مع انتهاء الأسبوع الثالث للغزو الروسي لأوكرانيا، والذي ساهم استمراره بتدهور قنوات التواصل بين الروس والدول الغربية سواء في الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة. تحوم التساؤلات حول انتهاء التنسيق الذي بدأه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع الرئيس الأميركي جو بايدن في جنيف السويسرية.

وفي حين يرى مراقبون، أن ملفات التفاهم بين الطرفين عادت إلى مستوى الصفر، يطفو الملف السوري على السطح. إذ يعتقد خبراء في الشأن السياسي العربي، أن هناك عثرة في مستقبل عودة التوافقات داخل ملف الحل السياسي في سوريا بين واشنطن وموسكو بعد الغزو الروسي.

لا تعويل على التراشقات الإعلامية

من غير الواضح ما إذا كان بوتين يعتقد أنه سيجد نفسه في هذا الموقف عندما أرسل قواته ودباباته إلى أوكرانيا. وهو على الأرجح تصور أنها ستكون في نزهة إلى كييف. ولكن وبعد الحشد الغربي ضد سياسات بوتين التي بدأت تأتي أكلها عبر العقوبات الاقتصادية، يبدو أن الرئاسة الروسية وقعت في مستنقع يصعب تفكيكه.

في هذا السياق، يقول الباحث والمحلل السياسي المصري، إسلام المنسي، لـ”الحل نت”، إنه “بكل تأكيد لم ينته التنسيق والتواصل بين موسكو وواشنطن، وإن كان ما حدث قد أثر على شكل العلاقة وطبيعتها وقوتها لكن التنسيق لا يمكن أن يتوقف بين قوتين نوويتين بحجم واشنطن وموسكو”.

ويعتقد المنسي، أنه ربما نشهد تدهورا في العلاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة، وروسيا من جهة أخرى. ولكن دون أن يؤدي ذلك إلى قطع التواصل بالكلية. مضيفا، “وهذا ما أكدته موسكو صراحة”.

ومن جهته، أشار الباحث في العلاقات الدولية، طارق وهبي، لـ”الحل نت”، إلى أن العلاقات الروسية الأميركية طبعت دائما بطريقة تصرف ومعاملة الرؤساء لبعضهم البعض. وليست المرة الأولى التي يستعمل فيها الرؤساء صفات ينعتوا بها الطرف الآخر. ولكن الصفة التي نعت بها بايدن بوتين هي مهمة بوزنها القانوني: “مجرم حرب”. وهذا ليست سابقة، لأنه حدث ذلك في دول أخرى وآخرها في صربيا.

ويضيف وهبي، أن “الشخصنة التي استعملها بايدن تنم عن إحضار القانون الدولي لاستعمالات إعلامية وإعلانية، لأن الحرب الإعلامية على أشدها بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. فاللقاء الأول والفاتر بين بوتين وبايدن بعد تنصيب بايدن رئيسا نجح إعلاميا، وأرسل معظم الملفات إلى لجان تواصل دبلوماسية”.

وعليه، يرى وهبي، أنه لا يجب أن يعول على التصعيد الكلامي، لأنه رغم كل ما يحصل هناك قنوات اتصال غير معلنة لا تزال تعمل لإرساء نوع من وضوح في الملفات التي تعالج. ورغم وجود هذه القنوات، يمكن القول أن بعض الملفات الثانوية أوقفت، أوجمدت، أو علقت.

للقراءة أو الاستماع: المقاتلون السوريون.. ورقة بوتين الخاسرة في أوكرانيا؟

خطورة الملف السوري

وبما أن روسيا تتخذ الآن هذا الموقف المتشدد، يوضح وهبي، أنه وفق المعطيات السياسية والعملية، فإن عودة التوافق على الملفات ستأخذ مرحلة، ولكن الطرفين بحاجة لإعادة هيكلة الملفات وأولوياتها، والعمل على تحضير الملفات العالقة ليصار إلى الوصول إلى تفاهمات تترجم بنشاطات تقدم حلولا لهذه الملفات.

وحول سوريا، يرى الباحث في العلاقات الدولية، أنها تشكل وخصوصا الآن ساحة حرب أميركية روسية، لعدم دخول أميركا في الحرب مباشرة على أوكرانيا. كما تقول واشنطن أن بقائها في سوريا لمحاربة الإرهاب، لذلك لا يوجد في الأفق حل سياسي لسوريا.

وبالنسبة لعودة التوافقات فيعتقد المنسي، أن الحل السياسي في سوريا بين واشنطن وموسكو بعد الغزو الروسي، فقد أصبحت العلاقات “سيئة للغاية بشكل غير مسبوق بين الطرفين”. لكن ذلك لا يعني ذلك أن يحدث تغير دراماتيكي. لأن وجود إسرائيل كطرف يحظى بثقة الجانبين موسكو وواشنطن، ولها تأثير كبير في رسم سياساتهما العامة. فهذا مما يجعل هناك توافق أكبر بشأن ما يحدث في سوريا.

وعلاوة على ذلك، بيّن وهبي، أن الخطورة على الملف السوري في نظر الروس، هي إذا طرأ أي تغير في روسيا كانقلاب على بوتين أو انكسار الجيش الروسي في أوكرانيا، فهنا ستنتهز أميركا الفرصة فورا للتدخل في سوريا وهذا سيكون بالتوافق مع تركيا التي تدير جزء لا يستهان به من الأراضي السورية.

للقراءة أو الاستماع: مشروع قرار أميركي جديد حول سوريا.. ما علاقة بوتين والأسد؟

كيف تتأثر سوريا بالحرب الروسية على أوكرانيا؟

الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل ثلاثة أسابيع وبدعم من الرئيس السوري، بشار الأسد، يؤثر على الشأن السوري على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

إذ ترتبط العديد من القضايا الدولية، التي فتحت في أوكرانيا بين القوى العالمية الكبرى والإقليمية، بالملف السوري بسبب علاقات هذه القوى ومصالحها، والتي تلعب دورا رئيسيا في المجال السوري، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإسرائيل.

ومع ذلك، فإن التصعيد بين القوتين العظميين الذي أعقب الغزو الروسي لأوكرانيا لا يعكس استمرار هذا الإجماع بطريقة جيدة. إذ أعرب غير بيدرسن، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، عن قلقه من أن الصراع الروسي الأوكراني سيؤثر سلبا على حل الأزمة السورية.

وقال بيدرسن خلال لقائه بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، “بصفتي مبعوثا خاصا إلى سوريا، أشعر بالقلق من أن يكون لهذا الصراع حول أوكرانيا تأثير سلبي على حل الصراع السوري، لكنني آمل ألا يحدث هذا”. وفقا لوكالة “سبوتنيك” الروسية.

وانسجاما مع النقطة السابقة، يرى خبراء في الشأن السياسي الروسي، أن التسوية السورية أصبحت مسألة مؤجلة حاليا. بسبب عدم الاستقرار الذي كان يربط الروس بالغرب. وإذا أرادت روسيا في السابق تقديم تنازلات مقابل أشياء أخرى في بعض الملفات المثيرة للجدل. فقد تم تأجيل الأمر تماما، نظرا للعداء الذي اندلع بين عشية وضحاها بين روسيا والغرب.

للقراءة أو الاستماع: مسعى روسيّ جديد لاستغلال أموال “إعادة الإعمار” بسوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة