في واقعة جديدة من العنف الأسري الذي يفتك بالمجتمع السوري، ولا سيما الذي يطال الأطفال والنساء، شهدت منطقة شمال غربي سوريا واقعة مؤلمة تسبب بها عنصر في “الجيش الوطني” المعارض، الموالي لأنقرة.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماع لتسجيل مصور، ليل السبت – الأحد، لطفلٍ في الخامسة من عمره قتل إثر التعذيب، على يد زوج والدته.

وأبدت الصور الفظيعة التي يعتذر (الحل نت) عن نشرها، آثار التعذيب على جسد الطفل عبد الحكيم خليفة، والمنحدر من ريف دمشق.

“العمشات” والكي بالنار

أفاد ناشطون لـ(الحل نت)، أنّ المدعو ثائر الحلبي، وهو أحد عناصر الجيش الوطني من فصيل “السلطان سليمان شاه”، ارتكب جريمة قتل بحق ابن زوجته، بعد تعذيبه وكي جسده بالنار.

وتشير المعلومات، إلى أن القاتل كان يتعاطى المخدرات أثنـاء عملية التعذيب.

وأضاف الناشطون، أنه تم إسعاف الطفل إلى المشفى، في محاولة لإنقاذه إلا أنه فارق الحياة نتيجة التعذيب القاسي الذي تلقاه.

وبعد تبليغ المشفى عن الحادثة، داهمت الشرطة المدنية التابعة للحكومة السورية المؤقتة، منزل “الحلبي”، وعثرت هناك على مهمته الرسمية، التي تؤكد انتماءه لفصيل “السلطان سليمان شاه”، وألقت القبض عليه.

تنامي العنف الأسري في سوريا

قد تبدو قصة طفل عفرين إذا ما قورنت بمئات وربما آلاف القصص التي تحدث كل يوم وتظل حبيسة جدران المنزل، وتظل هذه القصص حبيسة لاعتبارات كثيرة، ليس أبرزها غياب ثقافة الشكوى من جهة، والعامل العمري الصغير للمعنفين من جهة أخرى، كما هو الحال تماماً هنا.

إذ تعاني مناطق “غصن الزيتون” و”نبع السلام” و”درع الفرات” مشكلات أمنية، تتمثل في تجاوزات يقوم بها بعض العناصر والمجموعات المسلحة، وقد شهدت هذه المناطق عمليات اغتيال واعتقال بحق مدنيين.

الهيئة السورية لشؤون الأسرة، نشرت خلال العام الجاري حول العنف الأسري (منظمة غير حكومية)، دراسة لها تتحدث عن التعنيف القائم على النوع، وما يعانيه المجتمع السوري في ظل تنامي هذه الظاهر.

وتصف الهيئة بحثها أنه يحظى بأهمية استثنائية “انطلاقاً من كونه الأول من نوعه على صعيد الاستقصاء الوطني المحكم نوعياً وكمياً لظاهرة العنف ضد المرأة”.

ويؤكد البحث أنّ أكثر من ثلث المعنفات تعرضن لاعتداء جسدي للمرة الأولى، وهن في عمر يتراوح ما بين 10-15 سنة، في حين أن أكثر من نصفهن واجهن عنفاً جسدياً آخر مرة في عمر 25 سنة.

 وأول مرة تعرضت فيها معظم المعنفات إلى اعتداء جسدي كان على يد الأب والأخ والزوج 9.5 في المئة، 8.0 في المئة، 18.6 في المئة، 49.4 في المئة توالياً.

أي أن واحدة من بين كل ثلاث إلى خمس معنفات استقبلت هذه التجربة للمرة الأولى من قبل من تعتبره الملاذ الحامي أو المعين أو الشريك أو الحبيب.

للمزيد يرجى قراءة: بعد حادثة “نهلة”.. طفلةٌ جديدة ضحية العنف الأسري في إدلب

الأطفال الحلقة الأضعف في التعنيف

تعنيف الأطفال وعقابهم الجسدي ليس جديدًا في المجتمع السوري، لكن بروز بعض الحوادث عبر الإعلام مؤخرًا أعاد الظاهرة إلى الواجهة بعد أن تراجع الحديث عنها في ظل تعرض الأطفال لمخاطر الموت والإصابة والتشرد، مع انتشار عنف السلاح.

تغيب الإحصائيات الدقيقة التي تتيح مقارنة نسب تعنيف الأطفال في سوريا قبل الحرب وبعدها، إلا أنها تتبع لقاعدة عامة تقضي بازديادها في ظل الحروب والعنف السائد.

آخر احصائية رسمية صدرت عن قيادة شرطة حلب 2018، قالت إنّها سجلت نحو 280 حالة شكوى نتيجة اعتداء جسدي خلال عامي 2017-2018.

تتوزع الحالات بين اعتداء الزوج على الزوجة 185، اعتداء الشقيق على الشقيقة 23 حالة، 19 حالة اعتداء الأبناء على الأمهات، واعتداء الأبناء على الآباء بلغ 11 حالة.

بينما كان اعتداء الأب على أولاده 10 حالات و9 حالات اعتداء الزوج على طليقته إضافة إلى اعتداء الزوجة على زوجها بأربع حالات وأيضاً 6 حالات اعتداء الأبناء على زوجات الآباء.

وحتى اليوم يتداول السوريون قصة موت الطفلة نهلة العثمان في إدلب، لكن العنف ضد الأطفال ما زال قائماً، كجزء من المشكلات التي يعاني منها الأطفال في عموم سوريا، دون أن يكون في الأفق حل لها، خاصة وسط التفكك الأسري الذي يعاني منه المجتمع السوري، وفي ظل سيادة ثقافة تمجد العنف.

وقصة الطفلة نهلة عثمان (٦ سنوات) إن والدها كان يسجنها داخل قفص حديدي لأيام بدون طعام أو شراب لأنها دائمة الحركة.

إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة، وقد نزحت قبل الحادثة مع عائلتها من كفرسجنة، لتعيش في مخيم فرج الله بريف إدلب الشمالي مع والدها وزوجته الجديدة بعد أن طلق أمها.

صمدت الطفلة على تعنيف والدها لعدة أشهر قبل أن تفارق الحياة من الجوع والعطش والتهاب الكبد وأمراض أخرى كانت تعاني منها نتيجة الظروف القاسية التي عاشتها.

وكان قد سبق موت نهلة حادثة تعنيف أودت بحياة طفلة بعمر السنتين في بلدة جنديرس بريف حلب الشمالي، حيث أقدم زوج والدتها على قتلها بالاشتراك مع أمها، وذلك بسبب صياحها المتكرر ليلاً.

اقرأ المزيد: تفاصيل وفاة طفلة بإدلب تهزّ مواقع التواصل الاجتماعي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.