الجالية السورية في أوكرانيا: “الغزو الروسي ذكّرنا بالحرب السورية وليس أمامنا إلا النزوح”

الجالية السورية في أوكرانيا: “الغزو الروسي ذكّرنا بالحرب السورية وليس أمامنا إلا النزوح”

تعاني الجالية السورية في أوكرانيا من الغزو الروسي وتبعاته. فقد وجدت دوما جالية سورية كبيرة في ذلك البلد الشرق أوروبي، وخاصة من الطلاب والعاملين لحسابهم الخاص. وبعد الحرب السورية وفد عدد من اللاجئين إلى أوكرانيا، ممن لديهم أقارب فيها، أو ممن يعتبرونها محطة في طريق لجوئهم الطويل إلى أوروبا الغربية.

خيارات أفراد الجالية السورية في أوكرانيا بعد الغزو تراوحت بين النزوح من البلد، مع ملايين الأوكرانيين الذين لجأوا إلى الدول المجاورة؛ أو البقاء في المدن التي يقيمون بها، تحت تهديد القصف والاجتياح الروسي.

الطلاب السوريون والعرب من ضحايا الحرب

محمد علي أحد أفراد الجالية السورية في أوكرانيا، وهو شاب من ريف حمص، نزح مع عائلته إلى تركيا مع بداية الحرب السورية، وبفضل حالة أسرته المادية الجيدة آنذاك أوفده والده الى أوكرانيا لدراسة الطب البشري في جامعة دنيبرو. ومع اقتراب تخرجه فوجئ محمد علي، وغيره كثير من الطلاب السوريين والعرب، بالغزو الروسي لأوكرانيا، ليعيش فصلا جديدا من فصول التشرد، ولتعود إلى مخيلته صور المدن المدمرة والقصف والاشتباكات، التي فر منها أساسا.

يقول محمد علي لموقع “الحل نت”: “كنت أعيش مع زميلين لي في الدراسة، شاب يمني وآخر أردني، في منزل في مدينة دينيبرو التي ندرس بها. تابعنا التطورات الأخيرة، والتصريحات الروسية حول مسألة الغزو، لكن لم نتصور أن يحدث الأمر فعلا، ونجد أنفسنا مضطرين للنزوح، وترك دراستنا التي امضينا فيها سنوات طويلة، ودفعنا من أجلها كثيرا من المال”.

وكانت الجامعات الأوكرانية قد جذبت في السنوات الأخيرة كثيرا من الطلاب العرب والأجانب، بسبب رخص التكاليف الدراسية وتكاليف المعيشة، وجودة التعليم. ويقدّر عدد الطلاب الأجانب في أوكرانيا بخمسة وسبعين ألف طالب، كثير منهم قادمون من الدول العربية. وتشير عدة تقارير إخبارية إلى أن معظم الطلاب العرب قد نزحوا من البلد، وعلق كثير منهم على المعابر البرية مع الدول الأوروبية الأخرى، لكونهم غير أوكرانيين. كما لم تتمكن بلدانهم من إرجاعهم إليها أو تقديم العون لهم.

الجالية السورية في أوكرانيا: “الغزو الروسي يذكّر بالحرب السورية”

قصف الطائرات الروسية، وهروب المدنيين مع أطفالهم إلى الملاجئ ونحو المناطق الحدودية، وأصوات الاشتباكات والقصف الجوي، كل هذا عاشه محمد علي في ريف حمص، ويعلم تبعاته جيدا، مثل كثير من أفراد الجالية السورية في أوكرانيا. مدركا مدى الأذى النفسي الذي يسببه ذلك، حتى لو سلم الإنسان من الأذى الجسدي.

ويتحدث محمد علي عن “الألم والمشقة في أن تكون مستقرا، وفجأة تجد نفسك مشردا وهائما على وجهك، لا تدري ماذا تفعل”. مضيفا: “طلب مني أهلي مغادرة المدينة التي أقطن بها على الفور، إلى منطقة حدودية او إلى أية دولة أوروبية أخرى، فهم بالأصل أخرجوني من سوريا خوفا علي، وأرسلوني إلى بلد حسبوه آمنا، ليجدوا أنفسهم أمام احتمال خسارتي مجددا”.

