السعودية، ومن خلال الجولة التي قام بها ولي عهدها محمد بن سلمان، في الأيام الماضية، تعمل على إعادة الدور العربي لمكانته، من خلال تعزيز قيادتها للمنطقة، خاصة مع تنامي الوجود الإيراني والتركي في سوريا، والدور الإيراني في اليمن، لذلك تناولت زيارة بن سلمان للأردن بشكل خاص، أبرز المواضيع المتعلقة بالمنطقة العربية، ومن بينها سوريا والخطر الإيراني فيها، والإمكانيات الموجودة لمواجهة هذا الخطر، وما إذا كان للبلدين أي دور في الحل السياسي من خلال البوابة العربية.

المساحة الضيقة

اجتماع وُصف بالمهم، عُقد بين الملك الأردني، عبدالله الثاني، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في عمان يوم الثلاثاء الماضي، خاصة مع التغيرات التي طرأت على العالم والمنطقة خلال الأشهر الماضية، وفيما يخص البلدين، فهناك الكثير من الرؤى المشتركة بينهما لمواجهة عدة قضايا بينها الملف السوري.

ولكن، وبحسب البيان الصادر عقِب اللقاء، تم التطرق إلى الحل السياسي في سوريا، بعبارة واحدة، وهي التشديد على ضرورة تكثيف الجهود للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية.

ويرى الصحفي الأردني، محمد العرسان خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن موضوع الحل السياسي في سوريا، لم يأخذ سوى مساحة ضيقة من اللقاء بينما، تم الحديث بشكل موسع عن مواجهة التواجد الإيراني في سوريا.

من جهته، قال الصحفي الأردني، إياد خليفة، لـ”الحل نت”، أن كلا من الأردن والسعودية، كانتا توليان الاهتمام بالملف السياسي، قبل العام 2018، ولكن بعد ذلك تُرك الملف بيد روسيا، بعد إجماع شبه دولي في ذلك الوقت.

وأضاف خليفة، إن الاهتمام بالملف السياسي السوري حاليا مؤجل بالنسبة للبلدين، خاصة مع تصاعد الخطر الإيراني على الحدود الشمالية للأردن، ما دفع بالملفين الأمني والعسكري إلى الواجهة.

إقرأ:من جديد.. مشروع “ناتو عربي” فما علاقة الأردن والسعودية؟

إيران والناتو العربي

في تصريح نُشر اليوم، قال الملك عبد الله الثاني، في مقابلة مع قناة “سي إن بي سي آي” الأميركية، “سندعم تشكيل أي تحالف عسكري في الشرق الأوسط مشابه لحلف شمال الأطلسي، ويمكن أن يتم ذلك مع الدول التي لها نفس التفكير”.

ويرى محمد العرسان، أن الحديث الذي دار بين الملك عبدالله، ومحمد بن سلمان، حول الخطر الإيراني، هو جزء من التوجه الأردني السعودي الخليجي، لإنشاء حلف “ناتو” عربي ضد إيران، تكون إسرائيل جزءا منه، مبينا أن التواجد الإيراني في جنوب سوريا بشكل خاص، أخذ حيزا كبيرا من هذه المباحثات.

إياد خليفة، من جهته، أشار إلى القلق الأردني من التواجد الإيراني على حدوده، خاصة بعد الانسحابات الروسية التي مكّنت إيران من التمدد بشكل أكبر، ولذلك أُعيد طرح هذا الملف في الاجتماع الأردني السعودي، لتأثر كلا الطرفين بعمليات تهريب المخدرات، والسلاح التي تتم عبر الجنوب السوري، والتي تعتبر السعودية الهدف الأكبر لها.

الدكتور بدر الماضي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الألمانية الأردنية، قال في حديث سابق لـ”الحل نت”،إن إيران أصبحت تهديدا استراتيجيا لا يمكن تجاهله، بالنسبة للأمن القومي العربي، من خلال النفوذ الذي تسعى إيران لتوسيعه أو تثبيته في عدة دول عربية، كسوريا والعراق واليمن ولبنان، وهذا التهديد لم يعد بالإمكان التغاضي عنه، والتصعيد الإيران لا بد مِن أن يواجهه رفعاً للتكلفة السياسية والأمنية والعسكرية العربية لمواجهة إيران، حتى تنسحب من هذه الدول.

