ليتلاعب بالكلمات مستعملاً حوار الممانعة العقيم الذي استخدمه منذ بدايته».

مؤكّدةً في تصريحٍ لـ (الحل نت) أن «الأسد ورث عن أبيه احتقار الآخرين والشعور بالتفوق عليهم وانعدام الحس الإنساني والقيم الإنسانية عموماً».

حديث “الأتاسي” يبدو متوافقاً مع ما تخطّط له دمشق من تهرّبٍ والتفافٍ بطريقةٍ اعتادت عليها الحكومة السورية عندما تُحصر في الزاوية، وهي التي لم تُفصح حتى الآن بشكلٍ رسمي عن موافقتها في الدخول إلى حوارٍ مع هولندا.

“الأتاسي” اعتبرت أيضاً أن الأسد «يظن أنها فرصته التاريخية، لكنه غير جاد، ولن يعترف ولن يقبل فكرة تعويض الضحايا  عن أيٍّ من الجرائم المريعة التي اقترفها وما زال يقترفها بحق الشعب السوري، ويتحمّل مسؤولية دمار بلد بأسره».

مؤكّدةً أنه (الأسد) كان «أكثر حظاً من صدام حسين والقذافي، لأن الظروف الدولية أتت لصالحه، فلم يقف أحد بوجهه ولم يردعه، هذا التخاذل الدولي عن نجدة الشعب السوري مريع».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.