في ظل معاناة معظم المحافظات السورية من تدهور ملحوظ في القطاع الصحي ازداد مؤخرا، مع ازدياد هجرة الأطباء بسبب تدني الأجور وسوء البنية التحتية في المستشفيات العامة. أعلنت وزارة الصحة السورية، يوم أمس الإثنين، عن افتتاح مشفى “الشيخ محمد بن زايد” الميداني قرب قصر المؤتمرات في ريف دمشق.

بدعم من الهلال الأحمر الإماراتي

وزارة الصحة، قالت عبر منشور في صفحتها الرسمية على منصة “فيسبوك“، إن المشفى سيضم 135 سريرا، 40 منها مخصصة للعناية المشددة.

ونقلت عن وزير الصحة حسن الغباش، قوله إن “اختيار مكان المشفى جاء ليغطي منطقة الغوطة ومناطق جغرافية واسعة بريف دمشق تضم نحو مليون نسمة”، موضحا أنه يضم كامل التجهيزات مثل أجهزة الأشعة، والطبقي المحوري والمنافس، إضافة إلى مخبر وقسم عناية مشددة.

وأوضح الغباش، أن افتتاح المشفى جاء بدعم هيئة الهلال الأحمر الإماراتية، وذلك في إطار الاستجابة الإنسانية لجائحة كوفي-19.

يذكر أن مصدرا في صحة حلب، سبق وأفاد لموقع “أثر برس” المحلي، بأنه يجري العمل على إنهاء وتجهيز مشـفى إماراتي من منظمة “الهلال الأحمر الإماراتي” مقدم لوزارة الصحة السورية، ليكون ثاني مشفى إماراتي في سوريا.

لا علاقات اقتصادية متينة

لا علاقات اقتصادية رسمية بين أبوظبي ودمشق، ولا تطبيع سياسي حالي دون الانتقال السياسي الكامل في الملف السوري، هي شروط واضحة أعلنتها الدول الفاعلة في الملف السوري، حتى قبل زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات في آذار/مارس الماضي، منذ أن حذرت الدول الغربية، الإمارات أو أي دولة عربية يمكن أن تتقارب مع دمشق سياسيا واقتصاديا، إبان افتتاح السفارة الإماراتية بدمشق عام 2018.

الباحث في العلاقات الدولية، محمد ربيع الديهي، اعتبر خلال حديث سابق لـ “الحل نت”، أن زيارة الأسد إلى الإمارات، قبلتها أبوظبي في محاولة لتحجيم النفوذ المعادي للدول العربية، وعلى رأسها الدور الإيراني ومخططاته في المنطقة، إضافة إلى الدور التركي الذي يلعب أيضا ربما تهديد لدول المنطقة وخاصة سوريا، وفق اعتباره.

وإن إعادة العلاقات بين البلدين لا تعني الأهمية الكبرى لحكومة دمشق عموما، أو تقوية دورها الاقتصادي بشكل خاص، الذي بات ينهار يوما بعد يوم، خاصة مع انخفاض الليرة السورية أمام الدولار وارتفاع في الأسعار، دون أن تقوم دمشق بوضع خطة لكبح جماح هذا التدهور.

وبحسب مراقبين، فإن أي تقوية للعلاقات الاقتصادية بين دمشق وأبوظبي أو حتى بين دمشق وبين أي طرف آخر، في ظل رفض دولي لأي تطبيع مع دمشق دون تحقيق عملية انتقال سياسي كاملة في سوريا. لن يعيد أي شرعية لحكومة دمشق.

وافتتاح مستشفى إماراتي اليوم في ريف دمشق، من قبل “الهلال الأحمر الإماراتي”، دون أي لفتة أو إصدار رسمي من قبل دولة الإمارات أو وزارة الصحة الإماراتية، وهذا المشفى يُعد صغيرا أي على مستوى اقتصادي خجول، يوحي بأن أبوظبي لا تنوي القيام بفتح قنوات اقتصادية مع دمشق، أو فتح باب الاستثمار أو الدعم الاقتصادي على مستويات كبرى وطويلة المدى في سوريا، خاصة وأن دول الخليج حذرة في تعاملها مع دمشق، نظرا لتبعية الأخيرة لإيران وأجندتها.

