تثير عودة هجمات داعش للعراق قلقا كبيرا بين المواطنين، خاصة في ظل استمرار الخلافات وتأخر تشكيل الحكومة العراقية، الأمر الذي يستغله التنظيم المتشدد، ويعده فرصة مهمة لتوسيع نشاطه، والعودة مجددا.

ونفذ التنظيم المتشدد مؤخرا سلسلة هجمات في محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى، أدت لسقوط عشرات الضحايا، في مشهد يثير المخاوف حول قدرة داعش على السيطرة مجددا على المدن العراقية.

ووفقا لتقرير، صادر عن “مركز البيان للدراسات الأمنية” فإن “التنظيم يعتبر المرحلة الحالية فرصة ذهبية لإعادة نشاطه للواجهة”.

ويقول المركز في بحثه إن “الأوضاع السياسية المتوترة، وعدم تشكيل الحكومة الجديدة، واستمرار حكومة تصريف الأعمال برئاسة مصطفى الكاظمي، فضلا عن قلة الدعم الجوي للقوات الأمنية الموجودة في مناطق صحراوية معقدة، مكنت داعش من زيادة نشاطه مؤخرا”.

وأضاف أن “عناصر داعش ينشطون الآن في ثلاث مناطق رئيسية في العراق، هي أولا جزيرة الأنبار، الممتدة من وادي حوران وصولا لصحراء الرطبة؛ والمنطقة الثانية هي تلال حمرين، وصولا لمناطق الحويجة وجنوب كركوك؛ أما المنطقة الثالثة فهي سلسلة تلال قراجوغ، الواقعة في قضاء مخمور شرقي محافظة نينوى”.

وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في العراق عن استكمال إجراءات بناء السياج الأمني بين العراق وسوريا، الذي “سيكون خطوة مهمة لمنع انتقال عناصر تنظيم داعش بين الدولتين”، بحسب وصفها.

مراقبون حذروا من أن انشغال القوات الأمنية العراقية بالخلاف السياسي القائم سيؤدي لعودة هجمات داعش للعراق بقوة أكبر، ما قد ينتهي بسيطرته على محافظات مختلفة.

عودة هجمات داعش تتركز على المناطق المتنازع عليها

رشاد كلالي، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، يرى أن “مخاطر عودة هجمات داعش للعراق زادت مؤخرا، والتنظيم المتطرف بات يشكل تهديدا حقيقيا لأمن العراق، وتحديداً في محافظتي نينوى وكركوك”.

مبينا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “وجود داعش في جبال قراجوغ، وعدم طرده من تلك المواقع، بالرغم من عشرات العمليات التي نفذتها القوات العراقية ضده، أدى لتمكن التنظيم من تدريب مئات من الشباب، ممن باتوا يعرفون بالجيل الجديد، وتتراوح أعمارهم بين ثلاثة عشر وثمانية عشر عاما”.

وأشار إلى أن “العمليات الأخيرة، التي نفذها داعش في قرية بشير جنوبي كركوك، تؤكد مدى القوة التي بات يتمتع بها التنظيم. وهذا الأمر جاء نتيجة إهمال التقارير والتحذيرات التي تقدّم للقوات الأمنية، فضلا عن الفراغات المتروكة في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل”.

وقال “مركز النصر للدراسات الاستراتيجية”، في التقرير الشهري الذي يصدره عن الأوضاع الأمنية في العراق، إن “هناك الآلاف من عناصر داعش، يتلقون تدريبات عسكرية متطورة في مناطق وادي حمرين وصحراء الأنبار”.

وأورد المركز في تقريره أن “حوالي ثلاثة آلاف عنصر من داعش، وهم من الجيل الجديد للتنظيم، وتحديدا من المراهقين، تلقوا تدريبات، وتم توزيعهم على مناطق جزيرة سامراء في محافظة صلاح الدين، ووادي الثرثار في محافظة الأنبار، ومناطق جنوب كركوك، وجنوب الموصل”.

