في الوقت الذي تحرز جهود إعادة تدوير الأسد بعض التقدم على المستوى الدولي، فإن الوضع على الأرض في #سوريا بعيد كل البعد عن كونه طبيعي، بل على العكس.

فالحكومة السورية ضعيفة للغاية، وتحتفظ القوى الأجنبية بقواعد عسكرية وسياسية قوية على الأراضي السورية، حيث تفرض سيطرتها دون الحاجة للحصول على إذن لأنشطتها من #دمشق.

ولعل أهم هذه القواعد، هي تلك التي تحتفظ بها #إيران والتي تم تفعيلها ليل الاثنين الماضي في مدينة #الميادين بريف #ديرالزور ضد المواقع الأميركية القريبة من #حقل_العمر النفطي.

وتعكس تلك الأحداث، السيطرة الإيرانية الفعلية على أجزاء كبيرة من سوريا، وبالتالي مدى تحوّل الحدود السورية العراقية إلى حدودٍ وهمية.

ويؤكّد تقريرٌ لـ (The Jerusalem Post)، أن الاتجاه الحالي للأحداث، يشير إلى احتمال حدوث نوع من “اللبننة” أو “العرقنة” لسوريا، ما يعني نشوء حالة تكون فيها الحكومة ضعيفة تتواجد بالاسم فقط ويتم قبولها دولياً.

وعليه، وبحسب التقرير، فإن إيران ستتمتع بحرية التصرف عسكرياً وسياسياً بشكل قوي ومستقل، وستسيطر على مساحات أكبر في سوريا تحت هذا الوضع الهش لدمشق، كما ستتمكن من استخدام الحكومة المركزية الاسمية كغطاءٍ مفيد لأنشطتها.

سيطرةٌ إيرانية تردع دمشق

تخضع الأراضي التابعة لطهران في سوريا، لسيطرةٍ أمنية من الإيرانيين والميليشيات الموالية لهم، حيث لا يمكن للقوات الحكومية السورية القيام بأية عملية إلا بإذنٍ من إيران.

وإلى جانب القواعد العسكرية، تسعى إيران إلى ترسيخ وجودها في اقتصاد المنطقة وضمان ولاء السكان لها، حيث تسيطر على منشآت نفطية مهمة في المنطقة، أبرزها T2، وهي منشأة ضخ حيوية على خط أنابيب كركوك بانياس.

والأهم من ذلك، بحسب التقرير، هو تمكّن إيران من تحقيق بعض الاختراقات في المكونات العشائرية في دير الزور، والاحتفاظ بعلاقات جيدة مع وجهاء من عشيرة البكّارة القوية، إلا أن جهود الترويج للإسلام الشيعي بين السكان العرب السنة في هذه المنطقة، كانت أقل نجاحاً.

كذلك يمتد النشاط الإيراني نحو الغرب من دير الزور، فقد حدد تقرير حديث لموقع Levent24 الإخباري مناطق سيطرة الميليشيات المتحالفة مع إيران والتي تتمثل بمساحات واسعة من ريف إدلب الجنوبي وريف حماه الشرقي وريف حمص الشمالي.

السيادة الإسمية

تعمل روسيا على محاولة تحقيق هدفها المتمثل في توجيه جميع المساعدات الدولية عبر دمشق، وتهدد باللجوء إلى حق النقض (الفيتو) ضد تجديد تفويض الأمم المتحدة بالإبقاء على معبر #باب_الهوى الحدودي على الحدود التركية السورية مفتوحاً.

إن الجهود الروسية لتأمين السيادة الاسمية للأسد في جميع أرجاء سوريا، ليست بجديدة. ومع ذلك، من الملاحظ الآن انخراط قوى إضافية في محاولة إعادة تدوير الرئيس السوري ونظام حكمه.

فالاصطفاف الدبلوماسي العربي الناشئ بقيادة الإمارات المتحدة ومصر ملتزم بالمثل بإعادة الوضع الدبلوماسي للأسد.

دعمت مصر الأسد طوال فترة حربه ضد شعبه، وأعادت الإمارات العربية المتحدة والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق نهاية 2018، وعلى غرارهما، أعادت عمان علاقاتها في نهاية 2019. وأعادت الكويت والأردن فتح سفارتيهما كذلك.

وقد دعت مصر في شهر آذار الماضي عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد عقد من تعليق عضويتها في أعقاب الثورة السورية، وبحسب تقارير إعلامية إقليمية، بدأت الإمارات في إلغاء تجميد الأموال السورية المودوعة في البنوك الإماراتية.

وينظر النظام الملكي في الخليج إلى الإسلام السياسي السني على اعتباره تهديداً، وأن تركيا هي الداعم الرئيسي لهذا الاتجاه. ومن وجهة النظر هذه، فإن سوريا الأسد تشكل حصناً منيعاً. كذلك لم يقطع العراق علاقاته مع دمشق طوال هذه السنين.

موقفٌ أميركي ثابت

لا تزال الإدارة الأميركية حتى الآن تعارض هذه الأنشطة، وحافظ الرئيس الأميركي #جو_بايدن على موقف سلفه ونصح بعدم التطبيع والإبقاء على العقوبات المفروضة.

ومع ذلك، وبالنظر إلى جهود الإدارة في العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن هناك تساؤلات حول صرامة هذا الموقف. فقد كانت استراتيجية الإدارة السابقة المتمثلة في الضغط الشديد على إيران تتلائم مع محاولة الحفاظ على عزلة الأسد.

العزلة الدبلوماسية لبشار الأسد هي المكان المثالي لاستمرار الملاحقة والحملة الجوية الإسرائيلية ضد البنى التحتية الإيرانية في سوريا. وتهدف هذه الحملة إلى تقويض وإبطاء جهود إيران على أمل الوصول  إلى ردع المشروع الإيراني في سوريا على غرار ما تم تحقيقه في لبنان.

لذلك، فإن إحراز مزيد من تقدم الجهود الروسية والعربية لـ “تطبيع” مكانة الأسد سوف يثير علامة استفهام حول قابلية استمرار هذه الحملة في المستقبل. وكانت هناك تقارير عن اتصالات غير رسمية بين إسرائيل ومسؤولي النظام السوري بتوجيه روسي كجزء من هذه الجهود.

ومع ذلك، فمن المُرجّح أن يأخذ المخططون الإسرائيليون عجز أو عدم رغبة هذه الأطراف في كبح أو منع الامتداد والنفوذ المتنامي للمشروع الإيراني في سوريا بعين الاعتبار.

ومن المحتمل أن يعني التطبيع مع الأسد مضاعفات خطيرة بالنسبة لإسرائيل. إن القوات المنخرطة في التمرد المتزايد ضد الولايات المتحدة في العراق وسوريا لم ولن تتلق أية تعليمات من الأسد أو روسيا أو حتى من الدول العربية. ومن غير المرجح أن تتوقف أنشطتهم المعادية بالدبلوماسية فقط.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.