ويواصل حديثه بالقول: “حزمت أمتعتي، بعد يومين من بدء القصف الروسي للأراضي الأوكرانية، وركبت الحافلة مع آخرين غيري، ومنهم زملاء من الجالية السورية في أوكرانيا أو غيرها من الجاليات العربية، وسافرنا إلى الحدود البولندية. وقد كلفتنا تلك الرحلة مئتي دولار للشخص الواحد. وبعد سفر استمر أكثر من يوم كامل وصلنا إلى المعبر الحدودي بين أوكرانيا وبولندا، ويدعي معبر ميديكا شياجين. وهناك شاهدت بعيني آلاف البشر يسيرون على أقدامهم، ويحملون أمتعتهم وأطفالهم، ومنهم من يركب السيارات، فتذكرت مأساتنا السورية”.

وعن تعامل السلطات البولندية مع اللاجئين غير الأوكرانيين يقول محمد علي: “نحن ننتظر منذ أيام السماح لنا بدخول بولندا، ونعاني من شح الطعام والشراب، وارتفاع أسعاره إن وجد. فضلا عن انتشار قطاع الطرق وكتائب عسكرية لا نعرف لمن تتبع. وعلينا الانتظار الآن مثل كثير من الطلاب الأجانب ممن يحملون الإقامة الأوكرانية، الذين سُمح لهم بدخول بولندا، لكن ما يؤخرنا هو الازدحام الكبير، وقلة المؤن. نحن مجبرون على الانتظار، فالعودة قاتلة”.

أغلب الجالية السورية في أوكرانيا نزح، وهناك من فضّل البقاء

سمير سليمان، أحد أفراد الجالية السورية في أوكرانيا، هاجر إليها في بداية الألفية الجديدة، وأسس فيها عائلة، وحصل على الجنسية الأوكرانية، بعد أن عمل لسنوات ميكانيكا في إحدى ضواحي العاصمة كييف.

يقول سليمان لموقع “الحل نت”: “كنت أعيش مع عائلتي في كييف، وتحديدا في المنطقة الشمالية من المدينة، والتي تسمى أبولون. قبل بدء الغزو كانت الحياة شبه طبيعية في المدينة رغم ارتفاع الأسعار. كنت أذهب إلى عملي، وأطفالي الثلاثة يذهبون للمدرسة. لكن مع بدء تساقط القذائف على مدينة كييف، واقتراب القوات الروسية منها، قمت فورا بالهروب مع زوجتي وأطفالي إلى رومانيا، باعتبار أن لي اصدقاء فيها، وأعيش معهم الآن”.

ويتحدث سليمان عن أوضاع من تبقوا في كييف من الجالية السورية في أوكرانيا، وكذلك أصدقائه الأوكرانيين، الذين فضلوا البقاء للدفاع عن بلدهم: “الأيام الماضية شهدت قصفا عنيفا، طال مناطق واسعة شمال كييف وغربها. ما أدى لنزوح آلاف السكان. والأوضاع شديدة الصعوبة على كل الناس”.

النزوح لم يكن القرار الوحيد لأفراد الجالية السورية في أوكرانيا، إذ تحدثت وسائل الإعلام عن قيام طارق الجاسم، رجل الأعمال الاوكراني من أصل سوري، بتشكيل كتيبة عسكرية من ماله الخاص للتصدي للغزو الروسي لأوكرانيا.

مقالات قد تهمك: تجنيد المرتزقة السوريين في أوكرانيا: هل تحتاج روسيا للأسد في حربها؟

وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيل مصور، يظهر فيه الجاسم، المنحدر من ريف حلب، ومن خلفه مجموعة من أفراد الكتيبة التي شكلها.

ووجه الجاسم في التسجيل المصور رسالة إلى الشعب الأوكراني قال فيها: “أعزائي الأوكرانيين. أعزائي أبناء مدينتي أوديسا، أنا موجود ولن أغادر، وسنقوم بالدفاع عن أرضنا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.