وتابع التقرير أن “عدم تعويض المتضررين من العمليات العسكرية، وإبقاء عوائل داعش في مخيمات النزوح، دون إيجاد الحلول لهم، فضلا عن تصرفات الفصائل المسلحة الموالية لإيران مع سكان المناطق المحررة، أدت لنقمة كبيرة بين الشباب، وكثير منهم انضم للتنظيم المتشدد”. وكل هذه العوامل تزيد من عودة هجمات داعش للعراق

معالجة خاطئة لعودة هجمات داعش بالعراق

الخبير في الشؤون الأمنية خالد الشمري يشير إلى أن “عدم اكتراث الحكومة العراقية بعودة هجمات داعش للعراق أمر شديد الخطورة، ستدفع ثمنه في القريب العاجل”.

ويضيف، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “الحكومة ما تزال تعالج التهديدات بطريقة خاطئة، وذلك عن طريق تنظيم عمليات عسكرية لمدة أيام. وتترك المعالجة الحقيقية، والتي تتمثل بتنشيط الجهد الاستخباري، واحتواء سكان المناطق المحررة”.

ولفت إلى أن “الجهد الاستخباري للعراق ضعيف جدا، كما أن البلد ما يزال بحاجة لوجود التحالف الدولي، وخاصة في المجال الجوي، لآن المناطق التي يتواجد بها داعش مناطق معقدة جغرافيا، ولايمكن القضاء على خطر التنظيم هناك إلا من خلال الطيران”.

وكان رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي قد أعلن عن انطلاق عمليات “الإرادة الصلبة” ضد داعش، لكن، وبالرغم من إعلان قتل واعتقال عشرات من عناصر داعش في مناطق غربي الأنبار، ما يزال التنظيم ينشط في تلك المنطقة.

وتحدثت وسائل إعلام عربية عن إرسال عديد المقاتلين والقوات الأمنية إلى المناطق التي وصفتها بالساخنة، وتحديدا في كركوك وديالى وصلاح الدين، وإلى المدن الحدودية مع الأراضي السورية، لمواجهة خطر عودة هجمات داعش للعراق.

من جهته حذّر رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني من “تنامي خطر داعش في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، مطالبا بزيادة التنسيق المشترك بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة، لمنع تدهور الأوضاع الأمنية”.

وأشار شورش إسماعيل، وزير البيشمركة في حكومة إقليم كردستان، في تصريحات صحافية، إلى أن “السبب الرئيسي لعودة هجمات داعش بالعراق مؤخرا، هو الفراغ الأمني في المناطق المتنازع عليها”.

مؤكداً أن “المناطق الممتدة من خانقين إلى سنجار فيها فراغات أمنية كبيرة، تصل إلى أكثر من عشرين كيلو مترا، وبسبب رفض عودة قوات البيشمركة لسد الفراغ، فإن داعش استغل الأمر، لتكوين مواضع له في تلك المناطق”.

وتجري نقاشات بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، بهدف العمل على إنشاء غرف التنسيق المشتركة بين الجيش العراقي والبيشمركة في محافظات ديالى وكركوك ونينوى، لكن تلك النقاشات تصطدم بمعارضة من جهات سياسية مختلفة. وسط مطالبات بإنهاء الخلاف للتصدي لعودة هجمات داعش للعراق.

مقالات قد تهمك: العمليات الأمنية بناحية مكحول: هل التهجير هو الأسلوب الوحيد لمحاربة داعش في العراق؟

تعليق من “العمليات المشتركة”

اللواء تحسين الخفاجي، المتحدث الرسمي باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية، نفى “قدرة عناصر داعش على الظهور والانتشار مجددا في محافظات البلاد”.

لافتا، في تصريحاته لموقع “الحل نت”، إلى أن “العمليات، التي قامت بها القوات الأمنية، أجبرت عناصر داعش على التراجع، ووجودهم حاليا في مناطق صحراوية، لا يشكل تهديدا على الوضع الأمني إطلاقاً”.

مختتما حديثه بالقول: “التقارير الإعلامية، بشأن عودة هجمات داعش للعراق، وأعداد مقاتليه، فيها مبالغة كبيرة. ووسائل الإعلام والمراكز البحثية تبحث عن الإثارة في كثير من الأحيان، أما الواقع على الأرض فيشير لاستقرار الأوضاع الأمنية، وعدم قدرة داعش على التنقل والتحرك بسهولة”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.