قد يهمك: فوضى في أجور الأطباء بسوريا.. سرقة جيوب السوريين مسموحة!

تدهور القطاع الصحي

مناطق سيطرة الحكومة السورية، تعاني من تدهور كبير في القطاع الصحي، وازداد مؤخرا مع ازدياد هجرة الأطباء بسبب تدني الأجور وسوء البنية التحتية في المستشفيات العامة.

وأدى نقص الأطباء، وخاصة أطباء التخدير، إلى إغلاق مشفى التوليد وأمراض النساء الجامعي بدمشق أبوابه بوجه أي حالات مرضية إسعافية، مطلع الشهر كانون الثاني/يناير الماضي، وأوقفت جميع القبولات الخاصة بذلك لعدة أيام.

وهذه المرة الأولى، التي يغلق فيها مشفى حكومي أمام المرضى والقبولات الإسعافية، من دون أي تحرك يُذكر من قبل الجهات المعنية، أو تدخل إسعافي عاجل.

كما وهناك فوضى في أجور وتسعيرة الأطباء بشكل عام، وخاصة في العيادات والمستشفيات الخاصة، حيث تصل الكشفية الواحدة إلى أرقام “خيالية” تفوق قدرة معظم السوريين اليوم، وسط غياب أي دور أو دعم حكومي ضمن هذا الإطار.

إذ برر رئيس فرع نقابة الأطباء في ريف دمشق خالد موسى، هذه الفوضى بسبب التأخير في إصدار التعرفة الطبية الجديدة، موضحا في حديثه لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الثلاثاء، أنه لا يمكن محاسبة أي طبيب على تجاوزه للتعرفة الحالية التي لا تتجاوز 700 ليرة، بينما في المقابل أسعار المواد الطبية مرتفعة إضافة إلى الظروف المعيشية الصعبة.

وقد تداولت مؤخرا، أحاديث كثيرة حول قيام الأطباء برفع تسعيرة المعاينات الطبية، حيث بلغ بعضها نحو نصف راتب موظف حكومي، أي أكثر من 45 ألف ليرة سورية.

وبعد ورود معلومات عن تقاضي بعض الأطباء بدمشق 45 ألف ليرة سورية للمعاينة الطبية، أوضح نقيب أطباء دمشق في تصريح إعلامي سابق، أن “سعر الكشف يتوقع أن يتراوح بين 10 و 20 ألف ليرة، ومهما ارتفعت ستكون ظالمة للطبيب”.

بينما نقيب أطباء دمشق، عماد سعادة، خلال حديثه مع برنامج “حديث النهار” على إذاعة “شام إف إم” المحلية، أواخر شهر آذار/مارس الفائت، قال إنه “لم تصله أي شكوى حول تقاضي أحد الأطباء بدمشق معاينة 45 ألف ليرة” بينما لم ينفِ المعلومة المتداولة”.

ونوّه إلى أنه “نتيجة الظروف التي طرأت خلال السنوات الماضية، فمن المفترض أن تعدل كل ثلاث سنوات، وبالتالي التسعيرة الحالية غير واقعية ولا يوجد التزام بها”.

وبحسب وسائل إعلام محلية، مؤخرا، هناك شكاوى كثيرة بخصوص تقاضي الأطباء على معايناتهم مبالغ كبيرة، تصل أحيانا إلى قرابة 50 ألفا، فيما طالب البعض بضرورة ضبط هذا الأمر ومراقبة الكشف الطبي، حتى يكون عادلا للمريض والطبيب في الوقت نفسه.

قد يهمك: 16 ألفاً.. “الكشفية” الجديدة للأطباء في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة