العمليات الأمنية بناحية مكحول: هل التهجير هو الأسلوب الوحيد لمحاربة داعش في العراق؟

العمليات الأمنية بناحية مكحول: هل التهجير هو الأسلوب الوحيد لمحاربة داعش في العراق؟

أثارت العمليات الأمنية بناحية مكحول في محافظة صلاح الدين العراقية كثيرا من الاحتجاجات. بسبب اتهام القوات الأمنية العراقية بتهجير أهالي خمس قرى في الناحية.
وكان الحشد الشعبي قد أطلق عملية أمنية في قاطع عمليات صلاح الدين، يوم الاثنين، الرابع عشر من شباط/فبراير، بمشاركة قيادة عمليات الحشد في صلاح الدين، والجيش العراقي. وأيضا بمشاركة قوة من اللواء التاسع، واللواء الخامس والثلاثين، واللواء الثامن والثمانين بالحشد. بهدف “تفويت الفرصة على العناصر الإرهابية في اتخاذ مناطق محافظة صلاح الدين ملاذا لها”. بحسب بيانات الحشد.
 وتعد منطقة جبال مكحول في محافظة صلاح الدين من البؤر الساخنة للحرب على تنظيم داعش في السنوات الماضية.  بسبب طبيعتها الوعرة، والفراغات الأمنية فيها، وضعف إمكانيات شن ضربات جوية عليها.
وتقع القرى الخمس، التي تم تهجير سكانها نتيجة العمليات الأمنية بناحية مكحول، شمال غرب مدينة تكريت. وتحاذي شرقا قضاء الحويجة التابع لمحافظة كركوك، وتمتد غربا حتى حدود محافظة الأنبار. كما أنها تقع خلف آخر نقطة تفتيش للقوات الأمنية العراقية، أي وراء ما يعرف بـ”خط الصد”، وهو مجموعة المفارز الأمنية، والمناطق التي تسيطر عليها القوات العراقية.

كيف فقد أهالي مكحول كل ما يملكون

“أصبحنا لانملك أي شيء”، هذا ما تقوله سعاد، السيدة البالغة من العمر اثنين وأربعين عاماً، التي تم تهجيرها مع أولادها الأربعة من قرية صبيحة البدو، نتيجة العمليات الأمنية بناحية مكحول.
تتحدث سعاد لـ”الحل نت” عما جرى معها قبل خمسة أيام: “أخبرتنا القوات الامنية في صلاح الدين بضرورة ترك قرانا، كونها تقع خلف خط الصد. وإلا فإن سلامتنا ستتعرض للخطر.  والآن أنا افترش الأرض، رفقة زوجي وأولادي. ولانملك سوى خيمة، والأسوأ اننا لا نعلم متى نعود إلى قريتنا”.
حال سعاد لا يختلف كثيرا عن النازحين الأخرين من قرى ناحية مكحول، والذين يُقدر عددهم بأربعمئة وعشرين عائلة. ومنهم جبار علي، من قرية أم الذيابة، الذي قال لـ”الحل نت” إن “القوات الامنية طالبته، وكل من في قريته، بالرحيل”.
مضيفا: “نمتلك المواشي ونعمل في الزراعة. ولا نعرف غير هذا أسلوبا للحياة.، كنا منشغلين بزراعة أراضينا ورعاية مواشينا، إلى أن جاءت قيادة العمليات المشتركة، مطالبة إيانا بالإخلاء. ولم نلق أية مساعدة سوى من الهلال الأحمر، الذي أعطانا بعض الخيم. الأمر محبط”.

المساعدات المقدمة لنازحي العمليات الأمنية بناحية مكحول

حيدر قاسم، مدير فرع تكريت لجمعية الهلال الأحمر العراقي،  قال لـ”الحل نت” إن “موجة النزوح بدأت منذ الخامس من شباط/فبراير وحتى يومنا هذا. والعوائل نزحت من خمس قرى، هي أم الذيابة وصبيح البكارة وصبيح البدو ومسيليلة وبكة. وأعداد النازحين تتزايد يوما بعد يوم. وبحسب المعلومات التي لدينا فإن النزوح سيكون مؤقتا. وسينتهي بعد توقف العمليات الأمنية بناحية مكحول. لكن لا نعرف كم سيستغرق هذا بالضبط”.
ويؤكد قاسم أن “الهلال الاحمر العراقي زوّد العوائل النازحة بالخيم، ومياه الشرب بشكل يومي، للعائلات وحيواناتها أيضا، إضافة الى المساعدات الغذائية والبطانيات والأفرشة والسلل الصحية”.
إلا أنه نوّه إلى مشكلة أساسية: “يصطحب النازحون معهم مواشيهم. ولذلك فإن المكان الذي خصص لنزوحهم لا يناسبهم، لأنه لا يؤمّن المرعى للحيوانات. وعلى الرغم من غياب الدور الحكومي إلا أن الهلال الأحمر يحاول، ومعه مدير ناحية مكحول، مناشدة الحكومة العراقية من أجل توفير مكان أنسب للعائلات النازحة. أو حتى تقديم مساعدات أكثر. إلى حين انتهاء العمليات الأمنية بناحية مكحول، ولكن ليس هناك من مجيب”.  

عمليات أمنية أم ذريعة للتهجير؟

سكان القرى الخمس جميعهم عانوا من النزوح سابقا، إبان فترة سيطرة تنظيم داعش على المنطقة. وهذه هي المرة الثانية التي يضطرون فيها للنزوح.
رسول جاسم، مدير ناحية مكحول، قال لـ”الحل نت”: “الأمر لن يخلو من الانتظار. حسب متابعاتنا ستضطر العوائل النازحة للانتظار أربعة أشهر على الأقل، حتى يتم وضع خطط لتأمين مناطقهم. خاصة أن القرى الخمس أخليت بناءً على طلب قيادة العمليات المشتركة في صلاح الدين. لأن هناك فراغات أمنية في المنطقة، وهو ما يعرض سكانها لخطر إرهابيي داعش، كون القرى خلف خط الصد. وبكل الأحوال هم الآن في مكان آمن، إلى حين انتهاء العمليات الأمنية بناحية مكحول”.
إلا أن اللواء الركن عبد المحسن حاتم، قائد عمليات صلاح الدين، نفى في تصريحاته لـ”الحل نت” مسألة التهجير برمتها، مؤكدا: “لا وجود لأية حالات نزوح. ولا توجد قرى نزحت أيضا. كل ماهنالك أن عددا من أصحاب المواشي قرروا ترك مناطقهم في مكحول، بسبب جفاف الأرض وقلة المراعي. وهم يسكنون الآن في قرية شوارتان، التي تحتوي على منازل فارغة، كانت لعوائل داعش سابقا”.
هذا الإنكار، المتعارض مع المعلومات والتصريحات، التي تصدرها كل الجهات المعنية بالمسألة، فضلا عن شهادات النازحين أنفسهم، يطرح كثيرا من أسئلة الاستفهام حول العمليات الأمنية بناحية مكحول.

مقالات قد تهمك: تهجير مسيحيي العراق: هل الخوف من تنظيم داعش وحده هو ما يمنع العودة؟

وفي هذا السياق أدان “الميثاق الوطني العراقي” عملية تهجير أهالي مكحول من قراهم، معتبرا أن ما يجري “انتهاكات إنسانية، من خلال عمليات التهجير القسري بدوافع طائفية”.
وأكد بيان صادر عن “الميثاق” أن “القوات الحكومية غير قادرة على حماية النازحين. وسبب الترحيل ذريعة كاذبة، لا تنطلي على عاقل”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.