تطورات جديدة تشهدها أكثر المناطق سخونة في العالم في الوقت الراهن، في ظل التوترات التي تشهدها شرق أوروبا بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مساء أمس الإثنين، اعتراف بلاده بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك التي يسيطر عليها انفصاليون تدعمهم موسكو.

هل من غزو روسي قريب؟

بحسب وسائل الإعلام، دخلت قافلات عسكرية روسية إلى منطقتي دونيتسك ولوغانسك شرقي أوكرانيا، بعد اعتراف موسكو بهما جمهوريتين منفصلتين عن أوكرانيا، ووقع على مرسومين باعتراف روسيا بالجمهوريتين، طالبا من البرلمان الروسي الاعتراف الفوري بهذا القرار، إذ إن هذا الاعتراف يمنح موسكو فرصة نشر قوات عسكرية فيهما، مما قد يعجل بمواجهات عسكرية مباشرة بين موسكو وكييف، وفق تقديرات متابعين.

فيما أوضح “الكرملين” أن بوتين طلب من وزارة الدفاع الاتفاق مع دونيتسك ولوغانسك على ما يسمح لروسيا بالدخول لضمان السلام فيهما، وذلك وفقا لمرسوم نشر في وقت مبكر من اليوم الثلاثاء.

ووفقا للأكاديمي والباحث السياسي، الدكتور خليل عزيمة، فإنه بعد قرار الاعتراف الأحادي والذي كان من السيناريوهات المطروحة والمرجحة دخلت اليوم صباحا الدبابات الروسية إلى دونيتسك، وبالتالي سوف تستمر روسيا بمحاولاتها لجر أوكرانيا لحرب في منطقة الدونباس.

وأردف عزيمة خلال حديثه مع “الحل نت”، أن “موسكو ستقوم إما بقواتها أو بالمليشيات التابعة لها في شرق الدونباس بمحاولة السيطرة الكاملة على المنطقة”. موضحا أنه يمكن ألا تقف روسيا عند ذلك، بل وأن تحاول توسيع احتلالها باتجاه مدينة أوديسا، من أجل الإطباق والسيطرة على شواطئ أوكرانيا على بحر آزوف والبحر الأسود.

وأما بالنسبة للرد الأوكراني، فقال عزيمة المقيم في كييف لـ”الحل نت”، إن أوكرانيا ستتمسك بـ”التحلي بالصبر وعدم الرد العسكري” على هذا الاعتراف، وستراقب عن كثب رد الفعل الغربي، كما شدد على أن “القوات الأوكرانية جاهزة للدفاع عن نفسها، ووحدة وسلامة الأراضي الأوكرانية”.

وفيما يتصل بمسألة كيفية الرد الغربي على التصرفات الروسية، يجيب عزيمة: “أعتقد أن الغرب وأمريكا سيبدأ بتطبيق العقوبات التي لوح بها، ووضع بوتين في عزلة سياسية تامة”.

قد يهمك: طبول الحرب الروسية تدق في أوكرانيا.. فخ غربي لبوتين؟

الردود الدولية وجلسة أمن طارئة

قبيل الاعتراف الروسي بالجمهوريتين، وإرسال القوات العسكرية إليهما، لاقى الأمر ردود فعل دولية غاضبة، حيث قال المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن إرسال بوتين قوات حفظ سلام لدونيتسك ولوغانسك يعد بمثابة اعتداء صريح على أوكرانيا، وانتهاك لوحدة أراضيها وسيادتها.

بينما قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، أمس الإثنين، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث أزمة أوكرانيا حول نشر القوات الروسية في المنطقتين بأنه “مجرد هراء، ونعرف ما حقيقتهم”، وأعلن البيت الأبيض، أمس، خطته لفرض عقوبات على منطقتي دونيتسك ولوغانسك، الخاضعتين لسيطرة الانفصاليين الموالين لموسكو.


في المقابل، قال مندوب روسيا في مجلس الأمن إن المواقف الدولية توحي بأن اعتراف روسيا بدونيتسك ولوغانسك خطوة مفاجئة، ولكن هذا غير صحيح، وبيّن أن من واجب روسيا لحماية المدنيين الروس في أوكرانيا، وذلك أهم من تهديدات الدول الغربية.

أما المندوب الأوكراني في مجلس الأمن، فقال إن حدود أوكرانيا كانت وستبقى دون أي تغيير، بصرف النظر عن الخطوات التي أعلنتها روسيا.

من جانبه استنكر رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الذي قال إنه “مؤشر آخر على أن الأمور في أوكرانيا تسير في الاتجاه الخاطئ”، وأن بريطانيا لن تسمح لـ”انتهاكات روسيا لالتزاماتها الدولية أن تمر من دون عقاب”، وسط تنديد من عدة دول أوروبية حول هذا الاعتراف الروسي بالجمهوريتين.

ونقلت شبكة “سي إن إن” عن جون فاينر نائب مستشار الأمن القومي، أن الإدارة الأميركية ما زالت تعتقد أن روسيا قد تقوم بعمل عسكري في أوكرانيا في أي وقت، وأن كل الإشارات التي نراها على الأرض، بما في ذلك ما كشف “الكرملين” عنه، والتي تدل على أن روسيا ماضية في عملها العسكري وليس أتباع الدبلوماسية، مؤكدا على أن واشنطن مستعدة للرد على الخطوة التي أعلنت عنها موسكو.

قد يهمك: موسكو تضلّل العالم ولم تنسحب من حدود أوكرانيا

لماذا أقدمت موسكو على الاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين؟

وبحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية، فإن هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها روسيا سلاح الاعتراف بالمناطق الانفصالية مع جاراتها من دول الاتحاد السوفييتي السابق، إذ سبق لها أن اعترفت باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وهما منطقتان انفصاليتان في جورجيا، بعد حرب لوقت قصير في 2008. استهدف ذلك الاعتراف القضاء على طموحات جورجيا في الانضمام إلى حلف “الناتو”، حيث وفرت روسيا لهاتين المنطقتين الكثير من أشكال الدعم التي تضمنت دعم الموازنة، ومنح الجنسية الروسية للكثير من سكانها، ونشر آلاف القوات الروسية على أراضيها.

ما قد تسعى روسيا إليه من هذا الاعتراف هو أنها قد تطبق نموذج جورجيا مع أوكرانيا وتحد من طموحاتها في الانضمام إلى “الناتو” بعد إثبات أن الحكومة في كييف لا يمكنها السيطرة على كامل أراضي الدولة. فيما تتمثل الخسائر الروسية في المزيد من العقوبات الاقتصادية لنقض موسكو اتفاقات مينسك التي طالما تعهدت بأنها ملتزمة بها، بحسب الصحيفة البريطانية.

قد يهمك: هل تحسم القواعد الأميركية في اليونان الحرب في أوكرانيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة