تعتزم واشنطن رفع العقوبات المفروضة في إطار قانون “قيصر” عن شمال شرقي وشمال غربي سوريا، حيث تضع الإدارة الأميركية اللمسات الأخيرة على هذا القرار، بالانطلاق من الاعتبارات الإنسانية التي توليها واشنطن الاهتمام الكبير.وفق تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط”، والتي أكدت فيه أول أمس السبت، أن القرار يعفي مستثمرين وشركات خاصة من العقوبات.

ما هي المناطق التي سيشملها القرار؟

في هذا السياق، قالت “الشرق الأوسط“، في تقريرها، إن القرار سيشمل القرار المناطق الواقعة تحت سيطرة “الإدارة الذاتية”، شمال شرقي سوريا إلى جانب المناطق الواقعة تحت سيطرة “الجيش الوطني” بريف حلب، دون أن يشمل منطقة عمليات “غصن الزيتون” في عفرين، وإدلب الواقعة تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام” لتصنيفها على قوائم الإرهاب في مجلس الأمن.

وتضيف الصحيفة، أن هذه الاستثناءات، لا تشبه تلك المتعلقة بالمساعدات الإنسانية ومكافحة فيروس “كورونا” أو استثناءات خط الغاز المصري، بل هي استثناءات تتعلق بالاستثمار وبنشاط رجال أعمال في أمور تتعلق بالبنية التحتية.
وتهدف الإعفاءات إلى تقديم الدعم لـ “قوات سوريا الديمقراطية”، شريكة واشنطن في الحرب ضد تنظيم داعش والإرهاب من جهة، وتحسين الوضع الاقتصادي والحد من الفقر، المصدر الرئيسي للتطرف من جهة ثانية، لإرسال إشارة ضغط لموسكو ودمشق بعد الحرب الأوكرانية من جهة ثالثة، بحسب الصحيفة.

قد يهمك:مصادر رفيعة المستوى تكشف مخططات دمشق وطهران للتحايل على عقوبات “قيصر”

رسالة سياسية لأنقرة

تعتبر الخطوة التي ستقدم عليها واشنطن برفع العقوبات عن مناطق شمال شرق سوريا”مناطق الإدارة الذاتية”، ومناطق غرب الفرات، عدا عفرين وإدلب، مزعجة لأنقرة، لاسيما وأن القرار الأميركي، سيكون عبارة عن حالة من حالات الضغط السياسي على أنقرة، حسب حديث الكاتب السياسي، حسان الأسود، لموقع “الحل نت”،

حيث أن استثناء منطقة عفرين بشكل خاص من رفع العقوبات جاء لعدة أسباب، وفق الأسود.وأبرز تلك الأسباب ينطلق من كون منطقة عفرين تعرضت لعمليات تهجير وتطهير عرقي للسكان السوريين الأكراد، من قبل فصائل تابعة لـ”الجيش الوطني” المدعوم من قبل تركيا بشكل مباشر، وعلى رأسها الفصائل التي كان يقودها “أبو عمشة”، وإضافة لذلك فإن منطقة عفرين أو ما يطلق عليها من قبل تركيا “غصن الزيتون”، وتدار بشكل مباشر من قبل الولاة الأتراك، حالها بذلك حال باقي المناطق التركية في الشمال السوري، حيث يقوم الولاة بتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين فيها.

وأضاف الأسود، بأن التوتر بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وبين تركيا واضح للعيان، وبالتالي فإن عدم رفع العقوبات عن المناطق التي ارتكبت فيها بعض الفصائل انتهاكات تحت إشراف الجيش التركي، هي رسالة سياسية لتركيا بأن المحاسبة ستكون شاملة لكل من ارتكب هذه الانتهاكات، وهذا ما قد يؤدي إلى تصعيد بين أميركا وتركيا، وفق تقدير الأسود.

إقرأ:تراجع شعبية أردوغان.. ما تأثير الملف السوري؟

لا رفع للعقوبات عن الأسد

وفيما يتعلق بالقرار الأميركي، حول رفع العقوبات عن بعض المناطق واستثناء مناطق محددة، يقول حسان الأسود، أن هذا القرار مفيد لكل السوريين، لأن المحاسبة يجب أن تكون شاملة بطبيعتها، ولا يجب أن تقتصر على جزء من الجرائم، أو أن تكون اختيارية.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” يوم أمس، عن متحدث باسم الخارجية الأمريكية رفض التصريح عن اسمه، أن الولايات المتحدة أكدت موقفها الثابت من “عدم التساهل والتهاون في فرض العقوبات على دمشق، وكذلك المناطق التابعة لسيطرته، مع التشديد على السير في العملية السياسية التي أقرّها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برقم 2254″، حسب المتحدث.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية، أن “إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تعارض أي جهود لإعادة الإعمار التي يقودها النظام السوري، وإنها لن تتراجع في موقفها “الثابت” حيال هذه القضية، حتى يتم إحراز تقدم في العملية السياسية”، مشيرا إلى أنه لا رفع لأي عقوبات ولا تحقيق أي إعفاءات عن حكومة دمشق، لافتا إلى أن واشنطن، لا تزال على اتصال مع الأمم المتحدة وحلفائها وشركائها الدوليين، وذلك لتشجيع كل الجهود الممكنة لدفع “حل للأزمة السورية”، وإحراز تقدم في جميع جوانب قرار الأمم المتحدة 2254 .

رسائل مشتركة، استطاعت واشنطن إيصالها في وقت واحد إلى أطراف مختلفة، منها لروسيا أنها لن تتساهل معها في أوكرانيا كما لن تتساهل معها في سوريا، وإلى دمشق، أنه لا يوجد إعادة للإعمار ما لم يتم التوصل لحل سياسي حسب القرار 2254، وإلى تركيا بأن انتهاكات الفصائل المدعومة من قبلها لن تمر دون محاسبة، واضعة كلا من أردوغان والأسد في كفة واحدة أمام المحاسبة الأميركية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.