تمر اليوم الذكرى 15 على رحيل الشاعرة العراقية الكبيرة نازك الملائكة، عندما توفيت في القاهرة بتاريخ 20 حزيران/ يونيو 2007، عن عمر ناهز 84 عاما.

ولدت الملائكة في العاصمة العراقية بغداد بتاريخ 23 ٱب/ أغسطس 1923، وسط بيئة أدبية وأسرة مثقفة. أمها هي الشاعرة سلمى الملائكة، ووالدها هو المؤلف صادق الملائكة.

تعد نازك من رواد الشعر العربي الحديث، درست في “دار المعلمين العالية”، وحصلت على الماجستير عام 1959 في الأدب المقارن من “جامعة ويسكونسن ماديسون” في الولايات المتحدة الأميركية.

سر تسمية نازك الملائكة

وفق عدد من المصادر والتقارير التي اطلع عليها “الحل نت”، فإن نازك الملائكة سميت بهذا الاسم تيمنا بالثائرة السورية نازك العابد، التي واجهت الاحتلال الفرنسي آنذاك.

https://youtu.be/oi4puLP0J00

كان والدها الأديب والباحث صادق الملائكة، يدرّس اللغة العربية في المدارس الثانوية وترك مؤلفات عديدة مهمة، منها “دائرة معارف الناس”، فتعلّمت نازك القراءة بصورة مكثّفة على يديه.

والدتها الشاعرة سلمى عبد الرزاق الملائكة، كانت تكتب الشعر العمودي وتنشره في الصحف المحلية باسم مستعار هو “أم نزار الملائكة”، وحفظت ابنتها على يدها جميع عروض الشعر وأوزانه، لتبدأ نازك كتابتها الشعر، وهي في سن العاشرة.

أطلقت نازك مجموعتها الشعرية الأولى “عشاق الليل” عام 1947، وكتبتها بأسلوب الشعر العمودي التقليدي والمتعارف عليه منذ القدم، قبل أن تتوجه للشعر الحر الذي تعد من رواده.

ذلك التوجه بدأ بقصيدتها الأولى المغايرة في عالم الشعر “الكوليرا” عام 1947، عندما كانت تستمع إلى أخبار هذا المرض -الذي ضرب مصر- والعدد الكبير من ضحاياه حينذاك.

كتبت القصيدة في وقت لا يتجاوز الساعة لتجري مسرعة نحو أختها إحسان وتقرأ لها القصيدة الجديدة فلاقت إعجاب أختها، لتقتحم عالم الشعر الحر أو شعر التفعيلة.

حرب أدبية

على العكس من إحسان، لم تعجب القصيدة والد ووالدة نازك؛ لأنهما كانا يبحثان عن القافية في القصيدة، معللين ذلك بافتقارها إلى روح الشعر مع توقعات كبيرة بفشلها.

رغم أن قصائدها لم تلق أي ترحيب في بداية الأمر، وسط بيئة أدبية محافظة على الأساليب القديمة في الشعر، إلا أن الملائكة حققت نجاحا مبهرا في الأسلوب الشعري الحديث.

قصيدة “الكوليرا”، أثارت جدلا كبيرا بين نازك والشاعر بدر شاكر السياب، الذي نشر قصيدة “هل كان حبا؟” بالوزن الحر عام 1946، لتبدأ بعدها حرب أدبية لم تنته حتى اليوم، بشأن أولوية من ابتكر الشعر الحر وصاحب الريادة فيه.

قدمت الملائكة العديد من النتاجات الأدبية للعالم الشعري الجديد، منها دواوين “عاشقة الليل” 1947، و”شظايا ورماد” 1949، و”قرارة الموجة” 1957، و”شجرة القمر” 1968.

أصدرت نازك ديوان شعر بعنوان “مأساة الحياة وأغنية للإنسان” 1970، ولها أيضا “التجزئة في المجتمع العربي” 1974، و”للصلاة والثورة” 1977، ثم ديوان “يغير ألوانه البحر”.

كانت نازك الملائكة بحسب الناقد الأدبي العراقي أحمد الظفيري، ثائرة على التقاليد البالية، وعكست ذلك في شعرها، فكان كثير منه صرخة ضد ما تعانيه المرأة العربية، على حد تعبيره.

نازك وقضايا الدول العربية

حين تقيد المرأة عن الحب بصورة عامة، تتوقف عن حبها للحياة والوطن والأشخاص، وفق حديث صحفي للظفيري، الذي استشهد بمقطع للملائكة من قصيدة ” الزائر الذي لم يجئ” تقول فيه:

إن قيدي عار
وجمودي انتحار
ودمي صامت، والتقاطي معطل
آه لو أتحلل
من قيودي لكي أتذوق ضوءك
وأشارف نوءك
إن عطرك أعذب من كل شيء وأجمل

نارك الملائكة

الجميع كان يؤكد أن نازك الملائكة شاعرة وجدانية، لكن الظفيري يراها شاعرة إنسانية أولا، وعربية ثانيا، تشربت روحها بقضايا الدول العربية التي عاصرت ثوراتها وأيام تحررها، وأعطت للقدس أهمية خاصة وقتذاك، لا سيما في مجموعتها “للصلاة والثورة”.

عملت الشاعرة نازك الملائكة في جامعة بغداد أستاذة مساعدة، ثم انتقلت للتدريس في جامعة البصرة بعد زواجها بالدكتور عبد الهادي محبوبة الذي كان أستاذا في جامعة بغداد ثم أصبح رئيسا لجامعة البصرة عند انتقالهما معا.

نحّي زوجها عن رئاسة جامعة البصرة، ونُحيت عن تدريس الأدب العربي، فمضيا إلى الكويت ودرّسا في جامعتها، ثم غادرت إلى مصر بعد غزو العراق للكويت عام 1990، لتكمل حياتها هناك وتموت بهدوء في القاهرة بمثل هذا اليوم عام 2007.

15 عاما على رحيل نازك، لكنها كانت وستبقى، بحسب الكاتبة العراقية آية منصور، “الشاعرة التي كسرت أعمدة الشعر التقليدي بقصائدها الجديدة، لتخلق روحا أخرى وقوالب جديدة، وتترك أثرا لا يمحى وخالدا كما قصائدها”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.