وأوضح الماضي أن هناك تكاملا في وجهات النظر بين السعودية والأردن فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني، فإيران أصبحت جارا على الحدود الأردنية بعد سيطرتها شبه الكاملة على الجنوب السوري، مضيفا أن الخيارات الأردنية، كانت دائما قريبة من التوجهات السعودية، لذلك لا مانع لدى الأردن من تحركات مشتركة وتعاون عسكري في المستقبل، حيث شهدت علاقات البلدين تعاونا مماثلا له سابقا في اليمن وقضايا أمنية أخرى.

قد يهمك:الأردن على خط مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا.. ما الذي سيحصل؟

البوابة العربية فشلت بجذب دمشق

العلاقات العربية السورية، شهدت خلال السنوات الثلاث الماضية تحولات مختلفة، فقد أعادت فيه بعض الدول علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، كان آخرها تعيين البحرين سفيرا فوق العادة لها في دمشق، ولكن لم ينتج عن العلاقات التي عادت مع حكومة دمشق أي آثار إيجابية على هذه الدول أو على سوريا، وخاصة الشعب السوري.

التواجد الإيراني في سوريا، وسيطرة إيران على معظم القرار السوري، كانت أسبابا مهمة لنجاح ما سُمي بالتطبيع العربي مع دمشق.

محمد العرسان، أشار إلى أن الأردن قام بفتح خط للعلاقات مع دمشق بعد العام 2018، وذلك من أجل التبادل الاقتصادي، ومن أجل ضبط الحدود بين البلدين، ولكن ذلك لم ينجح بسبب إفشال الميليشيات الإيرانية له، من خلال تواجدها على الحدود الأردنية.

وفي سياق متصل، فإن دمشق تولي أهمية لإيران أكثر من الدول العربية، ففي لقائه الأخير مع قناة “روسيا اليوم”،، شدد الرئيس السوري بشارالأسد، على أن علاقته مع إيران “لا يمكن أن تحددها أي دولة”.

لذلك، فإن المحاولات العربية لإبعاد سوريا عن إيران تبوء بالفشل، بحسب حديث الكاتب السياسي حسان الأسود، لـ”الحل نت” في وقت سابق، حيث أوضح أن ارتباط دمشق بطهران ارتباط بنيوي، ولا يوجد هناك أي مغريات تدفع الأسد للتخلي عن هذا الحلف الاستراتيجي، فالأسد يلعب على التناقضات بين روسيا وإيران، ومصالحهما بالدرجة الأولى، ويبتز الخليج ودول المنطقة بأكملها من خلال الوجود الإيراني في سوريا، فهو لديه ورقة ضغط قوية لا يمكنه التنازل عنها.

وأضاف الأسود، أن مساعي الدول العربية وجهودها لهذا التقارب، لن يأتي بأي نفع على هذه الدول، ولا على القضية السورية والشعب السوري، بل سيزيد الأمور سوءا، لأن هذه العلاقات، وما يمكن تقديمه من دعم لدمشق، سيفتح الباب لإعادة تأهيل هذه الحكومة، التي ارتكبت جرائم بحق الشعب السوري لا يمكن وصفها، أي سيمكنها من الاستمرار في نهجها ضد الشعب.

إقرأ:محمد بن سلمان يزور أردوغان.. ما مصالح السعودية وتركيا؟

اللقاء الأردني السعودي، ولقاءات ولي العهد السعودي الأخرى في جولته، تشهد ترتيبات عسكرية وسياسية، تسبق قمة الرئيس الأميركي جو بايدن، مع دول الخليج والأردن ومصر والعراق في السعودية، في الشهر القادم، وهي قمة مهمة، حيث سيتم إعادة تشكيل بعض الأمور ضمن رؤية استراتيجية جديدة للمنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة