يبدو أن هلال العيد لن يكون طاقة فرح على جميع الصائمين في العالم، فثمة سوريون على بقاع مختلفة في الأرض يرون أن هذه الفرحة ليست سوى جرس يدق ليذكرهم بآلامهم وأهلهم الذين لا يستطيعون الوصول إليهم بسبب البعد الجغرافي وتحكم بعض السياسيين في مصائرهم، أما على الضفة الأخرى داخل البلاد، كانت الأزمة الاقتصادية الجدار الذي حال دون دخول البهجة إلى منازلهم.

“نص عمري راح وما شفت أمي”

لا يستطيع محمد البرماوي، اللاجئ السوري في النمسا، أن يشعر بفرحة عيد الفطر – والذي غالبا ما سيحل الاثنين القادم وفق ما أعلن عنه المركز الفلكي في القاهرة – إذ إنه خلال عشر سنوات من اللجوء لم يستطع الاجتماع بأمه في مكان واحد.

البرماوي، 20 عاما، وصف في حديث لـ”الحل نت”، أن أجواء العيد سنويا تكون له بمثابة صدمة، حيث يقضي أيام العيد وحيدا، ومؤخرا بات يشغل نفسه في العمل لنسيان أن هنالك مناسبة يجب الفرح فيها وتنفيذ طقوسها التي أعتاد السوريون على ممارستها.

الترقب ومتابعة الأخبار لرمق حل يجمعه بأمه، هو ما يشغل بال محمد طوال سنوات لجوءه، فلا هو القادر على الرجوع إلى بلده بسبب ورود اسمه ضمن نشرات الأجهزة الأمنية من جهة، ومن جهة أخرى حالت القوانين الأوروبية دون قدرته على جلب أمه لينعم بحضنها ولو لمرة واحدة.

يقول البروماوي، “هلأ أنا مطلوب للجيش، وبسبب تشكيل أخي لكتيبة في المعارضة السورية خلال عام 2016، النظام عمم أسماءنا على جمع الأفرع، وحتى بعد موت أخي، بقيت أسماءنا على لائحة المطلوبين”.

ويضيف اللاجئ السوري، أن الخوف وخيبة الأمل حالت دون الشعور بهذه الفرحة، إذ وفق تعبيره، لا يمكن للعيد أن يكون عيد إلا إذا رأى أمه وجها لوجه وقبل يدها ورأسها، ثم طاف بها على جميع أقاربه لكي يهنئهم بقدوم المناسبة الدينية.

للقراءة أو الاستماع: تحضيرات العيد غائبة عن السوريين في تركيا

“خايف أنزل ما أرجع”

قصة البروماي، ليست مختلفة كثير عن اللاجئة في تركيا والمنحدرة من مدينة إدلب، ميرال البكور. إذ من خلال حديثها لـ”الحل نت”، أوضحت أنها وعلى غير العادة، أصبحت الآن تخاف من الدخول إلى سوريا خلال إجازة العيد، بسبب تصريحات الساسة الأتراك.

وفي ردها عن سؤال أن عيد الفطر، هل يمنع السوريون من العودة إلى تركيا بعد قضاء العيد في بلدهم، قالت البكور، إن عدولها عن قرار النزول إلى سوريا من أجل قضاء إجازة عيد الفطر، جاء بعد أن أثارت تصريحات وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، حول عدم السماح للسوريين الذين سيقضون إجازة العيد في سوريا، بالعودة إلى تركيا.

وأشارت البكور، أن حالة من القلق والخوف والصدمة أصابت الكثيرين وخاصة بالنسبة للذين دخلوا الأراضي السورية فعليا قبل إدلاء الوزير التركي بتلك التصريحات.

أيضا محمد محير، ومنذ وصوله إلى تركيا في عام 2017، اعتاد – وهو في الأصل من بلدة بنش بريف إدلب – على قضاء إجازة العيد في سوريا. لكن هذا العام، بعد أن طرحت قضية السوريين الذين يزورون بلادهم في تركيا تغير الأمر.

محير، والذي يدرس في جامعة إسطنبول، بات قلقا من أن السوريين أمثاله الذين دخلوا البلاد بالفعل لن يُسمح لهم بالعودة. وقال إن هذا يعني “فقدان دراستي، بعد أن قطعت شوطًا طويلا فيها”.

وكان صويلو، قد ردد ما قاله في وقت سابق رئيس حزب “الحركة القومية التركي”، دولت بهجلي، في اجتماع البرلمان التركي بأن “لا داعي لعودة اللاجئين السوريين، الذين يذهبون لقضاء إجازة العيد إلى تركيا”.

للقراءة أو الاستماع: إجازات العيد حديث السوريين في تركيا والعشرات يعدلون عن التسجيل

عيد داخل المنزل

“لن أزور أحدا، ولا أتوقع زيارة من أحد” هكذا اختصر الحاج عبد الله الزعبي، مجمل الطقوس التي من المتوقع ممارستها خلال عيد الفطر، إذ إن خلاصة حديثه كانت تحوم حول نفاد قدرته المادية في جلب الضيافة، وتأمين وقود من أجل زيارة أقاربه في بلدة المسيفرة.

فخلال شهر رمضان، شهدت معظم السلع داخل البلاد، قفزة كبيرة في الأسعار، حتى أن الألبسة حلقت أسعارها عاليا، ما أدى إلى انخفاض الطلب على الألبسة الجديدة واتجاه الناس إلى “أسواق البالة” التي شملها ارتفاع الأسعار هي الأخرى.

وتختصر طقوس العيد في سوريا، على الصلاة جماعة بعد شروق الشمس، ثم زيارة الأموات في المقبرة، ثم تنفض الجموع كل أسرة نحو أقاربها، ليتم تناول الفطور عند أكبر أفراد العائلة، ومن ثم تبدأ الزيارات ليكون للأخوات الحظ الأوفر من أول يوم، وثم الأقارب الأبعد درجة ومن ثم الأصحاب.

للقراءة أو الاستماع: معبر جرابلس يعلن وقف استقبال السوريين خلال إجازة العيد.. ما الأسباب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.