على إثر استدعائه للتحقيق أمام القضاء في 19 تموز/ يوليو الجاري، بتهم رسمية ضد زعيم حركة النهضة الإخوانية في تونس، راشد الغنوشي، بالتورط في جرائم إرهابية وتبيض للأموال، شرع الأخير في توجيه تهديدات بإشعال الشارع التونسي، ما سيؤدي بالتالي إلى إحداث أزمة سياسية في البلاد.

فتح ملفات الفساد

وفق تقارير صحفية، ينظر مراقبون إلى التحقيق مع الغنوشي بمثابة فرصة طال انتظارها، للكشف عن خبايا جرائم الاغتيالات السياسية وتبييض الأموال والإرهاب التي عرفتها تونس في زمن حكم الإخوان خلال السنوات العشر الأخيرة.

وبعدما قررت النيابة العامة فتح تحقيق ضد مسؤولين سابقين وحاليين من جمعية “نماء تونس” الخيرية، من أجل جرائم تبييض وغسيل الأموال والاشتباه في تمويل أشخاص أو تنظيمات مرتبطة بالإرهاب سواء داخل الأراضي التونسية أو خارجه، تم استدعاء الغنوشي من قبل قاضي التحقيق.

وإزاء ذلك، تم استدعاء الغنوشي كمتهم في القضية إلى جانب نجله معاذ الغنوشي وصهره وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام، ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي الذي اعتقل، مؤخرا، وتم الإفراج عنه ليبقى على ذمة التحقيقات في القضية ذاتها، وفق تقرير تقارير صحفية.

وكانت لجنة التحاليل المالية قد سمحت في وقت سابق للبنوك التونسية بتجميد أموال الغنوشي وابنه وصهره رفيق عبد السلام، والأمين العام السابق للحركة حمادي الجبالي وابنتيه.

بدورها، أكدت المحامية إيمان قزارة، عضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية التونسية، أن القضاء التونسي وجه تهمة الإرهاب رسميا إلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي و32 شخصية أخرى، موضحة أن الجرائم المرتكبة من قبلهم تتعلق بالانتماء إلى تنظيم إرهابي وغسيل الأموال.

كما صدر عن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بمدينة أريانة قرارا بمنع سفر راشد الغنوشي، على خلفية ملف الجهاز السري لحزبه والقضية التي تقدمت بها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي في وقوف الجهاز السري وراء عمليات الاغتيالات السياسية.

ووفق تقارير صحفية، فإن هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي سبق أن اتهمت القضاء بالتواطؤ والمماطلة في كشف الحقيقة والتغطية على تورط الإخوان في ملفات خطيرة، كما انتقد حقوقيون تلكؤ القضاء في حسم ملف الاغتيالات وتسفير الشباب لبؤر التوتر.

تهديد بإشعال الشارع التونسي

على طرف آخر، قال الغنوشي لوكالة “رويترز” للأنباء، الجمعة الفائت، إن “السيناريو السريلانكي غير بعيد عن تونس”، في إشارة لإمكانية مهاجمة القصر الرئاسي وإسقاط منظومة الجمهورية الجديدة.

وتابع في تصريحه، إنه دعا أنصار حزبه إلى الاحتجاج في 19 من تموز/يوليو الجاري، وهو اليوم الذي سيواجه فيه الجلسة القضائية، وأضاف أن “تفاقم المشكلات الاقتصادية والانشغال بالتركيز على التغيير السياسي فقط، قد يلقي بتونس في متاهات انفجار اجتماعي”، لافتا إلى أن الأجواء السائدة في الفترة التي تسبق استفتاء 25 تموز/يوليو “غير ديمقراطية.. باردة وجنائزية”.

وأوضح أن “خطابات الرئيس التونسي قيس سعيد لا يمكن أن تترجم إلا إلى صدامات وفوضى واغتيالات وحرق… تونس قد تصل إلى نقطة المجاعة “.

وتعليقا على تصريح الغنوشي، قال أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي في تدوينة على منصة “فيسبوك”، إن “سيناريو الإطاحة بالرئيس ومهاجمة قصر قرطاج وهمٌ لا يوجد إلا في ذهن راشد الغنوشي فقط”.

ودعاه إلى “استيعاب الدرس عندما خرج جزء كبير من الشعب لطرد حزبه من الحكم بعد أن تغلغل الفساد في عهده وضعف القرار السياسي وتراجعت قوة الدولة وترهلت”.

كما واعتبر الخرايفي حديث الغنوشي “رسالة لأنصاره كي يمارسوا العنف والفوضى، وهذا منزلق لا يمكن التكهن بنتيجته على الحركة وأنصارها وعلى استقرار البلاد وأمنها”، مضيفا أن “الدولة التونسية ستدافع عن نفسها بإنفاذ القانون بالقوة”.

قد يهمك: جيبوتي بلد القواعد الدولية.. لماذا تستهدفه مطامع الصين؟

تخوفات من تصعيد العنف

في المقابل، كشف مسؤول تونسي، السبت الفائت، أن لجنة حقوق الإنسان للبرلمانيين بالاتحاد البرلماني الدولي طلبت إيضاحات عن أسباب التحقيق مع الغنوشي.

جاء ذلك وفق منشور لمساعد رئيس البرلمان المنحل ماهر المذيوب، نشرها على حسابه الشخصي على منصة “فيسبوك”، وأردف المذيوب فيه، إن “لجنة حقوق الإنسان للبرلمانيين بالاتحاد البرلماني الدولي طلبت إيضاحات عن أسباب تجميد الحساب المصرفي للغنوشي، ومنعه من السفر وأسباب الاستماع له (التحقيق معه) يوم الثلاثاء المقبل”.

ووفق المذيوب، فإن ذلك جاء بعد أن “قبلت اللجنة النظر في الشكوى التي كان تقدم بها الغنوشي” دون مزيد من التفاصيل.

ويخشى متابعون من ارتفاع حالات العنف وتطوير المشهد السياسي في تونس في فترة الاستفتاء على الدستور بعد التهديدات الخفية والمعلنة التي يطلقها الإسلاميون وأتباعهم من حين لآخر.

وفي حزيران/ يونيو الماضي قال رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي في شريط مصور على منصة “فيسبوك” إن “المقاومة المواطنية يجب أن ترتفع إلى أعلى مستوياتها ليتحول يوم 25 تموز/ يوليو من عرس للانقلاب إلى مأتم للانقلاب”.

هذا وتعاني تونس منذ 25 تموز/يوليو 2021، أزمة سياسية حادة، حيث فرض سعيد آنذاك إجراءات استثنائية، منها حل البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى.

قد يهمك: دمشق تذهب إلى أحضان تونس والجزائر.. ما الذي تريده وماذا ستحقق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.